برد وثلوج… المغرب المتجمد

موجة صقيع تضاعف المعاناة والسلطات العمومية تطلق برنامج إنقاذ تتوحش موجة البرد القارس في الجبال والمرتفعات والمناطق القريبة منها، إذ يجد آلاف السكان صعوبة في المواجهة والتأقلم، وسط نقص كبير في وسائل التدفئة وانقطاع بعض المسالك والطرق والممرات بطبقات سميكة من الثلوج. وعزلت سوء الأحوال الجوية قرى ومداشر في أعالي جبال الأطلس والريف، وتجمدت حقول الزراعة، بسبب الصقيع، واضطر السكان إلى بذل مجهودات كبيرة لتوفير الكلأ والماء لقطعان الماشية في موسم مازال يخيم عليه الجفاف. وعانى الرحل وقاطنو الخيام في مناطق الشرق كثيرا من فترة صقيع استثنائي، إذ كثفت السلطات العمومية والأطر الطبية مجهوداتها للوصول إلى الحالات المستعجلة، والاستعانة بالجرافات لإزالة الثلوج من ممرات العبور. وحتى وسط المدن، التي ينعم سكانها بالدفء نسبيا، تتحول ظاهرة المتشردين، تدريجيا، إلى مصدر قلق، إذ تتعبأ مصالح الولايات والعمالات، منذ أيام، لإحصاء وتجميع الأطفال والشيوخ واليافعين في مراكز إيواء مؤقتة، تفاديا لسقوط ضحايا وموتى. ي.س الحطب يحرق الجيوب بالأطلس سكان يواجهون مصيرهم بأنفسهم في غياب الدعم وغضب على ضعف التدخلات وانتقائية بعضها يرزح سكان بمناطق جبلية متفرقة بجهة فاس، تحت رحمة برد قارس لا يرحم أجساد الصغار والكبار ولا العجزة والمرضى منهم، ممن لا يتحملون ظروفه وضيق ذات اليد العاجزة عن توفير تكاليف حطب تدفئة التهبت أسعاره ولم تعد لهم قدرة على شرائه، أمام محدودية مبادرات الدعم الجمعوي، فيما المسؤولون عن معاناتهم غافلون. صور معاناتهم من قسوة الطبيعة والإنسان، جلية بنقط متفرقة في إفران وبولمان وصفرو وتازة، حيث يتدبرون أمورهم لوحدهم في ظل محدودية حيلهم وظروفهم الاجتماعية المزرية وغلاء المعيشة وثمن الحطب الذي يحرق جيوبهم، قبل أن يحترق ويدفئ أجسادهم، في جو انخفضت فيه درجة الحرارة بشكل غير مسبوق لما تحت الصفر. أقل من 14 درجة تحت الصفر، رقم يؤشر عليه التيرمومتر سيما بالأطلس المتوسط ويفزع كل من يعيش به وبمناطق ممتدة من إيموزار كندر إلى إفران وأزرو، حيث العيش صعب تحت رحمة صقيع وبرد قارس لا يرحم من لا إمكانيات ووسائل له لدرئه وتحاشيه، خاصة حيث يوجد رعاة دفن الثلج مساكنهم البلاستيكية. معاناتهم لا تنتهي في ميشلفين وجبل هبري وفي الطريق إلى تمحضيت وما يتفرع عنها من مسالك إلى كيكو وبولمان، وزادت بنسبة كبيرة في هذه الأيام، حيث غطت الثلوج الجبال وانخفضت درجة الحرارة بشكل يعجز معه كثيرهم على تدبر أمور التدفئة، طالما أن ظروفهم لا تسمح بشراء أفران كهربائية أو حطب تدفئة فاق ثمنه الألف درهم. حتى جمعه من الغابة غير ممكن خوفا من ذعائر مسؤولي قطاع المياه والغابات وزعوا أفرانا صديقة للبيئة دون العدد الكافي لتغطية كل التجمعات السكانية، ليس فقط في هذه المواقع، بل بمختلف المناطق الجبلية بإيموزار مرموشة والمرس والعنوصر وفي اتجاه جبل بويبلان حيث تزداد قساوة الطبيعة وحدة البرد و"التهميش". "الأجواء باردة جدا ومعاناة الناس لا تختصر في كلمات ورأي. من لا يعيش ولم يعش بين الجبال ولم يذق مرارة وعذاب البرد، لا يمكن أن يحس بما يعانيه هؤلاء خاصة في ظل قلة ذات اليد والأزمة والغلاء" يقول رشيد بنمحو فاعل جمعوي من بولمان، متحدثا عن غياب أي تدخل رسمي، اللهم "جمعية واحدة وزعت إعانات بانتقائية". عمالة تاونات على عكس ذلك وزعت ملابس وأغطية على تلاميذ وسكان بالمناطق الباردة بغفساي وطهر السوق، وفاء لتقليد سنوي تحافظ عليه، كما عمالة تازة التي اتخذت تدابير احترازية لمنح مساعدات الخدمات العلاجية عبر حملات طبية واستقبال الأشخاص بدون مأوى وتتبع الحوامل وتنظيم عمليات إزاحة الثلوج. وقس على ذلك مبادرات أخرى منها التفاتة الجمعية الإقليمية لتنمية المناطق الجبلية التي وزعت مواد غذائية على أسر بتمحضيت وألبسة للأطفال سيما بدواوير كنفو وتاغية والكتارات، فيما تنظم جمعيات أخرى قوافل تضامنية لتوزيع مساعدات غذائية وألبسة وأغطية على سكان المناطق الأكثر تضررا من موجة البرد والثلوج. حميد الأبيض (فاس)

برد وثلوج… المغرب المتجمد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نقابيون يرفضون وصفة إصلاح التقاعد

نصف أندية القسم الأول ممنوعة من الانتداب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات