فضاءات جديدة تلعب دور المصالحة مع الهوية لصناعة جيل ينطلق من الذات أصبح بإمكان الشباب والأطفال المغاربة، الوقوف على أرضية صلبة في قضية التاريخ والهوية، فبعد عقود تلت الاستقلال، سيطر فيها مكون وحيد في الثقافة المغربية، تراجع المغرب عن هذا الاختيار، وشرعت الحكومة الحالية في تسريع هذه الخطة، بفتح فضاءات للمصالحة مع التاريخ والهوية. وفي أسبوع واحد فقط، فتح فضاءان بالرباط، سيكون لهما تأثيرهما القوي في تشكيل الهوية وذات الجيل الصاعد، ويتعلق الأمر بمعرض أسد الأطلس بحديقة الحيوانات بالرباط، ومتحف الحلي بقصبة الوداية، والذي يضع بين أيدينا قطعا ولقى تاريخية، تمكن المغربي من رسم صورة ذهنية على الطريقة التي عاش بها مغاربة القرون السابقة، والحضارة التي بنوها وما تزال مستمرة إلى اليوم. وتكمن أهمية هذه المعارض والمتاحف، في استقطابها للأطفال، سواء المرفوقين بأسرهم، أو الذين يأتون بشكل جماعي في إطار الزيارات المدرسية، وكذا المنخرطين في الجمعيات، ومن شأن هذه الزيارات أن تضع الطفل في مواجهة مباشرة مع تاريخه، بشكل يجعله يتشبث به ويعتز به، عكس ما كان معمولا به قبل سنوات وعقود، عندما عاش جزء من المغاربة اغترابا في الشرق، وجزء آخر في الغرب. وأما معرض أسد الأطلس، فيعتبر من أفضل الفضاءات التي يمكن زيارتها، وتوفر للطفل والشاب والأسر عامة رحلة تمتد إلى 110 آلاف سنة، إذ يمكن للزائر، أن يقف على جماجم وقطع عظمية للأسد المغربي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وصور تعود إلى عهد الرومان، وأخرى في فترة الاستعمار، وكيف تفاعل المغاربة واهتموا بهذا الحيوان، وأهم ما في الزيارة أنه يمكن مشاهدة 40 أسدا أطلسيا في الحديقة، موزعة بين أشبال وأسود بالغة ولبؤات. وليس معرض الأسد ومتحف اللقى مبادرة شاردة، بل يدخل هذا الأمر في خطة كبيرة، ومن مظاهرها تدشين بيت الذاكرة في الصويرة، وإلزام المؤسسات التعليمية على تنظيم زيارات لفائدة التلاميذ إليها، الأمر نفسه بالنسبة إلى عدد من المناطق التاريخية التي رممت في الفترة الماضية، وفتحت قبل فترة في وجه الزوار المغاربة والأجانب، خاصة في مراكش وفاس، من قبيل مدرسة ابن يوسف وضريح مولاي ادريس بفاس، وجامعة القرويين وقصر الباهية وغيرها من الفضاءات. وتأتي هذه المبادرات الأخيرة، في إطار قانوني ودستوري، إذ تستمر الدولة والحكومة في تنزيل مضامين الدستور، التي أنصفت جميع المكونات الثقافية المغربية، التي تقوي حس الانتماء وانتاجية الأشخاص، وتربيهم على الاحترام والعيش المشترك. عصام الناصيري