“بوديوم” في القلوب

«فيفا مافيا» تصدح في مدرجات الملعب والجماهير تصفق للاعبين كان لا بد أن ينهي المنتخب الوطني مونديال قطر بأبهى صورة، حتى يرتقي إلى الأعلى، خصوصا بعدما ذاع صيته وأصبح حديث العالم، لما أظهره من حضور قوي في ملاعب الدوحة. 28 يوما كانت كافية، كي يظهر الأسود أنهم جديرون بالاحترام والتقدير، فبلوغ المربع الذهبي، يعد إنجازا تاريخيا لم يبلغه أي منتخب إفريقي وعربي على مر تاريخ كأس العالم، لهذا خاض المنتخب الوطني مباراة كرواتيا برغبة أقوى في الصعود إلى منصة التتويج، ثالث أفضل منتخب في العالم، إلا أن الأمتار الأخيرة خانته، كما خانته إصابات اللاعبين المتكررة. ولم يكن المنتخب ليحقق هذا المجد كله، لو لا اجتهاد المدرب وليد الركراكي وإصرار اللاعبين على ترصيع واجهة المغرب، رياضيا، ودعم الجماهير، التي خطفت الأنظار إليه، منذ أول مباراة للأسود أمام كرواتيا في 23 نونبر الماضي، في افتتاح المجموعة السادسة. واعتبر الجمهور السند الحقيقي للمنتخب الوطني، وصنف من بين أفضل الجماهير، التي أشعلت مدرجات الملاعب الثمانية، التي احتضنت مباريات المونديال، ما أثر إيجابيا على عطاء اللاعبين، مع أنه عانى الأمرين بسبب قلة التذاكر وطرحها في السوق السوداء بأثمان باهظة. التذاكر مرة أخرى رغم أن الجماهير توافدت على الدوحة مبكرا، قادمة إليها من المغرب وبعض الدول الأوربية، من أجل متابعة مباراة الترتيب، إلا أن دخول ملعب خليفة الدولي لم يكن سلسا ومرنا، بقدر ما وجد مناصرو الأسود صعوبات بالغة في الحصول على التذاكر من منصة الاتحاد الدولي لكرة القدم. ورغم سعي الجامعة إلى توزيع التذاكر على المشجعين ساعات قليلة قبل انطلاق مباراة كرواتيا، بتنسيق مع السلطات الأمنية القطرية، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتمكين العديد منهم من الدخول إلى الملعب. واستغربت مغربية مقيمة في فرنسا عدم طرح التذاكر للبيع ونفادها "جئت من فرنسا رفقة ابني لتشجيع المنتخب، لكنني فوجئت باستحالة التوفر عليها، لا يهم إن دفعت ألفي ريال (7آلاف درهم)، والمشكل فينا هي". ولعل قلة التذاكر وصعوبة التوفر عليها وغلائها في السوق السوداء فرضت على العديد من المشجعين متابعة المباراة من مقاهي المركز التجاري "فيلاجيو»، المحاذي للملعب. ولا تكاد تسمع سوى عبارات واحدة تتكرر، كلما اخترقت فضاءاتها "خويا واش عندك شيتيكي». اختفاء منتوجات المنتخب نفدت منتوجات المنتخب الوطني (أقمصة وقبعات ورايات) في معظم أسواق الدوحة، بالنظر إلى الإقبال الكبير عليها من قبل الجماهير المغربية والعربية. واختفت قمصان المنتخب الوطني من معظم المراكز التجارية ساعات قليلة قبل انطلاق المباراة. وعندما تسأل تاجرا عن قميص الأسود، أو علم المغرب،أو أي شيء آخر يرمز إلى المغرب، الذي أبهر العالم، يرد عليك "لا وجود لمنتوجات هذا البلد، لقد نفدت بالكامل. هل تريد أخرى للأرجنتين، أو البرازيل، أو فرنسا...». ورغم ارتفاع أثمان الأقمصة بمختف أنواعها في متاجر الدوحة، إلا أن الإقبال عليها ارتفع بشكل كبير منذ انطلاق المونديال، خصوصا بعد تأهل الأسود إلى الدور الثاني، فربع النهائي، ثم المربع الذهبي. مازلتم أسودا «نحن فخورون بكم شرفتمونا. قدمتم مستويات رائعة. شكرا للمغرب. فخر العرب. مازلتم أسودا"، بهذه العبارات توجهت الجماهير العربية، قطرية وسعودية وإماراتية وتونسية، إلى كل مغربي يتجول وسط الدوحة، للتبضع، قبل العودة إلى أرض الوطن. واعتبر معظم هؤلاء في حديثهم "إلى "الصباح" أن خسارة الأسود في نصف نهائي أمام فرنسا، لا تعني أن منتخب المغرب خفت بريقه وشعبيته بين محبيه، بل مازال لاعبوه كبارا، كيف لا، وهم قهروا كبار القارة الأوربية، هكذا علق نادل مقهى "فزتم على بلجيكا وكندا وإسبانيا والبرتغال، وكنتم قريبين من تجاوز فرنسا لولا أخطاء التحكيم». حظي المنتخب ولاعبوه بتقدير العالم، وانتزع احترام جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، عندما أكد في ندوته الصحافية، أن تألق منتخب الأسود ولمعانه من مميزات مونديال قطر 2022". داري وطلب زفاف كانت الجماهير المغربية حاضرة بقوة، رغم مشاكل التذاكر وصعوبة اقتنائها، وملأت جنبات ملعب خليفة الدولي، وأشعلت مدرجاته بأهازيجها وأناشيدها المعتادة و"سير وسير تماركي» و»جيبوها يالولاد» و»ألي...ألي و»واللي ما تبومبا ما شي مغربي". ولم ينتش منتخب كرواتيا بهدفه المبكر سوى دقيقتين، حتى أشعل أشرف داري المدرجات برأسية أسكنت الكرة في مرمى الحارس الكرواتي دومنيك ليفاكوفيتش، وواصل المشجعون هتافاتهم واحتجاجاتهم على «فيفا» جراء هفوات التحكيم التي ارتكبت في مباراة فرنسا. ولأن الجمهور المغربي أبدع في المونديال بطريقة تشجيعاته، وأناشيده، التي وصل صداها إلى العالم، قرر مشجع مغربي طلب زواج من صديقته في منصة المدرجات، في واقعة طريفة استحسنها الجميع، بمن فيهم الصحافيون، الذين هرولوا تجاه الخطيبين، لتوثيق الحدث الاستثنائي، قبل تعميمه. عروض فنية استغل المنظمون الاستراحة بين الشوطين، لبرمجة عروض فنية أبدعت فيها فرق موسيقية، كما لو أن الأمر يتعلق بحفل ختامي صغير، لإضفاء أجواء احتفالية على مباراة تحديد المركز الثالث، قبل أن يقتحم الملعب أزيد من 10 عمال، للقيام بإعادة العشب المتضرر، إلى مكانه الطبيعي، ثم انصرفوا حيث تنتظرهم مهام أخرى. أما بلال الخنوس، الذي شارك أساسيا لأول مرة مع المنتخب الوطني بالمونديال، فغادر أرضية الميدان، تحت تصفيقات الجماهير، ليحل بدله عز الدين أوناحي، فيما عوض إلياس شاعر زميله عبد الحميد الصابري، في محاولة من المدرب وليد الركراكي إعادة التوازن لخط الوسط. لعنة الإصابات واصلت الإصابات الإطاحة بلاعبي المنتخب، بعدما اضطر أشرف داري إلى ترك مكانه لبدر بانون، متألما، وتبعه جواد الياميق، بعد إصابة في فخذه، الأمر الذي أرغم المدرب وليد الركراكي على تغيير مراكز اللاعبين، بإشراك سليم أملاح في وسط ميدان متأخر، وإعادة سفيان أمرابط، مدافعا أوسط، فيما دخل أنس الزروري مكان سفيان بوفال لإعطاء الحيوية للهجوم. أما حناجر المشجعين، فصدحت ب"سير وسير تماركي وديما مغرب» تارة، وعبارات الاستهجان ضد "فيفا"، كلما وقع الحكم القطري عبد الله الجاسم في المحظور "فيفا مافيا"، في الوقت الذي اختار فيه رشيد بنمحمود تنبيه الحكم المساعد بين حين وآخر. لم تخل المباراة من احتجاجات على الحكم، الذي قابلها بإنذار سليم أملاح، وإنذار شفوي لبعض زملائه. كما احتج الكرواتيون على عدم احتساب ضربة جزاء لفائدة منتخبهم، بعد إسقاط أحد مهاجميه من قبل سفيان أمرابط. اشتد الضغط على الحكم القطري مع توالي الدقائق، بسبب احتجاجات اللاعبين، بعدما ارتكب هفوات، ضمنها عدم احتساب ضربة خطأ لأشرف حكيمي على مشارف منطقة العمليات، ولم ينصف الحكم اللاعب أوناحي، فبالغ اللاعبون في الاحتجاج، بدل التركيز على نقاط ضعف المنافس، والقيام بما يجب فعله، لإعادة الأمور إلى نصابها. تصفيقات رغم الخسارة احتج اللاعبون بشدة على الحكم عبد الله الجاسم بمجرد نهاية المباراة، والتحق بهم وليد الركراكي ورشيد بنمحمود وبعض أعضاء الطاقم التقني، امتعاضا وغضبا مما اعتبروه قرارات مجحفة في حقهم، فيما لم تأبه الجماهير لما يجري بالملعب، فواصلت تشجيعاتها وهتافاتها، دليل تقديروتنويه على إنجاز المنتخب الوطني، كما صفقت للاعبين وهتفت بأسمائهم، قبل أن يغادر ولسان حالها يقول "إنها لعنة الإصابات وجور حكم مباراة فرنسا المكسيكي سيزار راموس، الذي حرم الأسود من خوض نهائي الأحلام". أما فوزي لقجع، رئيس الجامعة، فبدا غاضبا لحظة توشيح لاعبي كرواتيا، كما تجاهل الحكم القطري أثناء صعوده إلى المنصة، ومنها إلى مستودع ملابس المنتخب لمواساة اللاعبين، ثم تهنئتهم على إنجازهم التاريخي. إنجاز: عيسى الكامحي (موفد "الصباح" إلى قطر)

“بوديوم” في القلوب

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأمن‭ ‬ينهي‭ ‬مسلسل‭ ‬الابتزاز‭ ‬الجنسي‭ ‬بطنجة

الركراكي: مسيرتنا لم تنته

مقالات ذات صلة