غالي والطريق الملغوم نحو المؤتمر القنبلة

مقترحات التخلص من الوجوه القديمة تحمل بصمات المخابرات الجزائرية بقلم: الفاضل الرقيبي بعدما استهلك إبراهيم غالي كل أوراقه الداخلية، التي حاول عبرها جمع شتات هياكله حوله، لتلميع صورة قيادة شاخت دون أن تجد لنفسها مشروعية لدى سكان مخيمات تندوف، ها هو الرجل يهرول للخارج، مرة أخرى، هربا من واقع المخيمات الذي يطارده، لعله يجد في عرابيه من ينثر معه ما تبقى من ركام جمهورية الوهم على صفحات المصفقين لـ "بوليساريو"، الذين يؤدى لهم لتخدير عقول الأقلية القليلة من سكان المخيمات، الذين فرض عليهم أن يعيشوا بين ثنايا الحلم، بعدما أصبح الواقع يقض مضاجع عصابة الرابوني. غالي الذي بات الخناق يضيق حول عنقه، وقد اقترب موعد مؤتمر تنظيمه، أصبح يبحث عن أي خروج إعلامي، يقنع به نفسه أنه ماسك بزمام الأمور، رغم علمه اليقين أن "بوليساريو" تعيش أحلك أيامها، بعدما توالت انتكاساتها داخليا وخارجيا. فعجز الرجل عن تمرير مخططاته في اللجنة التحضيرية للمؤتمر السادس عشر، دفع به للركض نحو بريتوريا، ليخرج فجأة يجر دراعته لاهثا وراء فرقعات إعلامية بجنوب إفريقيا، تنسيه فشله الذريع في بسط نفوذه على عمل تلك اللجنة، التي يبدو أنها تسير بما لا تشتهي نفسه، ويظهر بذلك الحجم الحقيقي لشيخ الرابوني الهرم، ومدى ضعف تحكمه في زعامات جديدة تحظى بدعم جزائري وافر. وبالعودة إلى الرابوني، نجد أن الأمور تسير على صفيح ساخن، فما يسمى "مقر البرلمان"، الذي يضم جلسات اللجنة التحضيرية، يشهد، منذ أيام، تحركات حثيثة، تسعى إلى خياطة لبوس جديد لـ "بوليساريو"، تسعى من خلاله عصابة الرابوني، مدعومة من جنرالات جزائريين، إلى بث نفس جديد في جسد هذا التنظيم المتهالك الذي أنهك الخزينة الجزائرية، دون أن تتحقق للجنرالات أي من أهدافهم في صراعهم العبثي مع المغرب. ومما يعمق الفشل الذي يعيشه غالي، ما راج بين الصحراويين بالمخيم حول عجز حمة سلامة ومعه "كريكاو"، اللذين عينهما إبراهيم غالي، بهدف التحكم في سير النقاشات، تحضيرا للمؤتمر، عن كبح جماح باقي أعضاء اللجنة التحضيرية، أو التصدي لتمرد البشير مصطفى السيد على غالي، الذي أعلن صراحة تحالفه مع قيادات "رقيبات الشرق"، تقربا من جنرالات الجزائر، رغم الضعف الذي يعانيه هذا المكون القبلي، الناتج عن وفاة رمزيه سيد أحمد لبطيل، وعبد الله لحبيب البلال، ومرض ولد البوهالي، الذي لم يعد له أي ثقل سياسي داخل "بوليساريو". كل هاته التطاحنات، تشكل مقدمة لمؤتمر يبدو أنه لن يمر كما يريده غويلي ومعه حرس الرابوني القديم، إذ يبدو واضحا أن مقترحات التخلص من الوجوه القديمة تحمل، بالتأكيد، بصمات المخابرات الجزائرية، بشكل يفهم منه أن هناك محاولة لطي ملف جيل التأسيس، الذي أنهك الجزائريين، وضاعف الضغط عليهم، بسبب ما ارتكبه من جرائم وتجاوزات حقوقية باتت تؤرق زمرة شنقريحة في المحافل الدولية، التي تدفع بملف الصحراء نحو نهاية وشيكة، تقول كل معالمها إنها ليست في صالح نظام العسكر بالجزائر. ورغم مساحيق التجميل التي حاولت بها المخابرات الجزائرية تزيين وجه "بوليساريو" القبيح في عيون سكان المخيمات، بأن دفعتها للترويج لكذبة المصالحة مع ضحايا الرشيد و"كويرة بيلا" و"كويرة بلكرع"، في وقت يواصل القضاء الإسباني مسلسل محاكمة غويلي، التي يشهد، اليوم (الاثنين)، فصلا جديدا من فصوله، حيث سيمثل مولاي أبا بوزيد أمام قاضي التحقيق الإسباني بمدريد، ليدلي بشهادته حول الانتهاكات التي ارتكبها غويلي وزمرته في حقه، وهي لا شك لحظة أخرى تتهاوى فيها كذبة المصالحة ومسرحية زيارة جنوب إفريقيا التي ظن غويلي أن بها سيجد طريقا سالكة نحو المؤتمر القنبلة بعد أسابيع. فكل سكان المخيمات يطرحون اليوم السؤال الاستنكاري نفسه، ما الذي يحمله غويلي وزبانيته من جديد في طريقهم نحو المؤتمر؟ لا شيء سوى حصيلة كبيرة من الفشل على كل الأصعدة. فقد عاشت "بوليساريو" كبرى الانتكاسات تحت قيادة ابراهيم غالي، الذي بات اسمه عند الصحراويين رديفا للفشل. فمعه تحولت الأراضي التي كانت تسميها "بوليساريو" محررة، إلى مناطق محرمة على سكان المخيم، الذين وجدوا أنفسهم داخل سجن كبير لا دخول ولا خروج منه، ومع غويلي خسرت "بوليساريو" قيادات مهمة، لقت حتفها شرق الجدار، بعد أن دفع بهم تهوره إلى موتهم المحقق، ومعه أيضا تراكمت المئات من بلاغات الانتصارات الموهومة، بينما يحصد المغرب انتصاراته على أرض الواقع، كما أن معه، سقطت أوراق التوت عن عورات القيادة، وباتت ملاحقة أمام القضاء الدولي، وأمام الآليات الأممية التي أصبحت مقرراتها مصدر قلق حقيقي للسلطات الجزائرية، وعبئا يثقل كاهلها ويزيد من تشويه سمعتها الحقوقية أمام المنتظم الدولي.

غالي والطريق الملغوم نحو المؤتمر القنبلة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

آسفي يمهد لـ "طاس"

الدولة الاجتماعية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات