fbpx
وطنية

تحرير‭ ‬الملك‭ ‬العمومي‭… ‬ موضة‭ ‬مستفزة

السلطات‭ ‬تعمل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬وتفعل‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬زرعوا‭ ‬فأكلنا‭ ‬ونزرع‭ ‬فيأكلون‮»‬

تجددت‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬موضة‭ ‬شروع‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬هدم‭ ‬واجهات‭ ‬المقاهي‭ ‬والمطاعم‭ ‬والأجزاء‭ ‬البارزة‭ ‬التي‭ ‬تحتل‭ ‬الرصيف،‭ ‬وانطلقت‭ ‬بعيد‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬استواء‭ ‬القياد‭ ‬الجدد‭ ‬على‭ ‬كراسي‭ ‬المسؤولية،‭ ‬لتطرح‭ ‬استفهامات‭ ‬عريضة‭ ‬حول‭ ‬الرسائل‭ ‬المشفرة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬السلطات‭ ‬إيصالها‭ ‬للجمهور،‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬الأمكنة‭ ‬نفسها‭ ‬كانت‭ ‬مسارح‭ ‬لعمليات‭ ‬مماثلة‭ ‬قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭.‬

متى‭ ‬شيدت‭ ‬الأجزاء‭ ‬المشمولة‭ ‬بالهدم؟‭ ‬وأين‭ ‬كان‭ ‬رجال‭ ‬السلطة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬العمال،‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬تمسسهم‭ ‬بعد‭ ‬حركة‭ ‬التنقيلات‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نعزو‭ ‬المخالفات‭ ‬لسابقيهم؟‭ ‬وهل‭ ‬تستقيم‭ ‬مساءلة‭ ‬وعقاب‭ ‬المخالف‭ ‬دون‭ ‬استفسار‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬أو‭ ‬محاسبته‭ ‬على‭ ‬التقصير،‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬المقولة‭ ‬الشعبية‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ “‬الياجورة‭ ‬لا‭ ‬توضع‭ ‬إلا‭ ‬بعلم‭ ‬المقدم‭ ‬والقائد‭”.‬

بالحي‭ ‬الحسني‭ ‬بالبيضاء،‭ ‬تحركت‭ ‬الجرافات‭ ‬في‭ ‬اليومين‭ ‬الماضيين‭ ‬بسوق‭ “‬ولد‭ ‬مينة‭”‬،‭ ‬لإزالة‭ ‬ما‭ ‬تعتبره‭ ‬السلطات‭ ‬مخالفات،‭ ‬وهو‭ ‬المشهد‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬تكرر‭ ‬قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬بعيد‭ ‬تعيين‭ ‬العامل‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تسير‭ ‬عمالة‭ ‬المقاطعة،‭ ‬إذ‭ ‬أطلقت‭ ‬حينها‭ ‬حملة‭ ‬واسعة‭ ‬أتت‭ ‬على‭ ‬حدائق‭ ‬المنازل‭ ‬وواجهات‭ ‬المقاهي‭. ‬

وبالبرنوصي‭ ‬وعين‭ ‬السبع‭ ‬أعيدت‭ ‬سيناريوهات‭ ‬استهداف‭ ‬الواجهات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمقاهي‭ ‬والمطاعم‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬محاربة‭ ‬البناء‭ ‬العشوائي‭ ‬واحتلال‭ ‬الملك‭ ‬العمومي،‭ ‬وبمناطق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬المليونية‭ ‬اتفقت‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬الأسلوب‭ ‬نفسه،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬تزامنا‭ ‬مع‭ ‬فترة‭ ‬عصيبة‭ ‬يمر‭ ‬منها‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلد‭ ‬وتفشي‭ ‬الغلاء،‭ ‬ودون‭ ‬سابق‭ ‬إنذار‭ ‬للمعنيين‭ ‬بالهدم،‭ ‬ولا‭ ‬فرصة‭ ‬الإشعار‭ ‬بإزالة‭ ‬المخالفات،‭ ‬قبل‭ ‬تنزيل‭ ‬الزجر‭.‬

ولن‭ ‬نستغرب‭ ‬بعد‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬أخرى،‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الحالة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه،‭ ‬وتنطلق‭ ‬عمليات‭ ‬الهدم‭ ‬وسط‭ ‬احتجاج‭ ‬أرباب‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬والمقاهي‭ ‬المستهدفين،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬تكرار‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬يسائل‭ ‬السلطات‭ ‬حول‭ ‬المراقبة‭ ‬ويضعها‭ ‬أمام‭ ‬مبدأ‭ “‬زرعوا‭ ‬فأكلنا‭ ‬ونزرع‭ ‬فيأكلون‭”‬،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬موسميا‭ ‬وباستعراض‭ ‬للقوة‭ ‬وتجنيد‭ ‬لأسطول‭ ‬من‭ ‬الجرافات‭ ‬والشاحنات،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يكلف‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أموال،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تمكن‭ ‬فيه‭ ‬المراقبة‭ ‬الآنية‭ ‬من‭ ‬تفريد‭ ‬العقاب‭ ‬والحيلولة‭ ‬دون‭ ‬استفحال‭ ‬المخالفات‭.‬

وتحولت‭ ‬مباغتة‭ ‬محتلي‭ ‬الرصيف‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬بها،‭ ‬إلى‭ ‬موضة‭ ‬مستفزة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬حربا،‭ ‬يتحول‭ ‬فيها‭ ‬المخالفون‭ ‬إلى‭ ‬ضحايا،‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬بعضهم‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬أغلبهم‭ ‬يؤدون‭ ‬رسوما‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬المؤقت‭ ‬للملك‭ ‬العمومي،‭ ‬ويعتبرون‭ ‬تجاوز‭ ‬المقاسات‭ ‬المسموح‭ ‬بها،‭ ‬حقا‭ ‬مكتسبا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مباركة‭ ‬السلطة‭ ‬وغضها‭ ‬الطرف‭ ‬عنها،‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬علامات‭ ‬استفهام‭ ‬كبيرة‭ ‬حول‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تراكمت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بلغ‭ ‬الاحتلال‭ ‬ما‭ ‬بلغه‭.‬

لا‭ ‬يختلف‭ ‬اثنان‭ ‬حول‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون،‭ ‬أو‭ ‬حول‭ ‬تدخل‭ ‬السلطة‭ ‬لإخلاء‭ ‬الملك‭ ‬العمومي‭ ‬وإفساح‭ ‬الأرصفة‭ ‬للراجلين،‭ ‬لكن‭ ‬تنزيل‭ ‬الردع‭ ‬على‭ ‬التجار،‭ ‬الطرف‭ ‬الضعيف‭ ‬في‭ ‬المعادلة،‭ ‬دون‭ ‬شمول‭ ‬التأديب‭ ‬من‭ ‬سمحوا‭ ‬بالتسيب،‭ ‬سينتج‭ ‬الواقع‭ ‬نفسه،‭ ‬و‭”‬يعيد‭ ‬حليمة‭ ‬إلى‭ ‬عادتها‭ ‬القديمة‭”. ‬

المصطفى‭ ‬صفر


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى