تنويع الشركاء يربك الحسابات

دخول الصين وألمانيا وأمريكا في مشاريع بعثر أوراق "المنافحين" عن مصالح باريس لم تلتقط فرنسا جيدا رسائل جلالة الملك محمد السادس، حينما أكد في مناسبات دولية كثيرة، بينها مؤتمر الهجرة الدولية، و»كوب 22» وغيرها، بأن المغرب تغير كثيرا وعلى دول شمال البحر الأبيض المتوسط، تغيير نظرتها لهذا البلد النامي. ولم تستوعب الدولة العميقة في فرنسا، أن المغرب الحليف الإستراتيجي لها، ولإسبانيا وجل دول الاتحاد الأوربي، زائد بريطانيا، وأمريكا والصين الشعبية، قد تغير ودخل نادي الدول الصاعدة، ويحتاج إلى مبادرات خلاقة للتعاون تتجاوز الاتفاقيات الموقعة الخاصة بالشريك الموثوق به لدى أوربا، في إطار شراكة رابح- رابح التي أطلقها الملك في إفريقيا، وجعلت من المغرب قوة إقليمية جديدة في القارة السمراء، وساهمت في خروج دول إفريقية من دائرة الفقر. واعتمد المغرب في سياسته الاقتصادية على منطق رابح – رابح، بخلاف فرنسا التي ركزت دائما وأبدا على فكرة استغلال خيرات البلدان الإفريقية والمستعمرات السابقة، وبما أن واقعية المغرب فرضت نفسها في القارة السمراء سواء لدى الدول الناطقة بالفرنسية أو الانجليزية لتحقيق ربح مشترك يعم شعوب الدول جميعا، لم تنظر فرنسا بعين الرضا لهذا التحول، وقررت محاربته بكل الطرق، مع الاستعانة بالأكاذيب التي روجها نظام العسكر الجزائري المتخلف الذي لا يزال يدبر شؤون بلاده على طريقة الستينات عبر الاستغلال الفاحش للثروات الباطنية، وبيعها خاما وتحصيل الملايير ووضعها في بنوك أوربية. وعوض أن تتعامل فرنسا بمختلف نخبها من منطلق واقعي، وتقر بمغربية الصحراء كيفما كانت الحكومة والبرلمانات المتعاقبة على تدبير الشأن العام، على طريقة أمريكا، تغاضت عن ذلك وبدأت تفاوض المغرب في انجاز المشاريع الكبرى، بممارسة الابتزاز السياسي عبر زيارة النظام العسكري الجزائري، وإقامة تفاهم مع تونس، وتجاهل المغرب. واستفادت فرنسا كثيرا من المغرب، عبر مشاريع تنموية تدر عليها الملايير، بدءا من شركات التدبير المفوض للماء والكهرباء، والمقاولات الكبرى في المناطق الصناعية، وفي «الأوفشورين»، ومدارس البعثات الدبلوماسية الفرنسية، والمعهد الثقافي الفرنسي، وهي مؤسسات يتم من خلالها تحويل أموال المغاربة إلى فرنسا. كما استفادت من مشاريع « ترامواي»، والقطار الفائق السرعة، وقبلها الموانئ والمطارات، والطرق السيارة على مدى عقود، ومن مشاريع الطاقات المتجددة. واستفادت فرنسا من استيراد المغرب لأغلب التجهيزات، بعضها يتطلب حضور مهندسين فرنسيين لتركيبها وإعادة صيانتها، كما استفادت من هجرة الأدمغة في مجال الطب والهندسة. وحينما فتح المغرب أبوابه لدول أخرى مثل الصين الشعبية، في مجال صناعة معدات السيارات، وبحث إمكانية منحها صفقة الطريق السيار البيضاء مراكش، ومراكش أكادير، وإمكانية منح صفقات أخرى لإسبانيا وألمانيا، وبريطانيا وأمريكا مشاريع في مجال الطاقة الخضراء، والتكنولوجيا العالية لصناعة الأقمار الاصطناعية وغيرها من الصناعات الدقيقة، والحديث عن إمكانية فرض إجبارية تعلم الانجليزية في أقسام الابتدائي، لغة أجنبية أولى، انزعج الفرنسيون لذلك وعبروا عن غضبهم، وضغطوا بواسطة « وليداتهم» للدفاع عن الوجود الفرنسي بالمغرب. وعلى فرنسا التي تضم جالية مغربية نشيطة تعمل ليل نهار وتكد وتجتهد لأجل المساهمة في رفع معدل النمو، والناتج الداخلي الخام، أن تغير نظرتها إلى المغرب وتنهي سياستها العشوائية، المبنية على ممارسة الضغط كي تحوز كل صفقات الأوراش الكبرى وهي تعي جيدا أن هناك دولا أخرى منافسة. وهناك واقعة جرت حينما لم يستسغ فيها مولاي عبد الحفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي السابق، تصريح برونو لومير، وزير الاقتصاد الفرنسي السابق، الذي دعا إلى نقل مصانع شركات صناعة السيارات الفرنسية « رونو» و « بوجو ستروين» من المغرب إلى فرنسا. وقال المسؤول الحكومي، إن التطور الذي شهدته الصناعة المغربية، خلق مشاكل بالنسبة لدول متقدمة، بكفاءة مغربية، ويتجه أن يكون بمواد مغربية خالصة، وهذا ما أزعج بعض مسؤولي حكومة فرنسا. ورد الوزير المغربي على الفرنسي، معتبرا تصريحه يدخل في باب ممارسة الضغط والمضايقة، ويعتبر مستحيلا، بعدما تمكن المغرب من تكوين آلاف المهندسين والتقنيين، واليد العاملة المتخصصة في مجال صناعة السيارات والطائرات، باستعمال أحدث التكنولوجيات، بعضهم كان له الفضل حتى في تشغيل مصنع بانجلترا عرف صعوبات كثيرة، رغم استقدام خبرات دولية في مجال التصنيع، وبإقرار دول صديقة للمغرب، بينها الهند وبريطانيا. أحمد الأرقام

تنويع الشركاء يربك الحسابات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الطابـور الخامـس

الولاء من المدرسة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات