الانسـلاخ عـن “النمـوذج”

لبكر: على النخب المفتونة بفرنسا مراجعة الذات وتغليب مصالح الوطن أكد رشيد لبكر، أستاذ العلوم السياسية، أن فرنسا التي باعت قضيتنا من أجل مصلحتها اليوم، مستعدة غدا، لبيع أي شيء من أجل مصلحتها أيضا، هذه هي الحقيقة، التي يتعين الإيمان بها وإلا فنحن خارج التاريخ. وخلص لبكر إلى أنه على جبهتنا الداخلية، أن تكون واعية بهذا المنعطف الجديد في علاقتنا بفرنسا، وأن يتحالف جميع مكوناتها من أجل وضع هذه الدولة أمام الأمر الواقع، فإذا كانت تمتلك أشياء للضغط بها علينا، فلنا كذلك ما يمكن أن نضغط به عليها. واعتبر المتحدث نفسه أن مشروع الهيمنة الفرنكوفوني، بكل حمولته الثقافية واللغوية والاقتصادية قد شاخ ووصل إلى منتهاه، ويجب الانسلاخ عنه، وحتى لا يصبح النموذج الفرنسي هوسا أو استيلابا لدى العديد منا، فقد حان الوقت، لمراجعة علاقتنا بفرنسا على كل المستويات، ليس بمنطق القطيعة طبعا، ولكن بمنطق حق كل دولة في رعاية مصلحتها، وأن على النخب المغربية المفتونة بفرنسا، القيام بوقفة للمراجعة، تغلب مصلحة الوطن وقبل أي شيء آخر. مضيفا "لا ننكر، بأن مصالح العديد من هذه النخب استوطنت وتشابكت في فرنسا، وأن تدبير الانسلاخ عنها أمر صعب ومعقد، ولكن لا بد أن يكون هذا هو الأفق، الذي يجب على الجميع الانشغال به، والعمل من أجل إيحاد سيناريوهات لتحقيقه، حتى نتحرر من هذا الوهم الكبير، الذي أضعفنا في كل شيء وآن أوان الوعي به والشفاء منه." وذهب الأستاذ في العلوم السياسية إلى أن فرنسا اليوم، مجبرة على التخلص من عباءة العنهجية ورمي عباءة الأستاذية في تعاملها مع شركائها، سيما مع من يربطها وإياهم تاريخ وروابط، فالدول تساوت في العديد من الأشياء، قد تمتلك مقومات ولكنها تفتقد لأخرى. وأن المغرب، دولة ذات سيادة وفاعل مؤثر في منطقته، لم يسبق له أن وقع عقدا على بياض حررت فرنسا بنوده، يعطيها الحق كي تقرر بدلا عنها، أو تحدد فيه مع من سيتعامل والأسلوب الذي عليها اتباعه في هذا التعامل، فهذا زمن ولى وانتهى، فإما علاقات مبنية على إحداثيات "رابح – رابح"، وإما كل طرف يبحث عن مصلحته. وشدد لبكر على أن التاريخ يسجل أن المغرب لم يدر ظهره عن فرنسا (بل ومع كل حلفائه) بتأثير من أحد أو بضربة مزاج، فهذا ليس أسلوب الدول العريقة التي لها أعراف ديبلوماسية تحتم عليها احترام تعهداتها وتقدير مواقفها، بل إن المغرب لم يغير تعامله مع فرنسا، إلا بعدما تمادت في عدائها له واللعب على حبل مصالحه الكبرى، وعلى رأسها قضيته الوطنية، خدمة لمصلحتها، بل ومقايضة الغاز الجزائري، بقرار عدم الاعتراف بمشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لإنهاء مشكل القضية الوطنية. فالمغرب اذن من حقه، بل ومن واجبه، سيما، بعدما تعرت فرنسا أمامه تماما، كما سبق أن أوضحنا، بمواقف واضحة صريحة لا تقبل التأويل. ومن حقنا القول، نحن أيضا، بأن "نموذجها التنموي" لم يعد هو ذلك النموذج البراق الذي يثير الانتباه، فقد رأينا فرنسا عاجزة عن مواجهة كورونا، وفاشلة في إيجاد لقاح لها، بل حتى في بلورة إستراتيجية استباقية لمواجهتها، ثم ها هو سيناريو العجز نفسه، يتكرر مع أزمة الطاقة، التي أظهرت فرنسا، مع الأسف، عاجزة، قليلة الحيلة، بدون إستراتيجية واضحة لإدارة أزمتها الطاقية، فراحت لاهثة، تضرب الأرض طولا وعرضا، للبحث عن الوقود أينما وجد وبأي ثمن، وهي لأجل هذه الغاية، لم تفكر في مستقبل علاقتها مع حليفها التاريخي الذي هو المغرب، وآثرت بيع تاريخها معه بوقود الجزائر، دون أن يرف لها جفن، فإذا كانت المصلحة هي دافعها لنهج هذا السلوك، فلماذا تستكثر على المغرب نهج السلوك نفسه للدفاع هو الآخر عن مصالحه، أسلوب المعاملة بالمثل، الجاري به العمل في العلاقات الدولية. المصطفى صفر

الانسـلاخ عـن “النمـوذج”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الطابـور الخامـس

الولاء من المدرسة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات