عشق رغم أنف الأبناء

سبعيني تزوج من معشوقته وآخر أغرم بفتاة في عمر ابنته قليل من يصدق وجود حب في خريف العمر، إلا إذا حركت المصالح الشخصية لواعج القلوب وجعلتها تخفق للمال أكثر من خفقانها عشقا. لكنه ممكن وقائم في حالات جربته وعاشت حبا جارفا مهما اختلفت الأعمار والطبقات الاجتماعية، في أحايين كثيرة تآلفت فيها الأفئدة وخفقت لبعضها. "الحاج" من عائلة فاسية معروفة، على مشارف السبعينات من عمره. يتمتع بقوة بدنية ويقضي أغراضه بنفسه ولا يعتمد على أحد في ذلك بمن فيهم أبناؤه. وقبل سنتين قرر الزواج بخمسينية عشقها بعد سنوات طويلة من وفاة أمهم. تحدى الجميع وعقد عليها وعاشا حياة ولا كما الأحلام. لم يكتف بعقد نكاحهما، وأقام حفل زفاف بقاعة أفراح بطريق إيموزار. رقص واحتفل به كما لو أنه دخل القفص الذهبي لأول مرة دون اكتراث لغياب أبنائه وغضبهم عليه وجهره بحبه لزوجته الجديدة. زفا لبعضهما بفندق شهير، وقضيا شهر العسل بين مدن سياحية بالشمال والجنوب. لم يمكت "الحاج" بفيلا العائلة نفسها بمدينة فاس وتوارى عن أنظار أفرادها متحاشيا وقوع أي مشكل قد يعكر انتشاءه بزواجه الجديد. استقر في مدينة مجاورة وعاش أحلى اللحظات مع زوجة ما فتئ يتباهى بحبها ووفائها ولو استفز ذلك أبناءه لم يرضوا بأن يخفق قلبه لغير أمهم المرحومة. هذه الحالة تتطابق في تفاصيل معينة مع قصة صاحب قاعة للأفراح اختار التعدد وأذن له بذلك لثرائه وقدرته على إعالة أكثر من أسرة واحدة. تزوج ثانية في عمر ابنته دون اكتراث بردود فعل العائلة. فضل إرضاء فؤاده على استقرار أسرة اهتزت بإصابة الزوجة الأولى بمرض مزمن. لم يتدفق الحب بينهما بمجرد عقد نكاحهما، لكن قلبيهما سرعان ماخفقا لبعضهما مع مرور الشهور وطول العشرة رغم فارق السن بينهما. استقرا في شقة لوحدهما وأصبحا لا يفترقان، وجعلها كاتمة أسراره والمعول عليها في كل عمله وهجر أسرته الأولى, قبل أن تلجأ أم أبنائه لطلب الطلاق للشقاق. لكن النهاية لم تكن بنفس سعادة زواجهما بعدما اكتشف علاقتها الغرامية السابقة. عاتبها بشدة ولم يعد الحب بالقوة ذاتها، فكثرت مشاكلهما وجدالاتهما بشكل لم تعد تطيقه وتتحمل استمرار الحياة معه, رغم حبها ولو كان مغلفا بالمصلحة. معه راكمت ثروة، وهو خسر المال وحنان العائلة. وإن كانت الحالتان لزواج جديد على أنقاض اهتزاز أسر هشة، فإن الحالة الثالثة يشترك فيها زوجان ما زالا وفيين لزوجتيهما رغم كبر سنهما ومرضهما. أحدهما رجل تعليم متقاعد تراه ماسكا يد زوجته المسنة ويتجولان بشارع الحسن الثاني، وكأنهما متزوجان لتوهما والشوق لبعضهما يتزايد. وعكس ذلك ترك ستيني أم أبنائه بالبادية، وربط علاقة عاطفية مع ثلاثينية أرملة يلتقيها في غفلة من الجميع كلما زار فاس، ولا يتوانى في الافتخار لأصدقائه، بفتوحاته وانسجامهما وحبهما الجارف ولو أن الظاهر أنه مجرد وسيلة تساعد بها نفسها وأبناءها على العيش، ولو تظاهرت بالحب الجارف. حميد الأبيض (فاس)

عشق رغم أنف الأبناء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حرب عصابات للسيطرة على سوق غسل الأموال

الحبـس لشبكـة تهجيـر سـري

مقالات ذات صلة