الكتاني … شيخ بايع ابن عرفة

عرف الشيخ عبد الحي الكتاني بنشاطه السياسي الدؤوب بجانب نشاطه العلمي والمعرفي والصوفي، إذ سخر معارفه للسياسة، وسياسته للمعارف، لكن السابر للخط السياسي لعبد الحي الكتاني يجده دائرا على مبادئ المحافظة نفسها التي نشأ وترعرع فيها، يوضح حمزة الكتاني، رئيس المؤسسة العلمية الكتانية ، مبرزا أن الشيخ عبد الحي الكتاني شارك شقيقه أبا الفيض محمد بن عبد الكبير الكتاني في جميع نشاطاته الإصلاحية، كالدعوة إلى الإصلاح الإداري بالمغرب وإحداث الدستور والمجالس النيابية، واستقبال رواد الفكر الحر الذين فروا من جور الدولة العثمانية إلى المغرب، والدعاية لهم والكتابة في مجلاتهم وفتح الزاوية الكتانية لدروسهم.وقال الكتاني إنه أثناء البيعة الحفيظية، سنة 1907، كان أحد أهم العوامل لإنجاحها، إذ جمع العلماء بأمر من أخيه، من أجل بيعة السلطان المولى عبد الحفيظ بن الحسن، ووجه الرسائل، إلى مختلف القبائل المغربية من أجل ضمان البيعة، "بل ذهب بنفسه إلى مراكش من أجل تأمين الطريق إلى السلطان المولى عبد الحفيظ إلى فاس".وزاد الكتاني بالقول إن الشيخ المذكور كان من بين من ناهضوا الاستعمار، ففي إطار الحملة الإعلامية والفكرية التي كانت تقوم بها الطريقة الكتانية وروادها ضد الحملة الإعلامية الاستعمارية ممثلة في جريدة السعادة، ألف كتابه "مفاكهة ذي النبل والإجادة حضرة مدير جريدة السعادة"، وشرح في أفكار وأسباب القيام بالدعوة الحفيظية وفلسف فيها مفهوم البيعة وإمارة المؤمنين. غير أنه ابتلى في محنة شقيقه الشيخ أبي الفيض، واعتقل بسجن أبي الخصيصات بفاس عدة أشهر لقي أثناءها عكس ما كان يفترض أن يلقاه نتيجة نشاطه الإسلامي والوطني المخلص، سواء من طرف المخزن أو من طرف وجهاء المغرب، فأيقن أن البلاد تحتاج إلى إصلاح ديني واجتماعي وأخلاقي وحضاري، لا إلى إصلاح عسكري.وأقر رئيس المؤسسة العلمية الكتانية بعلاقات الشيخ عبد الحي الكتاني الوطيدة مع سلطات الحماية، أثناء الحماية، "لا يمكن القول إنه كان يتعاون معهم ولم تصدر له أي فتوى تجيز دخول المستعمر أو تؤيده، حتى أنه كان ضد التعليم الفرنسي في المغرب والاختلاط في التعليم، بل كان يتعامل معها كأمر واقع وخدم المبادئ التي عاش عليها، وحصل بسبب ذلك على نفوذ كبير استخدمه في كافة نشاطاته". وأسس في هذا السياق مؤتمر الصوفية، الهدف منه كان الحفاظ على الإسلام واللغة العربية والمبادئ الدينية في مختلف مناطق المغرب والجزائر وتونس، وكانت له حملات ضد ما يعرف بإصلاح جامعة القرويين وتغيير نظامها، وعند فرض الإصلاح على الجامعة عام 1930، كان أول المنسحبين من التدريس واكتفى بدروسه غير النظامية. وقاد عام 1927 وما بعدها الحملة التي قام بها علماء المغرب ضد البدع والمنكرات التي تفشت في المجتمع.في المقابل، نبه حمزة الكتاني، أن الشيخ عبد الحي الكتاني كان يحظى باحترام وتقدير كبيرين من ملوك المغرب، المولى عبد العزيز، والمولى عبد الحفيظ والمولى يوسف، والملك محمد الخامس، إذ "أنعموا عليه بظهائر التوقير والاحترام، وكان يحضر في كافة المناسبات الوطنية والخاصة"، غير أنه نظرا لخطه المحافظ، وتشبثه بالطرقية والتصوف في زمن طغت فيه الأفكار السلفية والتقدمية، كثر أعداؤه، خاصة من الحركة الوطنية التي عارضت مواقفه في كافة المحافل. كما أنه عند تنحية الاستعمار الملك محمد الخامس عن عرش أسلافه سنة 1953، كان عبد الحي الكتاني واحدا ممن تزعموا مبايعة بن عرفة كعدة علماء آخرين، فكانت بيعته القميص الذي علق به أعداؤه شتى التهم والعظائم. وما إن عاد الملك محمد الخامس إلى المغرب منتصرا، حتى اضطر الشيخ عبد الحي الكتاني الهجرة إلى فرنسا مستوطنا مدينة نيس التي توفي بها، إذ أوضح رئيس المؤسسة العلمية الكتانية، أنه كاد أن يعود إلى المغرب ويحظى بعفو الملك محمد الخامس آنذاك، لولا أن معارضة بعض المقربين من الملك محمد الخامس حالت دون ذلك في آخر لحظة.هجر المغلي

الكتاني … شيخ بايع ابن عرفة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محمد الخامس في القمر..."انفجار الأسطورة"

خـونة وعمـلاء فـي خـدمة الاستعـمار

مقالات ذات صلة