إشارة واضحة لفرنسا وبريطانيا وتعبئة مغاربة العالم بمن فيهم اليهود وجه الملك محمد السادس، رسائل قوية إلى الشركاء التقليديين والجدد للمغرب، ودعاهم للخروج من المنطقة الرمادية، وإعلان موقف واضح وداعم لمغربية الصحراء، مؤكدا أن الموقف من هذا الملف المفتعل هو الذي يحدد وبشكل حاسم نوعية العلاقات التي ستسود مع المغرب في كل المجالات الاقتصادية والسياسية. وقال الملك محمد السادس، إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، والمعيار الذي يقيس به الصداقات ونجاعة الشراكات، موضحا في خطابه الموجه إلى الأمة لمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، مساء أول أمس (السبت) " أن المغرب ينتظر من الشركاء التقليديين والجدد الذين يتبنون مواقف غير واضحة من مغربية الصحراء، أن يوضحوا مواقفهم ويراجعوا مضمنوها بشكل لا يقبل أي تأويل". ويستفاد من الخطاب الملكي، أنه وجه رسائل إلى مجموعة من الدول، وعلى رأسها فرنسا التي دعمت مقترح الحكم الذاتي بشكل محتشم، وتحتاج إلى جرأة وقرار سياسي لإعلان موقف واضح مثل أمريكا واسبانيا وألمانيا، وكذا بريطانيا التي أعلنت بدورها عن دعم المغرب، بشكل خجول، رغم تبنيها خارطة المغرب كاملة في مختلف إداراتها ووسائل إعلامها العمومية، ثم دولة إسرائيل الشريك الجديد، الذي دعم مغربية الصحراء في اتفاق أبراهام، ناهيك عن الصين الشعبية، التي دعم المغرب وحدتها الترابية مرارا وعلى مر الأزمات الدولية، وينتظر أن ترد بموقف إيجابي مماثل. وذكر الملك بأن السنوات الأخيرة شهدت تحقيق إنجازات كبيرة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، لصالح الموقف العادل والشرعي للمملكة بخصوص مغربية الصحراء، إذ عبرت العديد من الدول الوازنة عن دعمها وتقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذاتي، في احترام لسيادة المغرب الكاملة على أراضيه، إطارا وحيدا لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل. وشدد جلالته على أن الموقف الثابت للولايات المتحدة الأمريكية، شكل حافزا حقيقيا، لا يتغير بتغير الإدارات ولا يتأثر بالظرفيات. كما ثمن الموقف الواضح والمسؤول للجارة الشمالية إسبانيا، التي تعرف جيدا أصل هذا النزاع وحقيقته. وأسس هذا الموقف الإيجابي لمرحلة جديدة من الشراكة المغربية الإسبانية، لا تتأثر بالظروف الإقليمية، ولا بالتطورات السياسية الداخلية، يؤكد جلالته. واعتبر الملك محمد السادس أن الموقف البناء من مبادرة الحكم الذاتي لمجموعة من الدول الأوربية، منها ألمانيا وهولندا والبرتغال، وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا، سيسهم في فتح صفحة جديدة في علاقات الثقة، وتعزيز الشراكة النوعية، مع هذه البلدان الصديقة. وأضاف أنه بموازاة مع هذا الدعم، قامت حوالي 30 دولة، بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية، تجسيدا لدعمها الصريح للوحدة الترابية للمملكة، ولمغربية الصحراء، وزاد قائلا "لا يسعنا بهذه المناسبة إلا أن نجدد عبارات التقدير لإخواننا ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة، خاصة الأردن والبحرين والإمارات، وجيبوتي وجزر القمر، التي فتحت قنصليات بالعيون والداخلة. كما نشكر باقي الدول العربية التي أكدت، باستمرار، دعمها لمغربية الصحراء، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر واليمن". وعبر الملك محمد السادس عن الاعتزاز بمواقف الأشقاء الأفارقة، إذ فتحت حوالي 40 في المائة من الدول الإفريقية، تنتمي لخمس مجموعات جهوية، قنصليات في العيون والداخلة، كما شدد على أن هذه الدينامية تشمل، أيضا، دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، إذ قامت العديد منها بفتح قنصليات في الصحراء المغربية، وقررت دول أخرى توسيع نطاق اختصاصها القنصلي ليشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة. وقال إن حجر الزاوية في الدفاع عن مغربية الصحراء هو وحدة الجبهة الداخلية والتعبئة الشاملة لكل المغاربة، أينما كانوا، للتصدي لمناورات الأعداء، مؤكدا الدور الريادي لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي تبذل قصارى جهدها في هذا المجال والمقدرة بنحو أزيد من 5 ملايين مغربي، بمن فيهم المغاربة اليهود. وانتقد جلالته قصور السياسات العمومية في مجال توفير الظروف الملائمة لمغاربة العالم قصد الاستثمار في بلدهم الأم، وتبسيط المساطر وضمان التأطير الديني لهم ليظلوا مرتبطين روحيا ببلدهم. آلية خاصة لمواكبة مغاربة العالم دعا الملك المسؤولين إلى إقامة علاقة هيكلية دائمة مع الكفاءات المغربية بالخارج، بما في ذلك المغاربة اليهود، عبر إحداث آلية خاصة مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها. وجدد الملك الدعوة للشباب وحاملي المشاريع المغاربة المقيمين بالخارج للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد، كما حث المؤسسات العمومية وقطاع المال والأعمال الوطني، على الانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية. ودعا إلى تحديث وتأهيل الإطار المؤسسي الخاص بهذه الفئة من المواطنين، وإعادة النظر في نموذج الحكامة الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها .أحمد الأرقام