موجة عصر المماليك

مغاربة القدس... قصة حارة الشرفاء 2 الرحالة ابن بطوطة زار القدس وكتب عن معالمها تنتشر أبواب ومعالم تاريخية كثيرة بالقدس بفلسطين، لكن يعتبر «باب المغاربة» أشهرهم، بل إن المقدسيين يكنون له احتراما استثنائيا، بالنظر إلى تاريخ إحداثه. سنسرد خلال هذه الحلقات تاريخ هذا الباب، ولماذا سمي باسم المغاربة، والسبب الذي جعل المقدسيين خاصة والفلسطينيين عامة، يولونه تلك الأهمية الكبيرة، ويطلقون عليه تسميات كثيرة، مثل «باب الشرفاء» و»باب العزة». إلى جانب المقدسيين، فإن تاريخ «باب المغاربة»، جعل مسلمين من دول المنطقة، الذين تطوعوا للدفاع عن القدس في عهد الفاطميين، يكنون احتراما وتقديرا خاصين للمغاربة، الذين قطعوا مسافات طويلة لنصرة الأقصى والمدينة المقدسة. ياسين قطيب عرفت السنوات الموالية لغزوة الأيوبي على القدس، ارتفاعا واضحا في شأن ومناصب المغاربة بالقدس، إذ تمت مكافأتهم على لقائهم في المدينة، وتضحياتهم. بات المغاربة في القدس قضاة وفقهاء، بل نالوا شرف تدريس أبناء المدينة، والأجانب. تتحدث موسوعة "مجيد الدين العليمي"، عن أسماء مغاربة، سطع نجمهم في تلك الحقبة في القدس، إذ دقق في مناصبهم ووظائفهم، والامتيازات التي قدمت لهم من قبل السلطان. عند حلول عصر المماليك، ذكرت الموسوعة أن هجرة المغاربة للشرق تضاعفت بشكل كبير، وخاصة القدس، إذ التقى الأحباب هناك، وكونوا عائلات كبيرة. وزاد من ارتفاع المهاجرين للشرق، سقوط الأندلس في 1492 ميلادية، والهجوم الذي تعرض له المغرب وسواحله من قبل الإسبان. من بين أشهر المغاربة التاريخيين الذين زاروا القدس والمنطقة آنذاك، الرحالة ابن بطوطة، إذ كتب عن المدينة المقدسة وبعض معالمها، وخاصة قبة الصخرة، قائلا "وهي من أعجب المباني وأتقنها وأغربها شكلا، قد توفّر حظُّها من المحاسن، وأخذت من كل بديعة بطرف، وهي قائمة على نُشز في وسط المسجد، يصعد إليها في درج رخام، ولها أربعة أبواب والدائر بها مفروش بالرخام أيضا محكم الصنعة، وكذلك داخلها، وفي ظاهرها وباطنها من أنواع الزواقة، ورايق الصنعة، ما يعجز الواصف، وأكثر ذلك مغشى بالذهب، فهي تتلألأ نورا، وتلمع لمعان البرق، يحار بصر متأملها في محاسنها، ويقصر لسان رائيها عن تمثيلها». وصف مجيد الدين العليمي في موسوعته، مكانة المغاربة في القدس في تلك الحقبة، ب"المرموقة"، إذ ازدادت أهمية في عصر العثمانيين، الذين وصلوا للمدينة في 1517 ميلادية. أجمع أغلب الكتاب أنه في تلك الحقبة، بدأت معالم المدينة في التشكل، وخاصة أحياءها ومعالمها التاريخية، ومنها "باب المغاربة"، الذي بدأ يأخذ الصبغة الرسمية، إذ سمي في البداية "حارة المغاربة". مشاهير وعابرون من بين أسماء المغاربة التي حفلت بها بعض الكتب التاريخية، إلى جانب موسوعة العليمي، هناك محمد النفاتي، الذي كان قاضيا للقدس إلى غاية 1663 ميلادية، ثم الرحالة أبو سالم العياشي، فيما تقلد الشيخ محمد بن محمد الطيب التافلاتي، منصب مفتي للحنفية بالقدس، في القرن 18 ميلادي. إلى جانب ذلك، هناك الشيخ محمد بن بدير، إذ كان يسمى "عالم القدس"، أو "حبيش المغربي". ذكرت أسماء كثيرة في الكتب، منها الشهيرة ومنها عابرون بصموا على تاريخ واسم كبير في المدينة المقدسة. وتبرز هذه الأسماء والمناصب العليا، قيمة المغاربة آنذاك في القدس، والعمل الكبير الذي قاموا به من تحريرها إلى نهضتها وازدهارها. وشملت مجالات عمل المغاربة توسعا كبيرا، إذ وصلت للقضاء والتعليم والإفتاء والعلم، إذ كانوا أكثر طلبا بالمدينة. وأصدر مغاربة القدس كتبا وتفسيرات كثيرة، أرخت لوجودهم المهم في المدينة، وتأثيرهم على الحياة فيها بكل جوانبها.

موجة عصر المماليك

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مرابيط يعود إلى آسفي معارا

وشاح الرأس...إكسسوار صيفي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات