مع الأموي في بيت البصري

مذكرات مستشار اليوسفي 4 مشاورات بين الداخلية والزعيم النقابي حول الانتخابات وتوقعات الفوز والخسارة يعد كتاب عبد العزيز النويضي، مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي، دروس من تجربة « التناوب» وما بعدها، الصادر في 2022، غنيا بالوقائع والأحداث التي عرفها المغرب المعاصر. ويتطرق فيه النويضي، لجملة قضايا أثار بعضها اهتمام الرأي العام لحظتها، وقدم لها تفسيرا يختلف عما راج، وأخرى لم تكن متداولة. وننشر حلقات من هذا الكتاب القيم، بموافقة المؤلف الذي زكى عملية النشر مشكورا لإفادة قراء « الصباح». إعداد: أحمد الأرقام ذات يوم من صيف 1996 طلب مني الأموي مرافقته إلى الرباط دون أن يخبرني عن الهدف. في الطريق أخذنا " كاسكروط» ثقيلا، وكان قد حمله الأموي معه في قطعة من الثوب، وكان يتكون من "خبز الدار" و"لحم الغنم»، وكان وقتها قد مر يوم أو اثنان على عيد الأضحى. في الرباط، وصلنا إلى إقامات فخمة بالسويسي. ترجل الأموي وطلب مني مرافقته. فسألته: إلى أين؟ فأجاب: منزل إدريس البصري. قلت «خذ حريتك، سأنتظرك هنا، فلدي ما يكفي للقراءة حتى تنتهي. ألح الأموي طالبا مني النزول، ففعلت. دخلنا الفيلا الفخمة، وذهب بنا شخص إلى الصالون. أدهشني أن أرى وسطه طاولة كبيرة من الزجاج محمولة على أنياب من عاج الفيلة لم يسبق لي أن رأيت أضخم منها. رأيت صورا للعائلة الملكية على الجدران، كما رأيت أربعة هواتف بألوان مختلفة. واندهشت أيضا أن أرى زجاجات كوكا كولا و"فانتا برتقال" ولونين آخرين، كأنه تحضير لمشروبات بعد الغذاء لعائلة مغربية بسيطة يحب أطفالها هذه المشروبات. بعد لحظة، التحق بنا إدريس البصري فسلم علينا وجلس أرضا بجانب الأموي في ركن على يميني، وبدأ حوار اجتماعي بكل معنى الكلمة تناول مختلف المواضيع، وقال البصري «يمكن هذه، ويمكن الزيادة في هذه، ولكن لا يمكن تغيير هذه، وقد صارت قانونا أليس كذلك السي النويضي؟"، وهذه يمكن تعديلها، وهذه يتعين أن أراجع فيها جلالة الملك. وأتذكر أن البصري خاطب الأموي في نهاية الحوار وتبادلا المبررات «اسي محمد دابا راها جايا الانتخابات وكنطلب منك، الله يرحم الوالدين، باش تحافظ معانا على السلم الاجتماعي باش تدوز بخير". وبعد تلك الجلسة كانت هناك مفاوضات ثلاثية بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل أفضت إلى اتفاق فاتح غشت 1996 بين الحكومة وأرباب العمل والنقابات وكانت مهمة. وأتذكر أيضا أنه قبل مغادرتنا، نادى البصري على شخص كان مكلفا بالانتخابات في وزارة الداخلية (ربما يسمى بنكيران)، كان أبيض اللون وضعيف البنية، وأخذ منه أوراقا عديدة وقال: توقعاتنا أن الاتحاد الاشتراكي سينجح هنا وسيكون ضعيفا هنا، وأن مناضليه أقل ترحالا من كل الأحزاب. كنت مستشارا للأموي في أمور متعددة تهم الوضع الاجتماعي والتحليل السياسي، وأتذكر أنه قبل اتخاذ قرار حاسم يهم إضرابا كبيرا في 1990، دعاني رفقة عبد الله ساعف، وعبد الإله بلقزيز لأخذ رأينا، وكان لكل منا، نحن الثلاثة، تحليله الخاص. ولكن الأموي قرر الإضراب العام بالتشاور مع رفاقه في الكونفدرالية ومع حليفه آنذاك الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. لائحة 400 معتقل سياسي في 1999، كنت مستشارا لليوسفي لما اتخذ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان توصية للملك الحسن الثاني في قضية الاختفاء القسري كانت صادمة، عندما اعتبرت أن الضحايا قد مسوا بأمن الدولة وأن سجنهم في تازمامارت كان رد فعل على ذلك، وطلبت التوصية من الملك بإصدار عفوه عن الجميع. وذهبت عند الدكتور عبد المجيد بوزوبع لأنه نزيه وصادق، سألته إن كان اتخذ الموقف بعد التشاور مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الذي كان يمثلها. أخبرني باستعجال الملك الحسن الثاني لتلك التوصية بهدف إصدار العفو وتقرير تعويضات للضحايا، وبأن الكونفدرالية لن تكون لتعارض وحدها هذه التوصية. وأخبرني أيضا بصموده حينما طلب الملك بمده بلائحة المعتقلين السياسيين للإفراج عنهم والبالغ عددهم 400 اسم، وحين هموا برفع التوصية إلى الملك اقترح إدريس البصري العفو فقط عن نصفهم لأن المطالب ستستمر، وهكذا ستتم الاستجابة إليها في المرحلة الثانية، يضيف البصري فاعترض بوزوبع وقال سأجمع محفظتي وأستقيل من هذا المجلس، وتلقى دعما من عبد اللطيف الفيلالي، وزير الخارجية، فتراجع البصري وتم تقديم اللائحة كاملة إلى الملك الذي أصدر عفوه عن الجميع.

مع الأموي في بيت البصري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الزهراء الوطاسية... الحكيمة

أول ظهور في التلفزيون

مقالات ذات صلة