الطنجالية… الطبيبة

مغربيات أبهرن العالم 2 هن مغربيات نبغن في الطب والشعر والسياسة، حتى فاقت شهرتهن حدود المغرب، وامتدت إلى أوربا والشرق... ، فحفظت صفحات التاريخ نبوغهن وإسهاماتهن في مختلف مجالات العلم. بعضهن تقلدن دواليب الحكم، ولو خلف الستار، وأخريات تفوقن على الرجال في الشعر والأدب، فذاع صيتهن طيلة قرون وأشاد الملوك بتفوقهن... في الحلقات التالية قصص مغربيات، منهن من طوى سيرتها النسيان، في غياب دراسات تاريخية، وأخريات اختفت صورهن الفوتوغرافية، لكن المراجع التاريخية القليلة تكشف عن نفوذهن، حتى أبهرن الباحثين في كتب التاريخ عن حكاياتهن الفريدة.. خالد العطاوي عاشت أم الحسن الطنجالية، حسب عدد من المراجع التاريخية، في القرن الثامن الهجري، وتنتمي لعائلة عريقة في مجال العلم والمعرفة اشتهرت بالجلسات العلمية في مختلف الميادين العلمية والأدبية، كما أن والدها هو العالم أحمد بن عبد الله بن عبد المنعم أبي جعفر الطنجالي، الذي يعتبر أحد شيوخ لسان الدين بن الخطيب، وحل بالأندلس قادما من المغرب. وتشير المراجع نفسها إلى أن الطنجالية تأثرت بمسار والدها الذي كان ملما بصناعة الطب، كما أُسندت إليه ولاية "قضاء بلوشة"، وهي مدينة بالأندلس بضواحي قرطبة، قبل أن يموت متأثرا بالطاعون في 750 هجرية. تلقت الطنجالية عن والدها عشق المغرب، فلقنها حظا وافرا من العلم، إذ ترعرعت في أحضان الكتب والحلقات العلمية، فأجادت قراءة القرآن بقواعده، وشاركت أباها البحث في قضايا الطب ... ولم تكن الطنجالية بارعة في الطب وحده، بل برزت في الشعر أيضا، فوصفها ابن الخطيب بأنها كانت "نبيلة حسيبة"، حتى أنها تركت فراغا بعد وفاتها، نظرا لمكانتها الكبيرة لدى الجميع. وتحتفظ المراجع التاريخية ببعض أبيات شعرها، مثل نظمها: الخط ليس له في العلم فائدة وإنما هو تزيين بقرطاس والدرس سؤلي لا أبغي به بدلا بقدر علم الفتى يسمو على الناس أفرد لها ابن الخطيب ترجمة بقوله "كانت تجيد القرآن، وتشارك فنونا من الطب، وتنظم أبياتا من الشعر"، ووصف شعرها بقوله إنها "ثالثة حمدة وولادة وفاضلة الأدب المجادة. تقلدت المحاسن من قبل ولادة، وأولدت أبكار الأفكار، قبل سن الولادة، ونشأت في حجر أبيها، لا يدخر عنها تدريجا ولا سهما، حتى نهض إدراكها، وظهر في المعرفة حراكها، ودرسها الطب، ففهمت أغراضه، وعلمت أسبابه وأعراضه، وفي ذكر شهرها، لما قدم أبوها من المغرب، وحدث بخبرها المغرب، توجه بعض الصدور إلى اختبارها، ومطالعة أخبارها، فاستنبل أغراضها واستحسنها، واستطرف لسنها، وسألها عن الخط، وهو أكسد بضاعة جُلبت، وأشح درة حلبت...". ولم يذكر المؤرخون معلومات دقيقة عن تاريخ ولادتها أو وفاتها، ولا يعرفون سوى أنها عاشت في القرن الثامن الهجري، أي أنها ولدت وعاشت قبيل سنة 750 هجرية، وهي سنة وفاة والدها. ويرى عدد من الباحثين أن الطنجالية استفادت من رحلة والدها إلى الأندلس، مشيرين إلى أن تاريخ الأندلس يزخر بعدد من النساء العالمات اللائي تركن تاريخا حافلا بسلسلة من العطاءات العلمية والفكرية الغزيرة، وسطرن واقعا فكريا متميزا نظرا لقوة إدراكهن وإقبالهن الكبير على تعلم العلم وتعليمه، كما أن صيتها يعود إلى نشأتها في بيت اشتهر بالعلم وحسن الأدب والأخلاق، فاشتهرت بالخير والفضل والورع والنسك.

الطنجالية… الطبيبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بدايتي كانت بنجم الشباب

صراعات سلفية قبل الالتحاق بداعش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات