fbpx
الصباح السياسي

المحكمة الدستورية … حارسة القوانين

دستور 2011 عزز دورها وقراراتها لا تقبل الطعن

عزز دستور 2011 مكانة المحكمة الدستورية في منظومة القضاء، وأوكل لها دورا كبيرا في الحرص على ضمان دستورية القوانين، والحسم في النزاعات الانتخابية، ومراقبة القوانين الداخلية للمجالس المحدثة بقانون تنظيمي، والتـأكد من مدى مطابقة المعاهدات الدولية للدستور. كما باتت أعلى هيأة قضائية في الهرم، وقراراتها ملزمة ولا تقبل الطعن.

السلطة للقانون أولا

هندستها مزدوجة وقراراتها ملزمة
تعد المحكمة الدستورية أعلى هيأة قضائية في المغرب، يعين الملك رئيسها وخمسة من أعضائها، بينما ينتخب البرلمان الستة الباقين، وهي تمارس رقابة قبلية وبعدية على مدى دستورية القوانين، وتبت في موافقة الاتفاقيات الدولية التي يوقعها المغرب مع الدستور، وتختص بالنظر في صحة انتخاب أعضاء البرلمان، وتفصل في الطعون الانتخابية.
وعين الملك محمد السادس، رئيس المحكمة الدستورية، وأعضاءها في 4 أبريل 2017، ليتم الارتقاء بهذه المؤسسة الدستورية من مجلس دستوري الذي أقر به دستور 1996، إلى محكمة دستورية تطبيقا لمقتضيات دستور 2011، علما أن المغرب أحدث الغرفة الدستورية في 1962.

وتتألف المحكمة الدستورية من 12 عضوا، يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، ستة أعضاء يعينهم الملك، من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وستة أعضاء ينتخب نصفهم مجلس النواب، وينتخب النصف الآخر مجلس المستشارين من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس، ويتم كل ثلاث سنوات تجديد ثلث كل فئة من أعضاء المحكمة الدستورية.
ويختار أعضاء المحكمة الدستورية من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين عال في مجال القانون، وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية، والذين مارسوا مهنتهم لمدة تفوق خمس عشرة سنة، والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة.
وعوض ذلك، شهدت عملية انتقاء المرشحين لعضوية المحكمة الدستورية في البرلمان، غلبة الطابع الحزبي الضيق في الاختيار، واعتماد معيار ترضية الخواطر بين زعماء وقادة أحزاب ونقابات، وجبر ضرر من لم يحالفه حظ الاستوزار، ونيل منصب عال، وبدا جليا أن البرلمان، عوض أن يرشح شخصيات مستقلة، دافع المتحزبون والنقابيون عن أصحابهم، واعتبروا أنهم يستحقون أهلية الترشيح للمحكمة الدستورية، رغم أنهم ليسوا مختصين في الفقه أو القانون الدستوري، الذي لم يعد له المكانة المستحقة في الجامعات المغربية كما العلاقات الدولية ، والعلوم السياسية.

وتبادل السياسيون المنافع بالدفاع عن برلمانيين لتولي منصب في المحكمة الدستورية التي تغري بالتعويضات الشهرية السمينة، لذلك تأخرت عملية تنصيبها، لشهور بسبب احتدام الصراع والخلاف بين أحزاب، ورئاسة مجلسي البرلمان، وصلت إلى حد التجريح في بعض الشخصيات التي لها قيمة سياسية دون أن تكون ملمة بعمل المحكمة الدستورية، وبعضها دخلها من باب المحاماة وعدد أعضاء الفريق الحزبي في كلا المجلسين (النواب والمستشارون)، بل تم إبعاد حزب آخر رغم توفره على بعض الكفاءات لأنه لم يكن لديه العدد الكافي في البرلمان.

ويتم ترشيح شخصيات لمناصب عليا من داخل البيت الحزبي، ما يؤدي إلى احتدام الصراع والرفع من قيمة الولاء للزعماء، التي حولت الأحزاب بما فيها مدعية الحداثة والتقدمية، إلى زوايا يقدم فيها الأعضاء فروض الطاعة للزعماء القادة، لكي يظفروا بمنصب يدر عليهم تعويضا شهريا سمينا، يساوي أو يتجاوز تعويض رئيس الحكومة، لذلك سيكون من الأفيد مراجعة معايير تقديم المرشحين لهذه المناصب العليا، بناء على الكفاءة فقط.

وتبت المحكمة الدستورية في مطابقة القوانين التنظيمية والأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان (النواب والمستشارون) للدستور قبل العمل بها. ويمكن للملك ورئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان، أو خمس أعضاء مجلس النواب، وأربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين والاتفاقيات الدولية قبل إصدار الأمر بتنفيذها أو قبل المصادقة عليها إلى المحكمة الدستورية لتحسم في مطابقتها للدستور.

كما يخول الدستور المحكمة الدستورية الحسم في صحة انتخاب أعضاء البرلمان، وتقديم الطعون الانتخابية، لإجراء الانتخابات الجزئية، وعمليات الاستفتاء الشعبي.
وتختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، أثير أثناء النظر في قضية ما، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع، يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.

قرارات
لا تقبل قرارات المحكمة الدستورية أي طريقة من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة، وجميع الجهات الإدارية والقضائية، لذلك يرفض السياسيون التعليق على قراراتها، بل إن أغلبهم يؤكد أنه يرحب بقرارها الرامي إلى الدعوة لإعادة إجراء انتخابات، رغم أن أسباب ذلك تظهر أحيانا ذات “توجه سياسي”، أكثر منه قانونيا، كما حصل، أخيرا، في دائرة الحسيمة، بالادعاء أن الطاعن اعتبر أن المطعون فيهم لم يحترموا الاحترازات الصحية لوباء كورونا، وأعضاء المحكمة الدستورية يعرفون أن جل المرشحين سواء الفائزين، أو الذين لم يحالفهم الحظ لربح أي مقعد في الانتخابات الثلاثة في 8 شتنبر 2021، لم يحترموا شروط الطوارئ والقيود الصحية، إذ الجميع خرقها وبدون استثناء.

أحمد الأرقام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.