مقاول عصامي أنشأ تعاونية لأركان وأملو باعتماد طرق حديثة في الإنتاج والتسويق هو مقاول عصامي، وواحد من أبناء الصويرة الذين اختاروا الاستقرار بالعاصمة الاقتصادية للبحث عن فضاء أرحب وتحقيق ذاته وسط عالم متجدد ومتغير، قبل أن ينجح في إنشاء مقاولة خاصة به تطورت إلى تعاونية للمنتوجات المحلية "بيو" لخدمة المستهلك وإدماج أبناء وبنات قريته الصغيرة اقتصاديا والمساهمة في عجلة التنمية. مبارك ياسين مثال للطاقات الشابة التي استطاعت نسج قصة نجاح بإمكانياتها الذاتية وبإيمانها اللا محدود بأحلامها، وهو ما جعله يستحق دخول نادي "قافزين" من بابه الواسع، من أجل تشجيعه على مواصلة أهدافه لخدمة التنمية، وفي الوقت نفسه للتعرف عن كثب عن كواليس نجاحه في تحقيق مشروع "تعاونية بيو بلادي"، التي تخص زيت الأركان وأملو ومواد التجميل الذي تحول إلى وسيلة للإدماج الاقتصادي. بداية الحكاية بعدما غادر مبارك مقاعد الدراسة في المستوى الخامس ابتدائي، قرر العمل بحارا ثم الاشتغال لحاما (سودور) لمدة أربع سنوات، قبل أن يفكر في الهجرة إلى العاصمة الاقتصادية لخوض تجربة جديدة، حيث اشتغل لدى أحد الأشخاص في مجال الزيتون بأجر هزيل، ليختار بعد الاندماج في الوسط الحضري وتعلم أساليب الحياة، اقتناء عربة مجرورة لبيع المنتوجات المحلية، التي يتم استقدامها من مدينته الصغيرة. ولأنه يؤمن بأنه لا يمكن البقاء أجيرا، قرر خوض تجربة تربية النحل بقريته، رغم صعوبتها بعد نفوق عدد مهم منها، "أنا كنقرا بالفلوس ماشي كنخدم باش نربحهم، كنت كنحاول نتعلم كيفاش ندبر أموري ونواجه صعوبات الحياة" يقول مبارك. وبعد تكرار تجربة مشروع تربية النحل بالصويرة رغم تسجيل خسائر مالية في الفترة السابقة، تمكن مبارك من حصد ثمار إصراره ومجهوداته، إذ أصبح يبيع ما تنتجه أسراب النحل التابعة لمشروعه الصغير، حيث ينتقل لبيع العسل لعدد من معارفه وكذا سكان البيضاء. المعقول رأسمال النجاح كشف مبارك أن المعقول هو رأس مال الإنسان ومفتاح النجاح، مضيفا "المعقول هو أساس النجاح ساهل باش تغش وغاتربح بطريقة سريعة لكن تأكد أنك ستخسر اسمك وقيمتك في السوق وستفقد الزبائن". وأضاف المتحدث نفسه في حديث مع "الصباح"، "بواسطة المعقول استطعت الحصول على سمعة طيبة وقيمة لدى عدد من المستهلكين، الذين كانوا يتصلون بي للتوصل بطلبياتهم بغض النظر عن ثمنها ما إن كان زائدا ب50 أو 100 درهم، لأنهم وجدوا في منتوجاتي وتعاملاتي الجودة والمعقول". المصالحة مع المستهلك بعدما نجح مبارك في كسب رهان بيع منتوج العسل، قرر خوض تجربة جديدة ومغامرة أكبر، تتمثل في إنشاء تعاونية إنتاج منتوجات "البيو" التي تخص إنتاج زيت الأركان وأملو والعسل الحر، مشيرا إلى أنه وجد في تجاوز محنة كورونا وعودة الأنشطة التجارية والمعارض والمهرجانات فرصة لا تعوض لفتح محلات تجارية تابعة لتعاونيته لخلق علاقة مباشرة بين المنتج والمستهلك. ولمصالحة المستهلك مع المنتج، قرر مبارك خوض تجربة غير مسبوقة تتمثل في تحويل محلاته التجارية وعدد من فروع مشروعه إلى فضاء حي لإنتاج زيت الأركان وأملو، مضيفا "اليوم يمكن للزبون الاطلاع على كيفية صنع زيت الأركان حيث سنحضر حبة "أفياش" لتكسيرها أمامه واستخراج اللب الذي يسمى "تيزنين" ثم عصرها قبل الحصول على المنتوج الذي اختاره وعاين مراحل إنتاجه، وهي الطريقة نفسها التي سنقوم بها في ما يخص زيت الزيوت وأملو". وأضاف المتحدث نفسه، أن مشاركة المستهلكين طريقة الإنتاج ستشمل إنتاج زيت الأركان ومستحضرات التجميل، التي تتميز بأنها طبيعية مائة بالمائة، وتمييز الصالح من الطالح، في ظل موجة الغش التي أصبحت منتشرة لدى عدد من التجار، "راه كاين زيت أركان اللي كتباع ب350 درهم و400 في حين أن سعره الحقيقي وصل إلى 600 درهم للتر، وهنا يظهر الفرق في الجودة والمعقول". الأصالة والمعاصرة من بين مميزات مشروع مبارك، المزاوجة بين الأصالة والمعاصرة، من خلال الحرص على الاحتفاظ بالأصالة في ما يخص المنتوج ليكون طبيعيا بشكل خالص وذا جودة، وفي الوقت نفسه تسيير المقاولة بطريقة عصرية تتمثل في تشغيل محاسب ومساعدين مختصين في التواصل مع الزبناء، في انتظار تخصيص صفحة رسمية للتعاونية على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام المقبلة بهدف الانفتاح أكثر على العالم. وأوضح مبارك أن المبتغى من إنشاء هذه التعاونية، الرغبة في تسويق المنتوج المحلي، الذي هو زيت الأركان لتحقيق الذات وخلق مورد رزق للنساء والأشخاص الذين يبحثون عن فرصة عمل تنتشلهم من الفقر وتقيهم الحاجة. -"منتوجات بيو" أفادت نزهة إحدى العاملات بالتعاونية، المكلفة بتسويق مستحضرات التجميل، أن مبارك استطاع بمشروعه توفير فرص الشغل لنساء الدوار، وضمان مدخول مادي قار لهن ولباقي النساء بالعاصمة الاقتصادية، مضيفة "السي مبارك قررت الاشتغال معه بعدما تبين لي أن مشروعه واعد، كما أنه يتميز بتواضعه وحرصه على الاستماع إلى آراء واقتراحات مساعديه وزبنائه والعمل بمضامينها، الأفكار الناجحة لا تحتاج إلى المستوى التعليمي للشخص، بل إلى مستوى ذكائه ورغبته في الاستفادة من تجارب الآخرين، والحمد لله بفضل تلاقح أفكارنا واعتمادا على إيمان المقاول بكفاءات مساعديه، خطونا خطوات نحو النجاح الذي نتمنى أن يستمر بدعم ومواكبة الدولة لأجل توسيع نشاطها الاقتصادي والاجتماعي". وأوردت نزهة أن تعاونية "بيو بلادي" استطاعت أن تكشف غنى وثراء موروث المنتوجات المجالية ومؤهلاتها اللامتناهية للتموقع رافعة اقتصادية واجتماعية، وتكرس منحى الابتكار المغربي وتألق علامة "صنع في المغرب". وأوردت المتحدثة نفسها، أن التعاونية الشابة التي تحمل اسم "بيو بلادي"، تمكنت تثمين مادة الأركان التي ينفرد المغرب بجودتها، حيث استخلصت من مشتقاتها مستحضرات للتجميل تلقى إقبالا كبيرا باعتبارها منتوجات طبيعية أصبح الإقبال عليها من قبل المستهلك الذي يبحث عن كل ما هو طبيعي، بعيدا عن الإنتاجات الكيماوية التي لها أضرار بالصحة. محمد بها