انتصارات جيش التحرير في الصحراء

بنسعيد...أوراق المقاومة (الأخيرة) تحركه دفع الإسبان إلى التراجع والتنازل عن مراكزهم شكل الاعتراف الإسباني الأخير بجدية مقترح الحكم الذاتي، واعتباره الحل الوحيد لطي نزاع ملف الصحراء، تحولا عميقا في العلاقات بين البلدين الجارين، بالنظر إلى المسؤولية التاريخية لمدريد، باعتبارها البلد المستعمر سابقا للصحراء. ويمثل اعتراف إسبانيا، صحوة ضمير ومصالحة مع التاريخ، وهي التي واجهت قواتها مقاومة من قبل جيش التحرير في الصحراء، دون بعض فصولها المقاوم محمد بنسعيد آيت يدر في مذكراته، التي اختار لها عنوان "هكذا تكلم محمد بنسعيد». وتنويرا لقراء "الصباح" بفصول من ملحمة المقاومة في الجنوب، اخترنا نشر فصول من مذكرات بنسعيد، بعد الحصول على موافقة منه. إعداد: برحو بوزياني ما قام به جيش التحرير لمواجهة تحالف الجيشين الاستعماريين الإسباني والفرنسي، هو القيام بتعزيزات عسكرية لمواقعه ومقاطعاته الخمس عشرة بالصحراء وعلى الحدود الفاصلة بين الجنوب المحتل والشمال المستقل. في تلك الظروف، ستوفد القيادة المركزية بكلميم الضابط بن إبراهيم، بصفة سرية إلى موريتانيا قصد معاودة الاتصال بالوطنيين والبحث عن سبل للتنسيق. وتضمنت المهمة أيضا استدعاء شيوخ قبائل أولاد الدليم والرقيبات القاطنين بصحراء وادي الذهب. وموازاة مع تلك المهمة، أصدرنا أمرا إلى قائد الرحى محمد بن الجيلالي المرابط بوادي الساقية الحمراء، تحديدا بالمركز المعروف بـ"تافودارت"، بأن ينتقل بجنوده إلى"الكلتة" ليكون قريبا من منطقة وادي الذهب ويربط اتصالا مستمرا مع الضابط ابن إبراهيم. فرغم هزيمة جيش التحرير في معركة أدرار لم يسقط جيش التحرير موريتانيا من حساباته، وإنما تقوى وتجدد عزمه على تحرير كل شبر من جغرافية المغرب، كما جاء رسم حدودها في الخريطة التي وضعها الزعيم علال الفاسي حين كان المغرب يتفاوض مع فرنسا على استقلاله. وفي غشت 1957 أفلح جيش التحرير في الإيقاع بجاسوس مغربي بعثته السلطات الفرنسية من تيندوف لتزويدها بمعلومات عن مراكز الجيش وتحركاته. وفي الوقت نفسه عاد المسؤولان علال بن عمر وبن ابراهيم من مهمتهما بالصحراء المغربية وأخبرا القيادة بأن الحالة هناك هادئة والطريق سالكة، مع أن العكس هو الذي كان حاصلا، بيد أن هذه الإفادة المغلوطة لم تؤثر كثيرا على سير الأحداث، إذ سرعان ما سيحرر جيش التحرير السمارة ثم بعدها طانطان. وبدا للفرنسيين أن الإسبان تخلوا عنهم وهم يخلون مواقعهم بالجهة الغربية من الصحراء المغربية. ولم يفطنوا إلى أن تحرك جيش التحرير دفع الإسبان إلى التراجع والتنازل عن مراكزهم كرها، وترحيل كل الأطر الأوربية العاملة بمراكز الحدود مع الإبقاء على الجنود المغاربة في الجيش الاسباني. كما أن الاسبانيين تعمدوا ألا يخبروا الفرنسيين بما يقع لهم على أرض الواقع، حتى لا يظهروا أمامهم في صورة العاجزين عن حماية مواقعهم أمام جيش التحرير. بدأ الأمر باختراق في الجبهة الاسبانية، عندما عمدت المقاطعة الثامنة بجيش التحرير إلى الاتصال بالجنود المغاربة الصحراويين العاملين بالجيش الإسباني في مركز العركوب وأوسرد، وعقدت معهم اتفاقا على احتلال المراكز المحيطة بالداخلة وحصلت تجمعات حضرها أعيان وشيوخ من قبائل الرقيبات وأولاد الدليم تناولوا فيها إمكانيات العمل لتحرير المنطقة من الاستعمار الاسباني... لقد لعبت القبائل دورا مهما في إجلاء الإسبان، إذ إلى جانب الرغبة في التخلص من الاستعمار وترجمة ذلك إلى سلوك وطني عبر عنه الجنود الصحراويون المنضوون تحت لواء الجيش الاسباني بانشقاقهم عنه استجابة لدعوة من بعض قيادات جيش التحرير بالمنطقة، كان للدعاية دورها في تخويف الإسبان فقد خاطر قائد المقاطعة الثامنة ناضل الهاشمي بحياته وهو يبادر، من دون أن يُعلم قيادة الجيش في كلميم، بترك مركزه بالسمارة والانتقال إلى وادي الذهب على متن جيب صغيرة مصحوبا فقط بثلاثة من معاونيه ومستقدما معه مدفعا من عيار 24 ومجموعة بنادق خفيفة.

مؤاخذة تلميذ اعتدى على أستاذه

انتحار امرأة بالحوزية

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات