شيوخ الزوايا وانتخابات 1960

الزوايا في الأرشيف الفرنسي 4 العديد من المواسم الدينية أقيمت قبيل إجراء الانتخابات لدعم منتخبين تعتبر الوثائق التاريخية مصدرا مهما في التاريخ، إذ توفر معلومات تاريخية وجب التحقق من صحتها وتوظيفها في مجالات البحث التاريخي لإعطاء وضمان مصداقية للحقائق التاريخية. وكما يقال «لا تاريخ بدون وثائق». سعيد الحسايني، الباحث في التاريخ المعاصر، يقدم لقراء «الصباح» بعض هذه التقارير والوثائق، وأبحاثا أنجزها بمركز الأرشيف الدبلوماسي ب «نانت» الفرنسية، تروي جوانب من الشأن الديني اليهودي، وأولياء الطائفة اليهودية بالمغرب، الذين شكلوا نموذجا للتسامح الديني بالمغرب، ونشاط الزوايا والطرق وعلاقتها بالأحزاب السياسية والمخزن. إعداد: برحو بوزياني تستغل الطرق والزوايا الدينية العادات والتقاليد والمعتقدات المغربية لبسط نفوذها وسيطرتها السياسية، والملاحظ أن عددا كبيرا من المغاربة كانوا ينتسبون إلى الطرق والزوايا الدينية، ويمارسون طقوسها الدينية المتوارثة عبر الأجيال باحتفالية وبعشوائية. بالإضافة إلى العدد الهائل للطرق والزوايا الدينية وآلآلاف الأضرحة المنتشرة في الأرياف المغربية، من المؤكد وجود مساجد عتيقة ومقابر خاصة في المدن أو في ضواحيها، تضم أضرحة مؤسسي أو شيوخ إحدى الطرق الدينية داخل المغرب أو خارجه، وما زال أتباع ومريدون يقدسونها ويبجلونها ويزورونها طلبا للبركة أو يستعملونها ملاذا آمنا. وعلى المستوى السياسي، فمن الضروري التمييز بين المدن التي عرفت انتشارا واسعا لأفكار الحداثة، وصارت تغلب عليها الدعاية للفكر العلماني والتنويري. هذا التحول الذي قادته التيارات المختلفة للحركة الوطنية وللأحزاب وللنقابات العمالية والمهنية من جهة، ومن جهة ثانية في البوادي التي أصبحت تحت سيطرتها، وتم إقصاؤها وتهميشها بسبب ضعف التمثيل الإداري وغياب أجهزتها، وكذلك بسبب الصراعات السياسية لمختلف الهيآت الحزبية. وبعد ثلاث سنوات من حصول المغرب على الاستقلال، تحققت القليل من الوعود، وتحطمت الكثير من الأحلام والآمال، وأصبحت النخب التقليدية في البوادي ملاذ وآمال سكان الأرياف، بعد أن تم تفريق وتهميش أدوار أعيان وزعماء القبائل، وصارت لشيوخ الطرق والزوايا الدينية مكانة اعتبارية جيدة لدى السكان، واستعاد رؤساء الزوايا نفوذهم الروحي، الذي لم يختف رغم محاولات تهميشها وعدم اعتبارها فاعلا أساسيا في البوادي المغربية. ويبدو أن الانتخابات الجماعية والبلدية التي كان مقررا إجراؤها بالمغرب بتاريخ 29 ماي 1960، من خلال الاقتراع العام المباشر المبني على نظام انتخابي، يمنح لكل مواطن الحق في الترشح وفي التصويت الفردي، قد منحت لشيوخ الزوايا الدينية فرصة جديدة، وسمحت لهم باستعادة تأثيراتهم الروحية وتأطيرهم لفئات اجتماعية عريضة بالمغرب. واعتبارا لما سبق، واستعدادا لإجراء الانتخابات، تم تنظيم العديد من المواسم الدينية المؤطرة من قبل الطرق والزوايا الدينية لاستقطاب وتأطير عشرات الآلاف من المريدين والأتباع. وفي هذا الإطار، رخصت السلطات لتنظيم عدة مواسم دينية، إن لم تكن قد شاركت فيها إلى جانب شخصيات سياسية نافذة، بعد التأكيد على الطبيعة الدينية لهذه الاحتفالات، وهي ضمانات قدمتها السلطات للزوايا والطرق الدينية المعنية. وأفادت الصحافة المغربية الناطقة بالفرنسية، ومختلف المنابر الإعلامية بالمغرب، أن من أبرز المواسم الدينية، وأهمها التي أقيمت خلال 1959، هناك موسم الولي مولاي بوشعيب، الولي الصالح لمنطقة دكالة ودفين مدينة أزمور، وهو أحد تلاميذ الفيلسوف الغزالي، وله مكانة دينية مهمة لدى العديد من الطرق والزوايا الدينية، بالإضافة إلى موسم الولي الصالح مولاي بوعزة، زعيم الزاوية القادرية ببلاد زيان ودفينها، ثم الولي مولاي عبد السلام بنمشيش، الملقب بـ"سلطان جبالة"، التوأم الروحي لمولاي عبد القادر الجيلالي، حيث يوجد ضريحه بجبل العلم (إقليم تطوان)، وأحد المراكز العلمية الكبرى في العالم الإسلامي المغاربي، وموسم الولي الصالح مولاي العربي الدرقاوي، مؤسس الطريقة الدرقاوية، وضريحه الموجود بمنطقة أمجوط (قبائل بني زروال، إقليم تاونات حاليا)، له أتباع ومريدون كثر في جميع أنحاء شمال إفريقيا وفي برقة الليبية وكذلك في مكة. وهناك موسم الولي الصالح سيدي عبد القادر بن محمد الذي حج إليه أكثر من25 ألف مريد خلال الموسم الذي أقيم في 1959 بحضور قوي للسلطات المحلية بإقليم وجدة. ويظل الموسم الكبير للولي الصالح مولا قبتين "آمحمد بن منصور"، أحد أكبر رجالات المتصوفة بمنطقة الغرب (حاليا جماعة بن منصور القنيطرة)، منع بتاريخ 23 شتنبر 1959، خوفا من انتشار الوباء الذي كان بالمنطقة وقت ذاك. فرصة جديدة الانتخابات منحت لشيوخ الزوايا الدينية فرصة جديدة، وسمحت لهم باستعادة تأثيراتهم الروحية وتأطيرهم لفئات اجتماعية عريضة بالمغرب

شيوخ الزوايا وانتخابات 1960

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مولاي عبد الله... مركب "المغرب"

رسائل دكتوراه وماستر في "الدلالة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات