فضحت الأمطار التي تهاطلت على بلادنا بمعدلات قياسية. مطلع الأسبوع الجاري، بعض المشاريع التي دشنها جلالة الملك في بعض المدن، التي تمول من عائدات برامج التأهيل الحضري، أو ميزانيات المجالس الإقليمية، أو من مؤسسات أخرى. وانكشفت فضائح خطيرة في تطوان، وهو ما يفرض مساءلة المسؤولين عنها قضائيا، على رأسهم الرئيس السابق، الذي يريد الهروب إلى الأمام، ورمي الكرة في شباك جهات أخرى، وكأنها هي التي صوت عليها الناخبون. وكشفت أمطار الربيع عيوبا تقنية خطيرة في المشاريع التي تحتضنها العديد من المجالس الترابية، نظير الخميسات والمهدية وتطوان، التي وجد المسؤولون عنها أنفسهم، في قلب فضيحة غش واضحة، جعلت العديد من السكان يخرجون عن صمتهم، منددين بكل العيوب التقنية الخطيرة التي طالت بعض الشوارع الرئيسية التي استفادت من مشروع إعادة التهيئة، وصرفت عليها ملايير الدراهم في عهد منتخبين "كبار" استحوذوا على الملايين وذهبوا. واحتج سكان مدن تضررت من فيضانات أمطار الربيع على الفساد، الذي طال الأشغال، التي رصدت لها أغلفة مالية دسمة من أموال التأهيل الحضري، وهي الأغلفة، التي توزع على رؤساء محظوظين، يحسنون التحدث بالهاتف، ولهم علاقات قوية، وهو ما يفرض على الوزارة الوصية، إعادة النظر في كيفية توزيع الملايير على الجماعات الترابية. وارتفعت عدة أصوات جمعوية ومدنية في المدن، التي تضررت من الفيضانات، مطالبة المفتشية العامة للإدارة الترابية، بزيارة كل الأوراش المفتوحة التي رصدت لها الملايير، وفتح تحقيق مع المقاولات المستفيدة ومكاتب الدراسات وصناع القرار في العمالات، لترتيب الجزاء الذي يستحقه كل طرف، مادامت الفضائح في الغش ترفض التوقف عن طواعية. وفي شاطئ المهدية، عرت أمطار الخير وضعية إعادة تهييء الكورنيش، الذي صرفت عليه أموال طائلة من مالية المجلس الإقليمي، إذ زحفت الرمال عليه، ورغم العيوب التقنية، لم يتحرك أحد، وإذا ظهر السبب بطل العجب، فصاحب المقاولة المستفيدة من المشروع التي تولت إعادة الكورنيش، تربطه علاقة جيدة مع بعض المسؤولين، ولذلك فإن رياح المحاسبة لن تهب عليه. ويفرض الغش نفسه، الذي كشفت عنه أمطار الربيع، على الإدارة المركزية لوزارة الداخلية، التعجيل بتحريك آليات المراقبة، وتفعيل المحاسبة، بدل ترك الأمور تمر في صمت دون تطبيق شعار "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، كما يفرض إعادة النظر في طريقة استفادة رؤساء جماعات "مقربين" ومدعومين" من التمويل من المديرية العامة للجماعات الترابية. عبد الله الكوزي