الرفـاق فـي مفتـرق الطـرق

التقدم والاشتراكية لم يقدم قياديين لخلافة بنعبد الله وتجاوز مرحلة التحالف مع الإسلاميين حافظ التقدم والاشتراكية، على مكانته وسط الأحزاب، من خلال الإعلاء من شأن الممارسة السياسية والدفاع عن مبادئ الحزب ومرجعيته الاشتراكية، حتى وهو مشارك في حكومة عبد الإله بنكيران، الإسلامية، ما جعله يتميز في الوطن العربي بأن شارك الشيوعيين السابقين في حكومة قادها الإسلاميون، لكن ذلك لم يعف الحزب من أداء الثمن وهو ما ظهرت إرهاصاته بشبح عزلة قد تطول إلى أن يحدث تغيير الخريطة الحزبية وإعادة انتشار بين الأغلبية والمعارضة، خاصة بعدما فشل الرفاق في تقديم خليفة متوافق بشأنه للأمين العام الحالي نبيل بنعبد الله. ثمن التحالف مع الإسلاميين الحزب يحاول استعادة صوته في البرلمان واسترجاع مثقفيه ومناضليه اشتد الخلاف بين بعض قادة الحزب، ورئيسه محمد نبيل بنعبد الله، أثناء المشاركة في حكومة بنكيران، التي كانت سخية معه بمنحه 4 حقائب وزارية أثناء إجراء التعديل الحكومي، وهي الحقائب الوزارية التي لم يحلم بها حتى مع رفاق الأمس أحزاب الكتلة الديمقراطية الذين قزموا مشاركة حزب " الكتاب" منذ عهد حكومة الراحل عبد الرحمن اليوسفي، الكاتب الأول الأسبق للاتحاد الاشتراكي، إلى حكومة عباس الفاسي، الأمين العام السابق للاستقلال، بحقيبة وزارية وحيدة، وفي أحسن الأحوال حقيبة ونصف حقيبة، وعدم التفاعل مع نداءاته بعقد اجتماعات للكتلة لاتخاذ مواقف جماعية تخدم مصالح تلك الأحزاب ضد المنافسين. وتم تهميش حزب "الكتاب" في مناسبات كثيرة، رغم رجاحة بعض مواقفه السياسية ، إذ ساند دستور 1992، لتسهيل عملية التناوب التوافقي الأولى التي فشلت بسبب حروب صغرى لأحزاب الكتلة بين قادة الاتحاد الاشتراكي، وقادة الاستقلال، إذ قاد الراحل علي يعتة، الرجل القوي والشخصية الكارزمية صراعا للتصويت لفائدة الدستور، والاحتفاظ باختصاصات المؤسسة الملكية، وصلاحياتها الدينية والدستورية والسياسيـــة، ورفض قادة الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، ورغم ما جرى من تأجيل للتناوب التوافقي الذي كانت فيه الحكومة ستحكم في 1994، بتدبير كل الحقائب الوزارية بما فيها حقائب السيادة، باستثناء الداخلية المحفظة من قبل إدريس البصري، برعاية ملكية، انتفضت أحزاب الكتلة ورفضت الدستور، والرأي الملكي بتحقيق التناوب، وخاضت حربا ضد التقدم والاشتراكية لعزله، واتضح بعد ذلك أن الكتلة ضيعت الامتيازات التي منحت لها وأجهضت التناوب التوافقي في حينه، لتحصل على تناوب في 1998، بحكومة كبيرة بدون حقائب سيادة، فبرز أن التقدم والاشتراكية على عهد علي يعتة، وإسماعيل العلوي كان محقا. وقبل ذلك، فإن التقدم والاشتراكية، الحزب الوحيد الذي رفض دعم غزو صدام حسين لدولة الكويت، وتم وصفه بحزب "الخونة"، وقال الملك الراحل الحسن الثاني جملة سياسية حكيمة لأحزاب الكتلة " ترى لو منحتكم حقيبة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون لتدبروها، كما كنتم تطلبون دائما في مذكرات التعديل الدستوري، التي تصفونها بأنها وزارة السيادة، لكنتم تسببتم بعاطفتكم ومشاعركم في قطع المغرب لعلاقته مع 32 دولة في العالم من التي شاركت في التحالف الدولي لإخراج قوات صدام حسين من العراق". لكن حزب "الكتاب" الذي أظهر حنكته في صياغة البلاغات السياسية لمكتبه السياسي على عهد نبيل بنعبد الله كما السابقين، بشهادة خصومه، والمختلفين معه، شهد تصدعا داخليا، منذ أن رفض رفاقه اليساريون، المشاركة في حكومة بنكيران الإسلامية، خاصة من الذين تعرضوا لتهجم من قبل الإسلاميين الذين جمدوا الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، التي كادت تعصف بالمجتمع بسبب حدة الخلافات بين القيادي سعيد السعدي الذي أشرف على الخطة ولم يتمكن من تنفيذها، وبين الإسلاميين من مختلف التيارات الذين ظلموا الرجل وحزبه. ورفض رفاق بنعبد الله أن يستمر الحزب مشاركا في حكومة الإسلاميين بقيادة سعد الدين العثماني، بالرغم من خسارته الانتخابية المدوية التي لم تكن في الحسبان، إذ اعتبر قادة حزب " الكتاب" أن النتيجة الانتخابية، هي انتقام بسبب تقربه من بنكيران، لأنهما معا أسهما مع المؤسسة الملكية، في نجاح الديمقراطية، في وقت شهدت فيه دول عربية إسقاط أنظمة، ولم يستوعب البعض من الفاعلين هذا القرار السياسي " الهجين" الذي جمع بين " الإخوان والشيوعيين" في حكومة واحدة، إلى أن شاهد وضعية دول عربية تعرضت للتخريب لأن زعماءها رفضوا الديمقراطية والتنافس عبر صناديق الاقتراع، ورفضوا مشاركة الإسلاميين الذين يعدون من المجتمع، بل لم يفهموا درس جلالة الملك محمد السادس، الذكي الذي تفاعل مع الحراك الشعبي، وعدل الدستور ولم تتدخل الدولة لتزوير الانتخابات، فقاد العدالة والتنمية، الفائز في الانتخابات، الحكومة طبقا للدستور. واستمر التقدم والاشتراكية في لعب دوره في البلاد، رغم قلة برلمانييه، وذهاب مثقفيه، وابتعاد مناضليه عن الساحة السياسية إلى أن غادر حكومة سعد الدين العثماني، في منتصف الطريق، بعد أن سجل غياب "النفس السياسي" لدى عمل الحكومة وجنوحها نحو تدبير اليومي مثل الموظفين التقنقراط، فتعرض الحزب مجددا للانقسام وتعمقت الخلافات بين قادته من الذين أرادوا الاستمرار في الحكومة، والرافضين لذلك، وبين الذين سبق أن رفضوا المشاركة أصلا في التجربة منذ الحراك الشعبي. كما لم يحضر بنعبد الله خلفاء له بإبراز أنشطتهم، قبل المؤتمر، ما يجعل الأمور تتعقد بخصوص من سيكون الأمين العام المقبل. أحمد الأرقام

الرفـاق فـي مفتـرق الطـرق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الربـاط - مدريـد... انتصــار الحكمــة

ملايير "انطلاقة" تورط بنكيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات