fbpx
مجتمع

مستشفى دار بوعزة … “رخاها الله”

خصاص في الموارد البشرية وارتجال في التدبير وسوء الخدمات عوامل أزمت وضعية المرضى وعائلاتهم

«الصحة فالمغرب إشاعة»…عبارة طالما اعتبرت تحاملا على المسؤولين الذين يدبرون هذا القطاع، لكن الواقع المزري وتردي خدمات مرافق العلاج، أكدا أن هذا الوصف حقيقة لا يمكن تكذيبها. مسلسل تردي خدمات المستشفيات العمومية بالمغرب الذي حول حياة المرضى وذويهم إلى جحيم لا يُطاق، مازال مستمرا رغم تعاقب عدة وزراء على القطاع، ولعل المركز الاستشفائي الإقليمي الأمير مولاي الحسن بدار بوعزة التابع لعمالة إقليم النواصر، أكبر دليل على أن معضلة الصحة بالمغرب تحتاج إلى عملية جراحية، مستعجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

إذا كانت المستعجلات مصلحة لتسريع خدمات إسعاف المرضى، فإنها بالمستشفى الإقليمي مولاي الحسن بدار بوعزة، عكس ذلك، إذ يجد المرتفق نفسه رهينة انتظار قاتل، في انتظار أن يحين دوره، أو وصول الطبيب المكلف بنوعية مرضه.

المستعجلات… “لا زربة على علاج”
من المفارقات العجيبة التي وقفت عليها «الصباح»، بقسم المستعجلات غياب عدد من الأطباء رغم أن الساعة تشير إلى العاشرة إلا ربعا، وهو ما جعل عددا من المرضى يعيشون على أعصابهم بعد تأخر حلول إسعافهم.
وكشفت جولة بجناح المستعجلات، في ظل غياب أطباء متخصصين، مقابل وجود بعض الممرضات، حقيقة الاختلالات التي تعيشها باقي مرافق المستشفى، باعتبار أن المستعجلات هي الوجه الحقيقي لأي مستشفى.
وعلق أحد المرتفقين، الذي دخل في حديث جانبي مع «الصباح»ّ، على غياب الاهتمام بالمرضى الذين كانوا مزدحمين في كراسيهم «ما عرفناه واش مستعجلات أولا مستوصف الحومة»، مادام أن المرتفقين يعهد إليهم بالجلوس، وانتظار قدوم الطبيب المكلف بالعلاج دون اكتراث بعواقب ضياع الوقت على صحة وسلامة الشخص المنتظر.
«جيت نفحص ولدي باش نكملوا إجراءات تخص حادثة سير، أما كون عولت على هادو كون ولى وليدي زحاف»، عبارة تكشف الوضعية المزرية التي أصبح يعيش على إيقاعها هذا المرفق الصحي وتراجع منسوب ثقة المواطنين في نوعية خدماته.
وأوضحت الأم، التي كانت مصحوبة بابنها القاصر في حديث مع «الصباح»، بعد مبادرتها بسؤال «واش جا الطبيب؟، أنها حلت رفقة فلذة كبدها منذ الصباح الباكر طمعا في ربح الوقت، قبل أن تصدم بتأخر الطبيب المختص الذي ينتظر منه فحص الابن بهدف الحصول على شهادة تحتاجها لإتمام إجراءات الحصول على تأمين حادثة سير.
وكشفت المرأة وهي تتحدث بحرقة، دون أن تدري هويتنا الحقيقية، «واش غانقوليك أولدي من الصباح وحنا هنا وتقول واش جا الطبيب، غير الزحام اللي كاين دابا يبان ليك كلشي،»، مضيفة «ابني عالجته بمستشفى بالبيضاء نظرا لأنني أعرف وضعية هذا المرفق الذي كنا نمني النفس أن يكون لنا بديلا ومنقذا من تحمل عناء السفر خارج دار بوعزة، قبل أن يتبين أنها مجرد أحلام في ظل سيادة الفوضى والتسيب».

السيكيريتي…»دينامو السبيطار»
أعطاب المستشفى الإقليمي مولاي الحسن بدار بوعزة، تشمل مختلف مرافقه وتخصصاته، وهو الشأن الذي ينطبق على طريقة عمل رجال الأمن الخاص، الذين تركوا مهامهم الرئيسية ليصبحوا بين عشية وضحاها مكلفين بمهام بعيدة كل البعد عن تخصصهم في الحراسة وتأمين مرافق الفضاء الصحي.
«السيكريتي راه دينامو السبيطار»، من بين العبارات التي تصلح للتعليق على فوضى عمل حراس الأمن الخاص بالمستشفى الإقليمي لدار بوعزة، فمجرد أن تطأ قدم المرتفق بوابة الفضاء الصحي يجد نفسه تحت تصرف عناصر «السيكيريتي»، الذين يتحكمون في دواليب المرفق الصحي.
وليس هذا فحسب، فعناصر «السيكيريتي» انقلبوا على مهامهم الأصلية في الحراسة ليتحولوا إلى الآمرين الناهين، إذ يتوجهون إلى المرتفقين خاصة الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات الدهشة والارتباك وغير العارفين بتفاصيل القانون، لاستفسارهم بطريقة فظة «فين غادي وعندمن؟ وشنوا ضرك أراليا نشوف الورقة»، بل أصبحوا هم من يرخصون لك بمقابلة الطبيب من عدمه وتحديد توقيت العلاج، دون السماح لك بالتوجه إلى من هم أكثر دراية منهم، وهو ما يكشف الفوضى التي يتخبط فيها المستشفى والارتجال الذي يطبع تسييره.

غياب المراقبة والمحاسبة
«الطبيب اللي كتسولي عليه مازال ماجا حيت كاعما حاس بينا»، «هاد السبيطار ولات فيه السيبة والضعيف ليه الله»…من بين العبارات التي يتداولها المرضى وعائلاتهم، تعبيرا عن سخطهم على وضعية الفوضى، التي تسيطر على مستعجلات مستشفى مولاي الحسن بدار بوعزة وباقي مرافقه.
ومن الأمور التي باتت مشهدا مألوفا بمستشفى دار بوعزة، الاكتظاظ الذي يزيد من تأزيم وضعية المرضى المنتمين إلى فئات معوزة وهشة ويحتاجون إلى التفاتة إنسانية وضمير مهني لإسعافهم وخدمتهم لا لترك الحسرة في نفوسهم بسبب التراخي والإهمال وغياب الأطر الطبية وشبه الطبية وضعف في الخدمات، والانتظار القاتل للحصول على فرصة إجراء الفحص الذي طال انتظاره.
وتساءل عدد من المرتفقين وهم يتحدثون بحرقة «أين المسؤولون وأين الوزير الوصي على القطاع؟ وأين آليات المراقبة لمعالجة الاختلالات ومحاسبة المتورطين، إعمالا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما ينص عليه الدستور، أم أن العاملين بهذه المستشفى خارج المساءلة؟.

العنصر البشري والمعدات… خصاص مهول
لا بد لزائر المستشفى الإقليمي لمولاي الحسن بدار بوعزة، أن يقف على الاختلالات التي يعرفها هذا المرفق الصحي، الذي من المفترض فيه تخفيف الضغط عن مستشفيات العاصمة الاقتصادية، منها المستشفى الجامعي ابن رشد بالبيضاء.
ولعل سمعته التي أصبحت على لسان سكان دار بوعزة وإقليم النواصر، لم تكن حكم قيمة، بل مردها الخصاص الكبير في الموارد البشرية، خاصة في صفوف الأطباء المختصين والممرضات وانعدام بعض الآلات الطبية المهمة وضعف عدد من الخدمات الصحية، مقابل التراخي في تطبيق الواجب المهني والإنساني، أكبر دليل على أن هذا المستشفى لا يحمل من الصفة سوى الاسم.

محمد بها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.