fbpx
منبر

“ترجليت”… سلاح لحماية أبناء الوطن بأوكرانيا

طالب مغربي استطاع بشهامته صد معاملات عنصرية لتأمين فرار المغربيات وباقي زملائه من ساحة الحرب

“الرجال عند المواقف”…”المعدن الأصيل يظهر وقت الشدة والضيق”…من بين الأمثلة والحكم التي طالما ترددت على مسامعنا عند إبداء النصح بضرورة تبني مبادرات إنسانية في أوقات حرجة، أو للإشادة بمواقف المروءة، عندما يتطلب الأمر ذلك.
المهدي واحد من الطلبة المغاربة الذين يستحقون لقب “راجل ونص” أو التعليق عليهم ببيتين من قصيدة الزعيم الوطني علال الفاسي التي تقول “كل صعب على الشباب يهون…هكذا همة الرجال تكون”، بعد أن دفعته النخوة والشهامة وغيرته على أبناء جلدته للتسلح بالعزيمة لصد ممارسات عنصرية مورست ضد عدد من الطالبات والطلبة المغاربة، الذين منعوا من الصعود إلى قطار يعول عليه للفرار من ساحة الحرب، من قبل مجموعة من المهاجرين المتحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء.

تسابق نحو قطار الحياة

بعد أن تم إعلان رومانيا وهنغاريا وسلوفاكيا وبولونيا معابر حدودية مفتوحة في وجه النازحين من أوكرانيا الهاربين من جحيم الحرب إثر القصف الروسي المتواصل، توافد على محطات القطار عدد كبير من المواطنين من مختلف الجنسيات، باعتباره من الوسائل المؤمنة لخوض مغامرة السفر والنجاة بجلدهم قبل السقوط كباقي الضحايا، الذين منهم من أصبح في عداد الجرحى والقتلى.
بعد سماع صافرات الإنذار التي كانت تُسمع بشكل مرعب، اضطر الطلبة المغاربة إلى قطع مسافات طويلة مشيا للوصول إلى محطة القطار لمغادرة المدن بعد توقف القصف للحظات، قبل أن تصيبهم شظايا الأسلحة النارية الجوية والبرية، إلا أنه بعد وصولهم إلى المحطة وجدوا أنفسهم في سباق محموم مع الزمن ومع باقي الفارين من جحيم حرب لا ترحم الضعفاء، بل لم تستثن حتى الأطفال والحيوانات، ما أدى بهم إلى التسابق، من أجل الصعود لحجز مقعد يؤمن لهم فرصة النجاة.
وفي الوقت الذي اعتقد فيه الطلبة المغاربة أنهم سيصعدون بشكل منتظم، صدموا بممارسات عنصرية مقيتة ضدهم، حيث لم يكن يسمح للخائفين منهم خاصة الشابات والنساء بالصعود، وهو ما أثار انتباه المهدي الذي كان يرصد عملية منع أبناء وطنه من استعمال القطار.

حماية بنات وأبناء الوطن

بعد أن صار التدافع أمام بوابات القطار معركة أخرى يعيشها الفارون من ساحة الحرب، لم يجد عدد من الشابات والنسوة والطلبة سوى الاستسلام، خوفا من بطش عدد من المهاجرين الذين أبانوا عن عنصرية مقيتة تجاه مختلف المواطنين، واكتفوا بإركاب أبناء جلدتهم.
ولأن المهدي وصلته أصداء الممارسات غير الإنسانية التي يقوم بها عدد من المهاجرين والمواطنين الأوكرانيين في التعامل مع الراغبين في صعود القطار، خاصة الواقعة التي تم فيها إنزال طالبة مغربية من أحد القطارات ورميها على الأرض، تأججت بداخله نار الغيرة على أبناء وطنه واستشعر وصية الأجداد التي تحث على ضرورة عدم التخلي عن “ترجليت” مهما كانت الظروف، ليقرر الذود عن أشقائه المغاربة وباقي المستضعفين، بعد أن تبين له أن الوضع صار خطيرا، فإما الاستسلام للمنع والوقوع ضحية القصف أو المبيت وانتظار وسيلة أخرى والموت جوعا وبردا، أو التكشير عن الأنياب لصد اعتداءات للمنع من خوض رحلة الحياة.

البقاء للأقوى… منطق الحرب

أثار انتشار شريط فيديو للطالب المغربي اهتماما، وهو يحمل سكينا، لصد هجوم عدد من المهاجرين الذين كانوا يحاولون الصعود بالقوة إلى القطار، مقابل مناداته على الطلبة والطالبات للاقتراب نحو البوابة، التي يقف بها لتأمين صعودهم وضمان مقعد حتى لو تطلب الأمر السفر وقوفا، فالأهم هو الظفر برحلة للفرار من جحيم الحرب.
وكشف الطالب المغربي في بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه عكس أحكام القيمة التي يمكن أن ينالها باتهامه بأنه يقوم بممارسات إجرامية، فإن الحقيقة هي أنه لم يكن يعتدي على مواطني الدول الأخرى، بل يحاول فقط حماية بنات المغرب اللواتي يعتبرهن أخوات له بعد أن تأكد من استحالة السماح لهن وباقي الطلبة بالصعود.
وشدد المتحدث نفسه الذي لقي إشادة كبيرة من قبل المغاربة وأثار “البوز” بمواقع التواصل الاجتماعي”، على أن الحرب تنعدم فيها الإنسانية ويصبح الهاربون يفكرون بمنطق “أنا وبعدي الطوفان”، باعتبار أن الحرب مضمونها سقوط الضحايا، وهو ما يدفع الإنسان كيفما كانت جنسيته وديانته إلى استحضار أهمية التخلي عن سلوكه المؤدب، لأنه يصطدم بأشخاص لا يؤمنون بالجماعة، بل يصير الواقع معادلة مضمونها “البقاء للأقوى”.
محمد بها

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى