جباري: التبعية المالية تحد من الاستقلالية

الكاتب العام لنادي قضاة المغرب أكد أن عدد القضاة قليل ما ينعكس سلبا على النجاعة القضائية قال عبد الرزاق جباري، الكاتب العام لنادي قضاة المغرب، إن السلطة القضائية ما زالت متوقفة على السلطة التنفيذية في توفير الموارد المالية الكفيلة بأداء عملها، مع ما ينطوي عليه ذلك من تبعية مالية قد تؤثر لا محالة على الاستقلالية المؤسساتية. وأضاف في حوار مع «الصباح»، أن الجمعيات المهنية قامت بدور مهم في سبيل تكريس وترسيخ استقلالية السلطة القضائية، من خلال الدفع في اتجاه إخراج قوانين تنظيمية ضامنة لهذه الاستقلالية. أجرت الحوار: كريمة مصلي < أولا، وقبل الجواب عن هذا السؤال، يتعين التدقيق في مصطلح «الولاية الأولى» من عمر المجلس الأعلى للسلطة القضائية. فكما هو معلوم من القانون بالضرورة، أن المشرع حدد مدة ولاية المجلس المذكور في خمس سنوات تبتدئ من فاتح يناير الموالي لإجراء الانتخابات، طبقا للمادة 14 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس ذاته. فبناء على هذا المقتضى، تكون الولاية الأولى قد انتهت عند متم دجنبر من 2021. غير أنه، وجوابا عن سؤالكم، يقتضي الأمر التمييز بين مرحلتين اثنتين من الولاية الأولى المنقضية. < أولاهما: وهي التي تلت تاريخ تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية يوم 06 أبريل 2017 في بداية الولاية، وقد انطبعت هذه المرحلة بتعاطي المجلس مع جملة من القضايا بنوع من الاحتشام، ربما مرده إلى أن تجربة استقلالية المجلس عن وزارة العدل كانت في مهدها، وقد خاض نادي قضاة المغرب في تفصيل الكثير منها في بلاغاته وتقاريره. ثانيتهما: وهي التي امتدت من تاريخ التعيين الملكي السامي لرئيسٍ منتدبٍ جديد يوم 22 مارس 2020 إلى متم الولاية. وتميزت هذه المرحلة بعدة مميزات سترخي، ولا شك، بظلالها على وضعيات القضاة، أهمها: فتح المجلس لقنوات متواصلة من أجل التواصل مع القضاة وجمعياتهم المهنية، وتعامله مع جميع الجمعيات المهنية على قدم المساواة،وتلقيه لملاحظات نادي قضاة المغرب ومدارستها بجدية والتفاعل الإيجابي مع جلها، واعتماد المقاربة التشاركية مع الجمعيات المهنية بصفة قبلية وبعدية بما يحفظ استقلالية كل طرف عن الآخر،والرغبة في إحداث شراكات إستراتيجية ومندمجة حول العديد من القضايا، أهمها: التكوين، والتأطير. << هل تمكنت السلطة القضائية من تحقيق استقلالها بالشكل الكامل؟ لا يخفى أن مبدأ استقلالية السلطة القضائية وفق الأدبيات الدولية والحقوقية يتوزع على نوعين: أولهما؛ استقلال مؤسساتي، وقد تم تحققه بموجب دستور 2011 وما استتبعه من قوانين تنظيمية. وثانيهما؛ استقلال مالي يكمل النوع السابق ويعضده، وهو ما لم يتحقق بعد، ذلك أن السلطة القضائية ما زالت متوقفة على السلطة التنفيذية في توفير الموارد المالية الكفيلة بأداء عملها، مع ما ينطوي عليه ذلك من تبعية مالية قد تؤثر لا محالة على الاستقلالية المؤسساتية. < لعل أهم معيق لتحقيق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية، هو تبعيتها من الناحية المالية للسلطة التنفيذية كما تقدم. لذلك، حمل نادي قضاة المغرب على عاتقه المطالبة بالتحصين الاقتصادي والاجتماعي لاستقلالية السلطة القضائية، من خلال مطالبته بإقرار مجموعة من التدابير والإجراءات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي التي لا مناص منها للتنزيل الفعلي والحقيقي للاستقلالية المذكورة، في أفق تعديل القوانين التنظيمية المنظمة لهذه السلطة، وإقرار استقلاليتها ماليا كما سبق أن طالبنا به أثناء إعداد القوانين المذكورة. < لا يمكن لأي متتبع أن ينكر الدور الذي قامت به الجمعيات المهنية في سبيل تكريس وترسيخ استقلالية السلطة القضائية، سواء قبل تنصيب المجلس الأعلى في ولايته الأولى، وذلك من خلال الدفع في اتجاه إخراج قوانين تنظيمية ضامنة لهذه الاستقلالية، أو بعد ذلك من خلال التدافع الإيجابي بين المجلس ذاته والجمعيات المهنية حول بعض القضايا المهنية، خصوصا نادي قضاة المغرب الذي لم يتردد في تقديم مساهماته الرامية إلى تكريس مبدأ الاستقلالية في كل وقت وحين. < تلقينا، باعتبارنا جمعية مهنية، وفي إطار ما يخوله الدستور والقانون، بعض الملاحظات حول هذه الملفات، وهي الملاحظات التي ستعرض على المكتب التنفيذي، في اجتماعه المزمع عقده يوم 29 يناير الجاري، للدراسة والمناقشة وأخذ ما يلزم بخصوصها.لذلك، فلا يمكن أن نستبق ما سيسفر عنه هذا الاجتماع. ظاهرة الخصاص < بالفعل، إن التمديدات التي يقرها المجلس الأعلى للسلطة القضائية كل دورة، تعتبر مؤشرا واضحا على حجم الخصاص الذي تعانيه محاكم المملكة بخصوص الموارد البشرية. والملفت في الأمر، أنه بالرغم من هذه التمديدات التي يلجأ إليها المجلس -ربما- للتخفيف من وطأة ظاهرة الخصاص، فإن عدد القضاة يظل قليلا جدا مقارنة مع حجم القضايا المعروضة على المحاكم، وهو ما قد ينعكس سلبا على النجاعة القضائية.

جباري: التبعية المالية تحد من الاستقلالية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النيابة العامة... مرحلة البناء مستمرة

إتلاف أطنان من "الكروفيت" المسرطن

مقالات ذات صلة