الصديقي: الجفاف معطى بنيوي

أستاذ الاقتصاد دعا إلى ضرورة بناء نموذج تنموي فلاحي جديد اعتبر عبد السلام الصديقي، أستاذ الاقتصاد، أن ظاهرة الجفاف أصبحت بنيوية، ما يفرض التفكير في مخطط لتنمية العالم القروي يأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى، باعتماد زراعة تضمن ديمومة الموارد والسيادة الغذائية، وفي الوقت ذاته تطوير المجال القروي أكثر لكي لا يبقى مرتبطا بالفلاحة. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار : برحو بوزياني عمق تأخر التساقطات المطرية مشاكل الفلاحين، وبات الموسم الفلاحي مهددا بالجفاف. كيف تقيمون آثار تأخر المطر على السلاسل الفلاحية؟ أكيد، أصبح تأخر التساقطات المطرية أمرا مقلقا، ليس فقط على الموسم الفلاحي الحالي، بل على مستوى توفير الماء الصالح للشرب. واذا كان من السابق لأوانه القيام بعملية تقييم، فإن هناك مؤشرات أولية لا تدعو الى الارتياح. وحسب ما يتوفر من معلومات، هناك مشاكل عديدة يواجهها الفلاح، بدءا من غلاء أسعار المواد الضرورية للمواشي، كما يعني المستهلك بصفة عامة من ارتفاع في أثمان مواد الاستهلاك الضرورية، وهو ارتفاع يعود بالأساس الى سوء تنظيم قنوات التوزيع، التي يتحكم فيها الوسطاء الذين يحتكرون السوق، علما أن سوق المواد الفلاحية هي حرة وتخضع لمنطق العرض والطلب. كما يلاحظ في كثير من الأحيان عدم إشهار الاثمان، والتي تبقى خاضعة لموازين القوى المتحكمة في السوق، وفي نهاية المطاف، يكون الفلاح الصغير هو المتضرر الأول من هذه الوضعية غير المتكافئة. يشكو الفلاحون غياب أي دعم للحكومة، في مواجهة غلاء أسعار الأسمدة والأعلاف. ألا ترون أن الآليات التي حملها الجيل الأخضر، وقبله المغرب الأخضر، لا تولي أهمية لمعاناة الفلاح الصغير؟ هذا الموضوع تمت إثارته عند وضع مخطط المغرب الأخضر، في 2008، إذ لوحظ أن المبالغ المالية المخصصة للقطاع، تتجه في حدود 70 في المائة منها إلى الفلاحة الكبرى الموجهة إلى التصدير، وتم تهميش ما أطلق عليه الفلاحة التضامنية، التي تهم الغالبية الساحقة من الفلاحين. ومن باب الموضوعية، ينبغي الاعتراف بإدخال بعض التحسينات في هذا التوزيع خلال السنوات الأخيرة، من خلال إحداث صندوق خاص بالعالم القروي، الذي رصدت له إمكانيـات مهمة، وإعادة النظـر فــي بعض التوجهات، دون أن يمـس ذلك الاتجاه الرئيسي للسياسة العمومية الفلاحية، في جوهرها. ولعل وضعية العالم القروي اليوم وما تعرفه من تفقير وتهميش في مختلف المجالات دالة على هذه الاختلالات. يشكل ضعف التساقطات خطرا ليس فقط على الفلاحة، بل أيضا على مستوى حقينة السدود، وبالتالي تهديد الأمن المائي. ماهي الوضعية اليوم؟ آخر المعطيات المتوفرة حول نسبة ملء السدود، لا تدعو إلى الارتياح، إذ لا تتجاوز على الصعيد الوطني 34.2 في المائة ، مقابل 44، خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، وتتفاوت هذه النسبة حسب السدود طبعا. إن الحلول في مثل هذه الحالات لا ترتجل، بل يتم الاعداد لها على المديين المتوسط والبعيد، والخصاص الذي يعرفه المغرب على مستوى هذه المادة الحيوية ليس وليد اليوم، بل أصبح ظاهرة هيكلية، حيث دخل المغرب وضعية "العجز المائي" منذ سنوات، ويمكن القول إن بلدا معينا يوجد في مثل هذه الوضعية، حينما تكون الموارد المائية المتوفرة تقل عن 500 متر مكعب للفرد، مقابل 2500 متر مكعب في 1960. ولنتصور كيف ستكون الأوضاع اليوم لولا السياسة الحكيمة والمعاصرة، التي نهجها المرحوم الحسن الثاني، والمعروفة على الصعيد العالمي القائمة على تشييد السدود على أوسع نطاق، وقد نال بها الملك اعترافا دوليا، من قبل المنظمات الدولية. ماذا عن التدابير الواجب اتخاذها لمواجهة هذه الوضعية؟ أما عن التدابير الواجب اتخاذها، فقد وردت في مخطط قدم أمام الملك بتاريخ 13 يناير 2020، وهو مخطط يمتد على فترة 2020-2027، بتكلفة إجمالية تقدر بـ 4 ملايير و115 مليون درهم، ويقوم هذا البرنامج على خمسة محاور، هي تطوير العرض المائي، من خلال مواصلة بناء السدود الكبرى وإطلاق بناء 20 سدا جديدا، ووضع محطات لتحلية مياه البحر، وبناء سدود صغرى مع تخصيص مبلغ سنوي يقدر بـ 600 مليون درهم، وتأمين شبكة توزيع الماء الشروب. وتدبير الطلب وتثمين الماء، من خلال مواصلة الجهود في تزويد السكان بالماء الشروب، وتحديث قنوات توزيع مياه الري لتفادي الهدر والتبذير. وتطوير تزويد السكان القرويين بالماء الشروب، وإعادة استعمال المياه المستعملة، خاصة لسقي ملاعب الكولف. تساهم الفلاحة بمتوسط يتراوح بين 12 و14% في الناتج الداخلي الإجمالي. ألا ترون أن تراجع الإنتاج الفلاحي سيؤثر على معدل النمو؟ هذا السؤال يحيلنا على الإجابة السابقة، فلا يمكن الاستمرار في النموذج التنموي الفلاحي السابق، فالمغرب له ما يكفي من التجربة والتراكم والكفاءات لوضع نظم فلاحية تتلاءم مع المعطيات المناخية، باعتبار أن ظاهرة الجفاف لم تعد ظاهرة عابرة وظرفية، بل أصبحت معطى بنيويا لا يمكن الاستهانة به. وعلينا اليــــوم التفكيــر فـــــي زراعـــــة تضمــــن ديمــــومة الموارد والسيادة الغذائية، وفـــي الوقت ذاتـــــه تطوير العالم القــــروي أكثــــر لكي لا يبقى مرتبطا بالفلاحة. في سطور < من مواليد 1951 بتازة < أستاذ التعليم العالي متقاعد < متزوج وأب لطفلين < حاصل على دكتوراه دولة في العلوم الاقتصادية من جامعة الحسن الثاني بالبيضاء (1988). < وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية سابقا < عضو المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية منذ ماي 2010. < عضو بالمكتب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ما بين 2006 و2010.

الصديقي: الجفاف معطى بنيوي

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خلاف بين الرجاء والحزم بسبب 100 مليون

"كاف" تعفي الأولمبي من الدور التمهيدي

مقالات ذات صلة