إيجاد حل واقعي لمشكلة تنفيذ الأحكام وتكريس الثقة لدى المواطن "قضاء مواطن، قضاء ينصف المظلوم، قضاء يحقق المحاكمة العادلة للمتقاضين"، هذه هي انتظارات المواطنين، في 2022، وهي الانتظارات التي تتكرر سنة بعد أخرى، في أفق ترجمتها على أرض الواقع، وهي ما أجمع عليه أغلب من سألتهم "الصباح"، في أفق ترجمة شعار "القضاء في خدمة المواطن"، الذي تؤثث به جل المحاكم، ويغيب عند التطبيق الفعلي على أرض الواقع، فبين طول المساطر وتعثرها ومعضلة التنفيذ تتبخر جل الأحلام في تحقيق العدالة. "العدالة البطيئة ظلم"، يعانيه المواطن بشكل مستمر، ما جعله يفقد ثقته في العدالة بصفة عامة والمؤسسة القضائية بصفة خاصة، ويعتبر أن دار لقمان ستبقى على حالها. فالمواطن يأمل في عدالة تضع ضمن أولوياتها خدمة الصالح العام وتحقيق العدل والأمن والمساواة بين أفراد المجتمع، وتنبني على خدمة المتقاضين، والقرب منهم وتحسين الخدمات المقدمة لهم، من طرق الاستقبال ولغة التواصل، وبساطة مساطرها حتى يخفف العبء عن المتقاضين الذين يضيعون سنوات، قبل أن يحصلوا على حكم نهائي في قضايا قد تتوارثها الأجيال. وتأتي بعد ذلك نزاهة الأحكام التي لن تتأتى إلا بقضاة يقدرون جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، مجردين من أي تدخل كيفما كان ويحتكمون في أحكامهم إلى سلطة الضمير، في تحقيق العدل ونصرة المظلوم دون خوف. وهو الضمير الذي تحدث عنه الخطاب الملكي لعيد العرش ل2013، وأكد أن "المفتاح الحقيقي لإصلاح منظومة العدالة، هو الضمير المسؤول، على اعتبار أن أي إصلاح مهما بلغ من الأهمية وتعبئة للنصوص التنظيمية والآليات الفعالة فسيظل الضمير المسؤول للفاعلين فيه هو المحك الحقيقي لإصلاحه، بل وقوام نجاح هذا القطاع برمته". ويرى عبد الصادق السعيدي، رئيس ودادية موظفي العدل، أن ما يجب أن يتم التركيز عليه خلال 2022، هو إدارة المحاكم التي باتت تحتاج لإصلاح جوهري لعصرنتها وتحديثها وتجويد خدماتها لتجاوز اختلالاتها، التي هي نتاج تراكم ساهم في جعلها إدارة تقليدية متقوقعة على نفسها ومتمسكة بالنظم الكلاسيكية في مجال الإصلاح، مما جعلها غير قادرة على بناء أساليب حديثة في التدبير، وتكفل ترشيد اتخاذ القرارات وتحقيق المردودية، من خلال الاستثمار العقلاني لكافة الموارد المتاحة، ما ساهم في شيخوخة بنياتها الهيكلية لعدم قدرتها على التكيف مع الواقع ومتطلبات طالب الخدمة القضائية وتنوع الطلب الاجتماعي، وبالنظر أيضا للتغيرات العميقة في مجتمعنا والتحولات التي عرفتها البنية السوسيولوجية للقطاع. ويرى السعيدي أنه بالإضافة إلى التحديث فإن أحد المداخل الجوهرية لإصلاح الإدارة القضائية باعتباره ورشا يشكل أهم انتظارات العدالة المغربية، في 2022 يدعو اليوم بشكل جدي كل المهتمين والفاعلين في الحقل القضائي إلى إعادة توجيه النقاش العمومي حول مجال الإصلاحات القضائية وفق ما يحقق التوازن بين الإجراءات الشكلية وحماية حقوق المتقاضين التي ينبغي أن تعتبر الغاية الأسمى للعملية الإصلاحية، فرغم أن دستور 2011 جاء متوازنا في مادته القضائية بين الإطار الشكلي المؤسساتي المتمثل في المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبين الغاية الحقوقية المنصوص عليها لضمان حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة في الفصل 117 من الدستور، إضافة إلى كل المخرجات التشريعية لورش الإصلاح القضائي، فإن حصة الأسد في النقاش العمومي تمحورت حول الاستقلالية في بعدها الشكلي التنظيمي المحض، المرتبط بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في حين أن حقوق المتقاضين شبه مغيبة. كريمة مصلي