إضفاء جمالية على أحياء وشوارع البيضاء بلوحات تحمل أفكارا وعبرا تستمر علامة "ويكازابلانكا" في تأثيث أحياء وشوارع البيضاء، بلوحات وجداريات فنية، تجمع بين الزينة والثقافة، فبالإضافة إلى أن هذه الجداريات، تعطي جمالا ورونقا للمدينة وفضاءاتها، إلا أنها أيضا تحمل أفكارا وعبرا قيمة، وتناقش مواضيع متنوعة، من خلال فن الشارع، الذي يسهر عليه فنانون مغاربة وعالميون، هدفهم جعل المشي في الشارع، تجربة فنية وثقافية، لا تقل عن زيارة المتاحف والمعارض الفنية. إنجاز: عصام الناصيري انتشر فن الشارع بمعظم المدن، والبيضاء على وجه الخصوص، إذ أصبحت معظم شوارعها وساحتاها وعماراتها الشاهقة، ترتدي لوحة فنية، في محاولة للتخفيف من ضغط العمران و"حرب الإسمنت"، وتدليل عنف الصخب والازدحام بالألوان والصورة. معرض دائم يعتبر تقاطع زنقة سقراط وزنقة علي بن عبد الرزاق، بمحاذاة المركب الرياضي محمد الخامس بالمعاريف، معرضا فنيا دائما، بعد تحويله إلى فضاء ينضح باللوحات والجداريات، توحدها الألوان والرسومات، وتفترق في المواضيع والأفكار. ومن هذه الجداريات التي تزين هذا الفضاء، لوحة تبين شابا يحمل كرة قدم، ويرتدي زيا رياضيا، واختار الفنان المغربي "بكر" أن يرمز من خلالها، للأطفال والمراهقين الذين يحلمون بأن يصبحوا لاعبي كرة قدم، بتأثير من الرسوم المتحركة "كابتن ماجد". تتمثل الفكرة في تجسيد طموحات اللاعب الشاب، ودعم أسرته له عبر تشكيل اليد الممتدة للأم، والإشارة إلى تلك الرسوم المتحركة التي رسخت في أذهاننا جميعا. وأبدع الفنان بكر في تمثيل كل هذه الأفكار في فضاء مغربي محظ، مع استعمال تشكيلة ألوان غير معتادة له، لكي يعطي طابعا إيجابيا لرسالته، حسب "سينوبسيس" الجدارية. وبالقرب من هذه اللوحة، توجد جدارية أخرى، من إبداع "موكا"، وهو فنان تشيلي يعيش في بوردو، وهو أيضا هاو للرسم منذ الصغر، وبدأ بالكتابة على الجدران وانضم إلى مجموعة " LGC VEC"، ويعتبر تجربته في البيضاء استثنائية، إذ صرح حسب موقع العلامة "ويكازابلانكا" قائلا "أردت أن أمثـــل مشـهدا كما لو كــان الجدار صفحة قصص مصورة، مع شخصية رئيسية بالغة من شخصيات رســـوم متحركــــة من طفولتي". وتوجد جدارية أخرى بالمكان نفسه، وهي من إبداع "OLDR"، وهو فنان شاب من تازة، متحمس للفن والرقص، أراد أن يمثل نهاية الطفولة وصعوبة الانتقال إلى مرحلة البلوغ، مع شخصيات "بيلي وسيباستيان"، حيث يرمز "بيلي" الذي يراقب بالعين الهادئة الأصدقاء والعائلة، إلى الضرورة التي تفرض علينا من أجل الانتقال إلى مرحلة جديدة من العمر. العناصر التي أضافها (القوارب، المنزل، جذع الشجرة، الجرس)، مأخوذة من الرسوم المتحركة، أما السيارة العتيقة فهي عنصر يضعه في جميع سلسلة أعماله الأخيرة. عودة "كازاموجا" بعد نسختين ناجحتين، يعود مهرجان "كازاموجة" في نسخته الثالثة، وهذه المرة اختار المنظمون والفنانون أن تسيل الألوان بحي العنق، الذي ستتكفل النساء هذه المرة بتحويله إلى لوحة جميلة. ولأول مرة في البيضاء، سيصبح حي بأكمله فسحة لفن الشارع بوجود تسع جداريات عملاقة. وحسب علامة "ويكازابلانكا"، فلم يتم اختيار هذا المكان عبثا، إذ يقع هذا الحي قرب منتزه مسجد الحسن الثاني. وبطريقة فنية، ترافق "كازاموجة" من إنجاز "ويكازابلانكا" و "أوربان أرت ويف" (موجة الفن الحضري)، هذا المشروع وتنخرط فيه من أجل تحويل العنق إلى مكان ساحر وجاذب للزوار. ويدخل مشروع "كازاموجة" في إطار برنامج "ويكازابلانكا"، ويعبر عن إرادة لا مثيل لها من أجل تشجيع الفن المعاصر، إذ ارتأى حدث "كازاموجة" في نسخته الثالثة تكريم المرأة. وبالإضافة إلى المواضيع التي تناولتها اللوحات، سهر سبعة فنانين وطنيين ودوليين على إيصال رسائلهم باستعمال مواضيع نسوية، تضم كل الأجيال. وهناك شيء آخر جمع بين كل الجداريات، وهو أسلوبها العتيق واستعمالات الألوان الفنية فيها، كما أشار إلى ذلك منظمو المهرجان. الحياة تعود إلى "نيفادا" بعدما طاله الإهمال، وهو الذي كان فضاء يجمع المبدعين الشباب من جميع أحياء البيضاء، سواء تعلق الأمر بفناني الراب أو الرقص التعبيري، أو المتزلجين والرسامين وغيرهم ممن ولدت معهم ذرة من الإبداع الخلق، عاد منتزه "نيفادا" بساحة الراشدي إلى الحياة مرة أخرى، وأصبح يستقطب المبدعين من جديد، بعدما أعيدت هيكلة الساحة، وتخصيص مساحة لإنجاز منتزه للتزلج، رسمت على سطحه لوحات فنية. ويوجد في البيضاء منتزهان للتزلج على الألواح يقعان على التوالي في شارع الرشيدي وعلى كورنيش عين الدياب، بالقرب من حي العنق. ويوجد منتزه نيفادا في ساحة الراشيدي وسط المدينة، وهو أول منتزه للتزلج في المدينة، وقد تم تجديــده بالكامل ويوفر أكثر من 4000 متر مربع من المساحة، تمكن من الاستمتاع بهذه الرياضات غير المعتادة، والتي نالت استحسانا كثيرا من شباب البيضاء. أجانب يبدعون بالبيضاء تعتبر البيضاء ملكا للجميع، ليس المغاربة فقط إنما كل إنسان له حق ونصيب في هذه المدينة، وهذا أمر ليس غريبا عليها، فكما كان الأجانب يسكنون داخل سورها القديم في القرون الماضية، يعود أحفاد هؤلاء الأجانب لترك بصمتهم فيها، ليس بالاستيطان هذه المرة، لكن من خلال فنهم ولوحاتهم. وفي هذا الإطار، أبدع "أوسكار سان ميكيل إيريس" والمعروف باسم "أوكودا"، لوحة جميلة بالبيضاء، وهو فنان شارع إسباني من مواليد 1980 بـ "سانتاندير"، ودرس الفنون الجميلة في جامعة كومبلوتنسي بمدريد. ويتميز أسلوب "أوكودا" الفني بالسريالية، ويستحضر الحضارة والإنسانية. وحسب القائمين على مشروع "كازاموجا"، فإن أزقة العالم كله تلونت بتحف هذا الفنان، الفنية الهندسية، إذ تحضر في البرتغال وروسيا و بلجيكا والهند. يظل "أوكودا" حاملا هم تسليط الضوء على الحقيقة، فهو فنان ملتزم بخفة واضحة. ورسم جدارية بالبيضاء بعنوان "قوة الأم"، التي تزخر بالحياة والألوان، وهي بمثابة تكريم لكل أمهات العالم، على حد تعبير صاحبها، حيث يتداخل هيكلها الهندسي بطريقة تترك أثرا في النفس، مع أشكال رمادية على حائط بناية في حي العنق. ومن جانبها تعتبر "سام كيرك"، أول امرأة تشارك في مغامرة "كازاموجة" في إطار شراكة، بين البيضاء للتظاهرات والتنشيط و"وورلد بيزنس شيكاغو"، وهي فنانة تحظى بشهرة على الصعيد العالمي، وحازت "سام كيرك" على عدة جوائز، وعرضت لوحاتها في نيويورك وميامي وواشنطن ومينيابوليس، وتستمد إلهامها من أسفارها ولقاءاتها. وبحلولها في البيضاء، جددت "كيرك" انبهارها بالناس والمجتمعات وثقافات العالم المختلفة، عبر امرأتين توأم بزي مغربي تقليدي، يتلاعب ريح البحر بشعرهما، في محاولة لتصوير مشهد تظهر فيه البيضاء وشيكاغو، مثل مدينتين توأم. وفي السياق ذاته، قام الفرنسي بوزي (يان شاتلين) بتدوين بصمته، على واجهة مساحتها 18 مترا طولا في 12 مترا عرضا، على شارع غاندي. وتجسد هذه الجدارية فقدان الإنسان قدرته على الحفظ أو توجيه نفسه أو حتى الكتابة، ويصور معضلة المساعدة المتزايدة للإنسان، من قبل التكنولوجيات الجديدة. وعلق على لوحته قائلا "الفكرة هنا هي التأكيد على هشاشة الإنسان وقوة الكتابة، رمز المعرفة، في ظرفية، يحد التقدم التكنولوجي من قدرة البشر وينقــل إليه المعرفة. فـــي الواقـــع، يفقـــد الإنسان قدرته على الحفظ والتوجيه والكتابة وما إلى ذلك، بفعل انتشار التقنيات الحديثة".