نودع سنة، ونستقبل أخرى، وستأتي سنوات بعدهما، دون أن ننسى واجب التحية لآلاف النساء والرجال يصنعون من أجسادهم وأرواحهم ملاحم للتضحية ونكران الذات والعطاء. سنظل إلى الأبد، نعترف بهذا الدين الذي يطوق أعناقنا، ونحن نعلم أن هناك مغاربة مثلنا يسهرون على حياتنا، حين نخلد وأبناؤنا وأسرنا، إلى النوم. فمهما أسعفتنا الكلمات، فلن نوفي حق جندي، مجمد وراء رشاشه ونظارته المكبرة، في عز قساوة البرد، أو وسط لهيب الصيف القائظ، يراقب تحركات المرتزقة ويصد تحرشاتهم، كما لا شيء يضاهي، على الإطلاق، شجاعة ضباط وأطر يرابطون بالحدود في كل الأوقات والساعات، دفاعا عن حرمة الوطن. إن أفراد القوات المسلحة الملكية، بكل فئاتهم ودرجاتهم ومواقعهم، لا يستحقون منا مجرد اعتراف عاد في مناسبة نهاية السنة، بل امتنانا على امتداد الشهور والأيام، وهم يضعون، كل يوم، رؤوسهم على أكفهم، ومستعدون للشهادة في كل لحظة، كي ننعم نحن، بالأمن والسلام. وداخل الحدود، ينسج رجال ونساء آخرون خيوط الملحمة نفسها. ملحمةُ الوفاء والتضحية والعمل اليومي المتواصل في جميع الجبهات، لضمان الاستقرار وحماية أرواح المغاربة وممتلكاتهم الخاصة، ومحاربة الجريمة بكل أنواعها، وتشكيل جدار قوي لصد ضربات الإرهاب والتطرف، وتهديد الأمن الداخلي للبلد. فما فعلته المديرية العامة للأمن الوطني، بكل رجالها ونسائها وأطرها وكوادرها، في السنوات الأخيرة، لا يسجل إلا بمداد من فخر، ونحن نتابع النتائج المحققة في الواقع، ونرى المشاريع والبرامج والأوراش المفتوحة في كل المجالات، التي رفعت مقام المؤسسة الأمنية في المغرب إلى مصاف المؤسسات الدولية، واستحقت التتويج في أكثر من منتدى. ويأتي هذا العمل الجبار، متناسقا مع المجهودات الجبارة الأخرى التي يقوم بها أبطال الدرك الملكي، بالكفاءة والخبرة العاليتين اللتين راكمهما هذا الجهاز على مدار عقود من الزمن، ومازال العمل متواصلا بالحيوية نفسها من التطوير والنجاعة. فبفضل رجال ونساء هذا الجهاز الوطني، الذي يتوفر على أجود الأطر المغربية في المجال العسكري، يمكن الاطمئنان على مفاصل الوطن وجيوبه وعمقه الداخلي، ناهيك عن الأدوار الإستراتيجية التي يقوم بها في مجال السلامة الطرقية، والتدابير الاستباقية لحماية أرواح الناس من الحوادث المميتة. وللداخلية رجالها ونساؤها أيضا، وجيشها اليقظ من الباشوات والقياد والخلفان والشيوخ و"المقدمين"، وعيون المغاربة التي لا تنام في كل حي وزقاق وشارع. أبطال استثنائيون في مواقعهم، وفي عملهم اليومي، ومواظبتهم على الوجود في الجبهات الأساسية التي ينبغي أن يكونوا موجودين فيها، ومنها جبهة محاربة وباء كوفيد19، وقد تابعنا ما فعله رجال ونساء السلطة في السنوات الأخيرة، كما نذكر أسماء بعينها مازالت محفورة في الذاكرة. ولن يكتمل الاحتفال إلا بجيشنا الأبيض المرابط بجبهات المستشفيات والمراكز الصحية القريبة والنائية، وأقسام المستعجلات ومصالح الإنعاش والعناية المركزة. "بروفسورات" وأطباء وممرضون وتقنيون وإداريون، نرفع لهم القبعة، وننحني تقديرا لكل ما صنعوه في الأشهر الماضية، دون كلل، أو تعب، أو شكوى، ومازالوا على الدرب نفسه، مستعدين للمواجهة، مهما كلفهم الأمر من تضحيات وأرواح. لكل ذلك، وغيره، نزين اليوم صدورهم بأوسمة أبطال، أقل ما يمكن. أبطال السنة. أبطال إلى الأبد.