استثمر في الموارد البشرية والرقمنة بهدف تحقيق خدمة جيدة للشرطي والمواطن المتعارف عليه أن يتم اختيار شخصية السنة، لكن قررت هيأة التحرير هذه السنة التركيز على المؤسسات، بحكم أن العديد منها قامت بأدوار جبارة في محاربة الجائحة. المديرية العامة للأمن الوطني واحدة من المؤسسات التي وقع عليها الاختيار كمؤسسة السنة، بالإضافة إلى أخرى، بالنظر إلى المجهودات المبذولة في مكافحة الجائحة .ومشاركة العناصر الأمنية في السهر على تطبيق الاحترازية الأمنية، وكذا التطور الذي عرفته سواء على مستوى جودة الخدمات المقدمة للمرتفق، أو في محاربة الجريمة، وكذا الحكامة في التسيير وتدبير المرفق. تمظهرات التغيير في المؤسسة الأمنية ظهرت منذ التعيين الملكي لعبد اللطيف حموشي في منصب المدير العام للأمن الوطني في 15 ماي 2015، إذ تغيرت فلسفة التواصل الأمني، وصار شعار المؤسسة الشرطية "لا نحجب على المواطن إلا ما يفرض القانون حجبه"، كما تغير المظهر العام لنساء ورجال الأمن، الذين أصبح حضورهم رديفا لقوة القانون وهيبة الدولة. ولعل البناية الجديدة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمختبر الوطني للشرطة العلمية، التي تم تشييدها في 2021 بالبيضاء، أفضل مثال للتطور البنيوي الكبير في المرفق العام الشرطي. ويبقى أهم مظهر من مظاهر التغيير، التغير الكبير الذي عرفته فلسفة العمل الشرطي بصفة عامة، التي أصبحت خدمة المواطن" همها الأول والأخير"، بعدما كانت هناك في السابق هوة بين الأمن والمواطن. كما ارتقت المؤسسة الشرطية بالأمن إلى مصاف "المنتوج" الذي يعرف بالجودة، مثله في ذلك مثل المنتوجات الاقتصادية. فالمختبر الوطني للشرطة العلمية حظي بشهادة الجودة التي تصدرها الوكالة الأمريكية للقياس والاعتماد. والجودة التي تم إدماجها في العمل الأمني، وجدت طريقها في العديد من المجالات التي تتقاطع مع تطلعات المواطنين. فقد تطبعت الوثائق الإدارية الشرطية بطابع الجودة، وصارت البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية مؤمنة وعصية على تزوير الهويات، وتسمح للمواطن بالولوج لباقة من الخدمات العمومية الإلكترونية. كما أن دوائر الشرطة ومراكز شرطة الحدود انتقلت نحو الرقمنة الكاملة، من خلال اعتماد نظام التدبير المعلوماتي لدوائر الشرطة، ونظام التدبير الرقمي لشرطة الحدود. غير أن ما يحسب للمؤسسة الأمنية في السنوات الأخيرة، خصوصا في ظل ولاية حموشي، هو أنها استثمرت كثيرا في الرأسمال اللامادي ممثلا في الموارد البشرية الشرطية، فقد أيقنت المديرية العامة للأمن الوطني أن إنجاح أي سياسة عمومية في مجال الأمن يتطلب حتما ولزوما تطوير العنصر البشري. ولعل هذا هو السبب الذي دفع حموشي إلى إطلاق ورش مهيكل، يروم إعادة النظر في النظام الأساسي لموظفي الأمن، بما يضمن لهم مزيدا من التحفيزات والضمانات التي تسمح لهم بالنهوض الأمثل بواجباتهم، المتمثلة في حماية أمن المواطنين وسلامة ممتلكاتهم. وتم اعتماد نظام متطور للتوظيف الشرطي يقطع نهائيا مع الغش، ويعزز تكافؤ الفرص، وينشد الاستحقاق والكفاءة سبيلا للنجاح، فضلا عن الانفتاح على كفاءات وتخصصات علمية جديدة. كما تم كذلك تعديل نظام التكوين الشرطي بشكل يسمح بدعم التكوين التطبيقي والنظري، ودمج المقاربة الحقوقية وثقافة حقوق الإنسان في مناهج التكوين والتدريب، بالإضافة إلى السير قدما في لامركزية التكوين من خلال إحداث ست مدارس جهوية للتكوين الشرطي. والشرطي القادر على إنتاج الأمن، خدمة عمومية ومنتوجا، لا يحتاج فقط إلى ميثاق مندمج للتوظيف، ومسار متطور للتكوين، بل يتطلب أيضا تحفيزات وضمانات وظيفية ودعما اجتماعيا. وقد حققت المديرية العامة للأمن الوطني في السنة الماضية نجاحات ومكاسب مهمة لفائدة الشرطي، فقد تم تعزيز مبدأ حماية الدولة المكفول للشرطيات والشرطيين، وتوسيع قاعدة المستفيدين من الترقية بالاختيار والترقية الاستثنائية، كما تم الرفع من نسبة المستفيدين من صندوق الدعم والإغاثة، في إشارات واضحة ومتعددة على التزام حموشي ب"ثقافة الاعتراف والتنويه". والاعتراف بعمل رجل الأمن ومجهوداته مقرون بربط المسؤولية بالمحاسبة، ومشروطة بمعايير ومرتكزات دقيقة للتخليق والحكامة. فقد دأبت المديرية العامة للأمن الوطني على التفاعل مع جميع شكايات المواطنين سواء المباشرة أو المنشورة في الوسائط المفتوحة، كما يتم إخبار المواطنين بشكل فوري بنتائج البحث في جميع الشكايات والوشايات المسجلة في مواجهة عناصر الشرطة. الصديق بوكزول