ياسين حول فترة الحجر الصحي إلى فرصة لابتكار منصة رقمية للتسوق بطريقة آمنة "رب ضارة نافعة"، حكمة تصلح أن تكون ملخصا لحكاية ياسين لتبات الشاب العشريني، الذي تعامل مع جائحة كورونا التي حولت حياة الناس في دول العالم إلى تعاسة، بمنطق آخر بعد أن جعلها فرصة لإثبات الذات عوض التباكي في التعامل مع واقع حياة مغايرة لم تكن في الحسبان. بداية الحكاية "كل الأمور المستحيلة تبدأ بحلم"، حكمة يصلح إسقاطها على ياسين لتبات، باعتباره واحدا من الشباب الذين يستحقون تسليط الضوء عليهم ضمن زاوية "قصة نجاح"، بعد أن استطاع الجمع بين عدد من التوجهات لتحقيق طموحاته لتحقيق ذاته وأحلامه التي أصبحت حقيقة. مسار ياسين الشاب العشريني، الذي يتحدر من أكادير، لتحقيق حلمه في عز جائحة كورونا لم يكن مفروشا بالورود، فالطالب بشعبة علم الاجتماع وخريج معهد خاص بالصحافة والإعلام، اختار في البداية السوسيولوجيا عن قناعة وتشجيع من والده، بحكم أنه مجاز بها، لكن حب وشغف الابن بالحاسوب والبحث في الأنترنيت جعله يقرر البحث عن فرصة لتغيير توجهه. يحكي ياسين أن البداية كانت محفوفة بالمخاطر، "كان أول ربح أتلقاه يحدد في 10 دراهم إلى 20 درهما يأتي من بيعي لألعاب الفيديو في قرص مدمج". وكشف الشاب العصامي، أن إهمال دراسته شكل التخوف الرئيسي في هذه المرحلة وهاجسا لوالديه، وهو ما دفعه إلى بذل مجهودات مضاعفة لإثبات العكس، حيث لم ينقطع عن أي تكوين أو بحث، إلى درجة أنه كان مواظبا حتى على قراءة أي كتاب سيفيده في الحصول على معلومة جديدة وتنمية مداركه في مجال "الديجيتال والرقمنة". رحلة إثبات الذات أوضح ياسين في حديث مع "الصباح"، أنه رغم أن الوضعية المادية لأسرته لم تتح له الفرصة للدراسة في معاهد أو مراكز كبرى خاصة ب"الديجيتال والإعلام الرقمي" لكنه كان مواظبا على الحضور في أي ورشة أو دورة تكوينية تنظم في المجال الذي يعشقه. بعدما تمكن ياسين التلميذ النجيب والعصامي من تدرج المستويات الدراسية إلى أن تخرج وحصل على دبلوم في الصحافة والإعلام، وبعد أن بحث عن فرصة عمل بمسقط رأسه أكادير، قرر الهجرة إلى العاصمة الرباط، بحثا عن فضاء أرحب لإثبات ذاته والابتكار في مساحة أكبر، حسب سوق الشغل في مجال الرقمنة والعالم الجديد، لتوفير حاجياته والاعتماد على نفسه. الحاجة أم الاختراع "ربي ما كيسد باب حتى كيحل بيبان"، فبعد أن تنقل ياسين بين العاصمة الاقتصادية والإدارية وأكادير، بحثا عن فرصة لإثبات ذاته، مفضلا الاعتماد على نفسه، نوعا من التدريب لمواجهة صعوبات الحياة، عملا بالحكمة المغربية التي تقول "خدم على صغرك باش ترتاح فكبرك"، ففي الوقت الذي عاش فيه وضعا محزنا يتمثل في الانقطاع عن عمله صحافيا صانع محتوى، في فترة ظهور فيروس كورونا المستجد، وما يعني ذلك عودته الاضطرارية إلى أكادير، قرر تقبل الوضع واستغلال الأمر مرة أخرى للبقاء وقتا أطول أمام الحاسوب ومواقع "الويب." ولأنه لا يؤمن بمعنى الاستسلام، قرر ياسين تطوير فكرة إنشاء تطبيق للتسوق، وإنزالها للواقع، خاصة أن المشروع كان هدفا لا يفارق عقله، فبعد لقائه صدفة بأحد شوارع البيضاء، بكل من محمد أمجوض وأحمد سلام، شابين مجتهدين وصفهما ياسين ب"عباقرة الويب"، بدأت معارفه ومكتسباته تزيد أكثر فأكثر. وأضاف ياسين "في عز الحجر الصحي، هنا خرجت بفكرة إنشاء خدمة تمكن الناس من الشراء والتوصيل وبطريقة سهلة وآمنة، وإنشاء منصة إلكترونية لذلك، وهنا مرة أخرى سيعود الصديقان اللذان سبق وذكرتهما بالوقوف إلى جانبي وقفة رجل واحد ماديا ومعنويا". وشدد صاحب المشروع على أن كورونا رغم سلبياتها على جميع المستويات والقطاعات، إلا أنها كانت مناسبة ليبرهن بها كل عقل مغربي على قدرته، مضيفا "اتخذت من عزلتي في بيتي وأنا اختلي بحاسوبي وبحوث كنت أنجزتها سابقا، فرصة لترتيب جيد لأفكاري وأهدافي بعد أن شعرت أنه حان الوقت لولادة ما أنا مصمم على فعله، ومحاولة فهم ما ينقص الناس في تلك الظرفية، وفعلا كانت بعد مشروعي بروز العديد من المنصات ونجحنا في تحقيق مبيعات أكثر يوما بعد يوم". محمد بها مشروع بين نارين ولأن ثقافة الاعتراف مبدأ تربى عليه ياسين وسط أسرته المكافحة، شدد صاحب المشروع الجديد الذي ولد من رحم المعاناة وفي عز جائحة أتت على الأخضر واليابس، على أنه لا يمكن له نسيان فضل والده عمر لتبات، لأنه كان سببا في تشجيعه بعد أن كان يعيش بين نارين، فهناك العزيمة التي لا حدود لها وهناك التخوف من الفشل في إنشاء مقاولة خاصة ببسب تخوف والدته، مضيفا وهو يتحدث بتأثر "كان رجلا صديق ابنه، مشجعا ومنبها ويمكن أن أقول إنه كان مستشارا قانونيا في كل خطوة قررت سلوكها وتبنيها، أما في ما يخص أمي فقد كان المشهد شبه مبهم بالنسبة إليها، إذ كانت تتبنى فكرة العمل بأجر وراتب شهري، في حين تعتبر فكرة إنشاء مقاولة خاصة بي ليس صوابا، هنا إذن أعيش تحت ضغطين، الأول أن أبرهن لأبي أنني فعلا قادر على النجاح فيما أنا مصمم على فعله، وأمي التي ربما كانت فكرة الأجير والعمل بالمكتب هو الصواب، لكن في الحقيقة نلت رضاهما الاثنين بعد بداية ظهور أول نتيجة إيجابية وبعد أول زبون دخل لمنصتي الإلكترونية".