كورونا قلص الاهتمام بها وفضاءات عوضت الطبيعية منها بالاصطناعية كبحت تدابير محاربة انتشار فيروس كورونا، اندفاع المغاربة للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة وما يرتبط بها من عادات وطقوس وإقبال على مشتريات خاصة، بما فيها تلك الشجرة الصنوبرية المخروطية الخضراء، التي لم يعد الإقبال على اقتنائها بالمناسبة، يرقى إلى مستوى تطلعات منتجيها. هذه الشجرة التي شكلت رمزا رئيسيا لاستقبال السنة الجديدة وأهم تقاليد حفلاتها، اختفت بتقلص الاحتفال في السنتين الأخيرتين بسبب الفيروس، بل تحولت مجرد وسيلة لتأثيث مداخل وجنبات أسواق تجارية كبرى وفنادق ومنشآت سياحية، طمعا في استقطاب زبناء أبعدتهم كورونا عنها. حتى من يحافظ على تأثيث مثل تلك الفضاءات ببعضها، لا يقبل على شرائها من منتجيها في مشاتل. ويفضل الاستعاضة عن تلك الطبيعية بأخرى اصطناعية بمظهر مماثل ومزيفة بالأضواء المثيرة، ما قلص مدخول أصحاب مشاتل ورود ونباتات، طالما انتعش كلما اقترب حلول سنة ميلادية جديدة. ويؤكد صاحب مشتل بطريق إيموزار، أن الإقبال على شراء شجيرة الصنوبر منه وزملائه والوسطاء، قل بشكل كبير في السنتين الأخيرتين، ف»بالكاد أبيع شجرتين إلى أربع، وبثمن أقل من المعتاد»، رغم إبداعه طريقة لافتة للانتباه بوضع «بابا نويل» اصطناعي مرحب بكل عابري هذه الطريق. ويؤكد أن منع التجمعات بسبب كورونا، أقبر رواجا للشجرة، كما إبداع أشجار بلاستيكية مماثلة، ف»قلة من العائلات تقتني شجيرات تؤثث بها منازلها في احتفالها بالسنة الجديدة لالتقاط صور للذكرى والتباهي بنشرها بمواقع التواصل الاجتماعي، بعدما كان التقليد متأصلا في السابق. أما زميله بموقع بعيد عنه بأمتار معدودات، فأكد أن كورونا «قتلت» المستوى المعيشي للناس الذين لا يفكرون في الاحتفال بالسنة الجديدة أو غيرها من المناسبات، طالما أن كل حلمهم توفير لقمة عيش زادت مرارة بسبب تقلص فرص الشغل وانحصار المدخول حتى بالنسبة لعائلات ميسورة. ويؤكد «في سنوات مضت كنا نبيع عددا هائلا من تلك الشجيرات التي كانت العائلات تزينها بالحلي التقليدية، أما الآن فلا أحد يساومنا» الحقيقة نفسها أكدها تاجر ورود في السوق المركزي لم يعرض أي شجيرة صنوبر للبيع، طالما ألا أحد من زبنائه يطلبها بهذه المناسبة أو غيرها. وطالما أن الطلب منعدم، ف»لا حاجة لعرض بضاعة كاسدة» برأي التاجر الذي أثث الفضاء بباقات ورود من أحجام وأنواع مختلفة، ما زال الإقبال عليها قائما عكس شجيرات الصنوبر، التي لم تعاين «الصباح» أي واحدة منها معروضة للبيع في هذا السوق المشهور، الواقع بشارع محمد الخامس. وعكس ذلك أثثت فضاءات مختلفة في أسواق تجارية كبرى، بشجيرات بلاستيكية طمعا في زبناء يقبلون على شرائها بأثمنة تتراوح بين 100 و800 درهم، حسب حجمها وطريقة تزيينها، خاصة من طرف الفنادق ودور الضيافة، المنتظر ألا تقيم احتفالات طالما أن الإغلاق يسبق منتصف الليل. الإجراءات الأخيرة للحكومة ساهمت في تقليص الاهتمام بالاحتفالات بالسنة الميلادية الجديدة في كل تجلياتها، طالما أن الأسر تكتفي بشراء الحلوى ومشاهدة التلفزيون وتتبع سهراته، في انتظار ساعة الصفر وتوديع سنة واستقبال أخرى بآمال متجددة يرسمها كل فرد لنفسه. حميد الأبيض(فاس)