fbpx
الأولى

إسرائيل والمغرب … عام على استئناف العلاقات

وقعنا العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتثبيت الإطار القانوني للعلاقات الثنائية

بقلم: الدكتور دافيد جوفرين (سفير إسرائيل في المغرب)

في مثل هذا اليوم، قبل عام، وقع المغرب وإسرائيل، بمساهمة من الولايات المتحدة، على اتفاق إطار لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما. إنه اتفاق لاستئناف العلاقات لأن البلدين سبق أن أقاما علاقات دبلوماسية على مستوى مكاتب الاتصال، في النصف الثاني من التسعينات. بذلك يتميز المغرب عن سائر دول اتفاق إبراهيم، مثل الإمارات والبحرين، اللتين أقامتا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل للمرة الأولى.

عنصران أساسيان يفصلان بين العلاقات التي تمت إقامتها آنذاك بين المغرب وإسرائيل، وبين الواقع اليوم، ويتمثلان في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة وفتح خطوط طيران مباشرة بين البلدين.

تتأسس العلاقات الإسرائيلية المغربية على علاقات ثقافية واجتماعية متينة، حافظ عليها الشعبان، وعكفا على تطويرها على مدى عشرات السنين، من خلال طائفة اليهود الذين يتحدرون من أصل مغربي في إسرائيل، والطائفة اليهودية في المغرب. إلى جانب هؤلاء، ورغم القطع الذي شهدته العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، يزور آلاف الإسرائيليين المغرب، كل عام، واحتفظ المجتمع المدني، في إسرائيل والمغرب، على علاقات واسعة وجيدة.

منذ بداية العام، ينهمك طاقم السفارة بقيادتي، في عملية بناء مقر السفارة. لقد أنشأنا مكتبا مؤقتا، سوف نستخدمه في السنوات المقبلة حتى بناء مقر السفارة الدائم. بالمقابل، نعمل على توظيف القوى البشرية الملائمة، ما سيتيح لنا الفرصة لتطوير العلاقات في المجالات المختلفة، وبالطبع نعمل على توسيع رقعة العلاقات مع ممثلي الحكم والقطاع الخاص. إنها عملية تدريجية تحتاج التعرف على الطرف الثاني وفهمه، خاصة في ما يتعلق بتشخيص المجالات ذات الاهتمام المشترك، والمصلحة المتبادلة.

لقد وقعنا، منذ بداية العام الماضي، على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بهدف تثبيت الإطار القانوني للعلاقات الثنائية بين البلدين. وعلى سبيل المثال، وقعنا على اتفاقيات ومذكرات تفاهم للتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطيران والمياه والأمن والسايبر والثقافة والرياضة. بالمقابل، أقمنا مجموعات عمل في مجالات مختلفة. لقد ساهمت تلك اللقاءات في ترجمة مجالات التعاون من الأقوال إلى الأفعال. بالإضافة إلى ذلك، فسحنا المجال لوصول طلاب من المغرب للدراسة في إسرائيل ودفعنا إلى الأمام أوجه التعاون الأكاديمي والعلمي بين الجامعات ومعاهد البحوث.

شكلت زيارة وزير الخارجية يائير لابيد التاريخية إلى المغرب في غشت الماضي، اختراقا، وكانت بلا شك فريدة من نوعها. لقد دشن الوزير لابيد رسميا السفارة الإسرائيلية في الرباط، ووقع على سلسلة من الاتفاقيات، كما مهّد الطريق أمام زيارة وزير الدفاع غانتس بعد بضعة أشهر.

وتعدّ مذكرة التفاهم للتعاون الأمني التي تم التوقيع عليها بين إسرائيل والمغرب خلال تلك الزيارة سابقة فريدة من نوعها في العلاقات بين إسرائيل والمغرب وفي علاقات إسرائيل مع العالم العربي على حدّ سواء، وتشكل تطورًا ذا مغزى في العلاقات بين البلدين.

إن الفرصة الكامنة في المجال الاقتصادي كبيرة. لذلك هيأنا فرصا للدراسة المتبادلة للبيئة الاقتصادية والتجارية في البلدين، من خلال الاجتماعات عن بعد (عبر الحاسوب) شاركت فيها مئات الشركات من إسرائيل والمغرب. وستشكل زيارة وزيرة الاقتصاد باربيفاي إلى المغرب، مطلع السنة المقبلة، محطة مهمة، وخلالها سيتم التوقيع على اتفاق إطار اقتصادي واسع النطاق.

وخلال يوليوز الماضي، دشنا رحلات الطيران الأولى للشركات الإسرائيلية الى المغرب. كانت تلك المرة الأولى في علاقات البلدين التي تتم خلالها إقامة علاقات طيران مباشرة. إضافة إلى الفائدة الاقتصادية والسياحية والتجارية لرحلات الطيران، فإنها ستمكن، بلا شك، من زيادة أوجه التعارف والعلاقة المباشرة بين الشعبين. ونلاحظ أنه، منذ فتح رحلات الطيران المباشرة، تم تسجيل ارتفاع مستمرّ في عدد السياح الإسرائيليين الذين يصلون إلى المغرب، كما تم تسجيل ارتفاع في أعداد المواطنين من المغرب الذين يرغبون في الوصول إلى إسرائيل.

إننا نحتفظ بعلاقة وطيدة مع الطائفة اليهودية في المملكة. في مطلع الشهر الجاري، وخلال عيد الشموع، أشعلنا شموع العيد في الكنيس في الرباط والبيضاء. وشاركنا أيضا في مولد الحاخام دافيد بن باروخ الذي أقيم في ولاد برحيل. كانت تلك أحداثا مثيرة للانفعال للغاية، لنا ولهم على حد سواء، كمن شاهدوا بعد فترة طويلة بأمّ أعينهم افتتاح سفارة إسرائيلية رسمية على أرض المغرب.

من المؤكد أن أمامنا تحديات كبيرة أهمها ترجمة السلام من أجل رفاهية الطرفين وفائدتهما، وتحد آخر هو أن نثبت أنه يمكن في الشرق الأوسط إقامة سلام حقيقي بين الشعوب وليس بين الحكومات فحسب. إننا على يقين أن حضارة المغرب وتاريخه اللذين يتميزان بالتسامح والاعتدال والتعايش بين اليهود والمسلمين، إلى جانب سياسة جلالة الملك محمد السادس الحكيمة سوف تشكل قدوة ومثالا للسلام تسوده الاخوة والود بين شعوب المنطقة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى