شخصيات وشمت تاريخ الجديدة

سياسيون ومثقفون ورجال دولة وضباط كبار وبرلمانيون بصموا تاريخ المغرب أنجب إقليم الجديدة العديد من الشخصيات، التي تقلبت في مناصب مختلفة، والقاسم المشترك بينها أنها وشمت الذاكرة المشتركة للجديديين بحضورها المتميز وعطائها المتفاني ، سواء على الصعيد الإقليمي، أوعلى الصعيد الوطني. هي شخصيات أطلقت صرخاتها الأولى في الجديدة، وتلقت جزءا من تعليمها بمدارس وثانويات المدينة، ورغم تحمل مسؤوليات كبيرة، ظل عشق "البلاد" يشتغل بدواخلها، في ولع شديد بتربة الأرض ومسقط الرأس . إعداد: عبدالله غيتومي (الجديدة) الخطيب ... مهندس إدماج الإسلاميين في السياسة أطلق الخطيب صرخته الأولى بالجديدة ، كان ذلك في 2 مارس 1921 ، هو من أسرة جزائرية الأصل، عاشت مرحلة طويلة في رياض بالقرب من إعدادية للا مريم. تلقى تعليمه الأولي بمسقط رأسه ، وظهر نبوغه في سن مبكرة ، أهله لاستكمال مساره الدراسي بالجزائر تخرج سنة 1953، أول جراح مغربي. خبر العمل الوطني مبكرا، ويشهد له بجهاده ومقاومته للاستعمار الفرنسي ، من خلال التنظيم السري لجيش التحرير ، وكان مكلفا بجمع الأموال واستقدام السلاح ، كما أنه كان من المناصرين لقضايا التحرر وضمنها القضية الجزائرية . في 1940 أسس منظمة الكشفية الحسنية ، وفي 1955 التقى الزعيم علال الفاسي. وبعد الاستقلال كان أول من ترأس البرلمان المغربي بين 1963 و1965، وتقلد عدة مناصب وزارية في الصحة 1963 والشؤون الإفريقية والشغل والشؤون الاجتماعية ، كما أنه ترأس المجلس البلدي للجديدة خلال الفترة بين 1966 و1976 . كانت بدايته في حزب الاستقلال بين 1944 و1957، ثم الحركة الشعبية بين 1957 و1967، ومن صلبها، أنشأ حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية 1967 و1998. ويحسب له أنه هو من هندس إدماج الإسلاميين في الحقل السياسي، بميلاد حزب العدالة والتنمية في 1998 عقب الاجتماع التاريخي، الذي ترأسه بسلا. أصدر في 1997 سيرة ذاتية تحت عنوان "مسار حياة ", توفي يوم 28 شتنبر 2008 بالرباط . جطو ... أول دكالي ترأس الحكومة ولد إدريس جطو في 24 ماي 1945 بالجديدة ، وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة التهذيب ثم بثانوية ابن خلدون قبل أن يشد الرحال إلى الرباط، لاستكمال دراسته بجامعة محمد الخامس بشعبة الفيزياء والكيمياء ، ورغم ميوله العلمية كان تواقا لتعميق معارفه في مجال الاقتصاد والتسيير بحصوله على شهادة تسيير من جامعة كوردويرنز بلندن. أمضى 20 عاما في عالم الشركات ولم يكن أحد يتنبأ لابن الجديدة، بأن تألقه الاقتصادي سيقوده يوما ما إلى عالم السياسة ، التي دخلها في 1993 وزيرا للتجارة والصناعة ثم أضيفت له حقيبة التجارة الخارجية، وظل جطو "البروفايل الاقتصادي" المطلوب في كل التعديلات الحكومية ، إذ أسندت له وزارة المالية في 1997 . في 1998 ترك الساحة السياسية، فيما يشبه اعتزالها ، وتفرغ لعالم المال والأعمال ، لكن رجل دولة من حجم إدريس جطو أبدا لا يمكن أن يعتزل في وقت مبكر ، فقد أعاده الملك محمد السادس إلى المسؤولية على رأس المكتب الشريف للفوسفاط في 2001 ، ثم وزيرا للداخلية وأشرف على انتخابات 2002 وصفت يومها بأنها نقلة متميزة نحو مغرب النزاهة والديموقراطية ، وفي السنة نفسها، عينه الملك وزيرا أول خلفا لعبد الرحمن اليوسفي، وهو المنصب الذي شغله إلى 2007 ، وعين في 2012 رئيسا للمجلس الأعلى للحسابات خلفا لأحمد الميداوي حتى 2021 ، تم توشيحه بوسام العرش من الحمالة الكبرى وبعدة أوسمة دولية . زاهيدي... عميد البرلمانيين بدكالة ولد بوشعب زاهيدي في 1923 بزاوية سيدي أحمد بن مبارك بأولاد غانم ، من أصل شريف يتحدر من زاوية الخنابيب. وتولى زاهيدي بين 1956 و1962 منصب قائد على الواليدية الغربية ، قبل أن ينخرط في العمل السياسي ، إذ كان من بين المؤسسين لحزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة أحمد عصمان وظل منسقا إقليميا له لمدة 25 سنة . استطاع الحاج بوشعيب زاهيدي انتزاع لقب عميد البرلمانيين بدكالة، إذ قضى بمجلس النواب فترة 39 سنة بين 1963 و2002 ، كان خلالها صوتا مدافعا عن الفلاحين وتحسين أوضاعهم ، وهو النائب الذي كانت له الجرأة في 1996 لطرح سؤال على إدريس البصري بالبرلمان ، مطالبا في ذلك الوقت بتقنين زراعة الكيف. وترأس كذلك المجلس الإقليمي لولايتين ، كما انه كان رئيسا للجماعة الترابية لأولادغانم . كما أنه ترأس الغرفة الفلاحية لدكالة والشاوية وورديغة ، وفي سنة 1968 وبأمر من المرحوم الحسن الثاني تم إنشاء "أسبم " الذي انتظم فيها منتجو ومصدرو الخضر والبواكر بالمغرب، وترأسها زاهيدي، منذ تلك الفترة إلى 2004 . كان المرحوم بوشعيب زاهيدي مفاوضا شرسا لدى الاتحاد الأوربي ، وتمكن من تحقيق مكتسبات لصالح الفلاحة التصديرية المغربية خاصة في الطماطم بفرض " نظام الكوطا " في الأسواق الأوربية. وشحه المرحوم الحسن الثاني بوسام العرش من درجة قائد، كما وشحه الرئيس الفرنسي جاك شيراك بوسام الاستحقاق الفلاحي, توفي في 2004 في اجتماع رسمي بعمالة الجديدة إثر نوبة قلبية مفاجئة ، وأطلق اسمه على أحد الشوارع الكبيرة بالجديدة . بنسليمان... رياضي قائد للدرك لما وشحه الملك محمد السادس بوسام الحمالة الملكية الكبرى، كان ذلك اعترافا قويا للرجل بإخلاصه في جميع المسؤوليات التي تقلدها ، وبالخصوص الفترة التي قضاها على رأس الدرك الملكي . ازداد بنسليمان بالجديدة في 1935 من عائلة عريقة، تلقى دراسته بثانوية ابن خلدون ثم التحق في 1957 بالجيش بعد تخرجه من مدرسة " سان سير " العسكرية بفرنسا. كانت ميولاته الأولى رياضية قادته أن يكون حارسا متميزا لفريق الجيش الملكي الذي حقق معه الكثير من الألقاب ، ذلك جعله دائما في دائرة الضوء، إذ في 1965 عين قائدا لوحدات التدخل السريع ، ثم نائبا للمدير العام للأمن الوطني ، عندها أظهر حنكة يسرت له ثقة المرحوم الحسن الثاني الذي عينه عاملا على طنجة القنيطرة ومكناس . وعقب الانقلاب الفاشل بالصخيرات في 1971 ، ترأس الدرك الملكي كواحد من أعلى التنظيمات الأمنية في المغرب، إلى أن احيل على التقاعد برتبة جنرال دوديفيزيون . وبالإضافة إلى دوره الأمني كان رئيسا للجامعة الملكية لكرة القدم ، وظل يكن حبا خاصا لفريق الدفاع الحسني الجديدي . القادري ... عين الحسن الثاني ولد الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري في 1935 بالجديدة ، من عائلة للمقاومة والعمل الوطني ، إذ كان والده المرحوم عبدالواحد القادري من رموز الوطنية بدكالة. من مدرسة التهذيب إلى ثانوية ابن خلدون إلى مجاورة الأمير مولاي عبدالله في الدراسة بفرنسا ، وبعد عودته تم تكليفه بأمن جدة الملك للا عبلة. تقلب القادري في مجموعة من مناصب المسؤولية العسكرية ، وكان عين المغرب الخارجية بين 1983 إلى 2004 ، كمسؤول عن المخابرات العسكرية التي راكم فيها تجربة كبيرة في مكاتب المديرية العامة للدراسات والمستندات. كما أنيطت به قبل ذلك بين 1981 و1983 مهمة المدير العام للأمن الوطني ، ووصل إلى أعلى المراتب على رأس المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية . كان القادري من أوائل الموقعين على بيعة الملك الجديد محمد السادس ، وفي يوليوز 2000 منحه الملك رتبة " جنرال دوكوردارمي " وهي رتبة استثنائية في الجيش وتقاعد في 2004 . المقربون من القادري يشهدون له بتدينه وحسن أخلاقه ، وتعلقه بمدينة الجديدة التي أنشأ فيها مؤسسة عبدالواحد القادري ، ومركبا ثقافيا بمبلغ ملياري سنتيم يضم مسرحا وقاعة سينما ومحاضرات ، كما بنى في 1985 مسجدا كبيرا أطلق عليه اسم والده بحي السعادة بالجديدة، وكان في العديد من المناسبات من أبرز المدعمين ماليا للدفاع الجديدي. وافته المنية بالرباط في 21 نونبر 2017 . ساهل ... رجل الدولة المثابر رأى المصطفى ساهل النور في 5 ماي 1946 بأولاد زيد بمنطقة أولاد افرج ، في وسط عائلي يسوده الانضباط في ما يشبه تربية عسكرية ، لأن المرحوم والده الحاج المعطي كان مسؤولا في سلك القوات المساعدة. عاش ساهل مع أقرانه في الحي الشعبي " سيدي الضاوي " قبل التحاقه بالسلك الثانوي بثانوية ابن خلدون ، ومنها إلى جامعة محمد الخامس ، وأهله مستواه الأكاديمي للتقلب في عدد من المناصب السامية ومنها مدير عام لصندوق التجهيز الجماعي وكاتب عام لوزارة المالية ، ثم وزيرا للصيد البحري والملاحة التجارية بين 1995 و2001 وواليا على الرباط سلا زمور زعير بين 2001 و2002 ، وضمه صديق طفولته إدريس جطو وزيرا للداخلية بين 2002 و2004 . خبر العمل الديبلوماسي وأبلى فيه البلاء الحسن من موقعه السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة ، وسفير المغرب بفرنسا . كما شغل منصب مستشار الملك محمد السادس من 2011 إلى وفاته بالرباط في 7 أكتوبر 2012 . الجديدي ... النقابي المشاكس ولد محمد أرسلان الجديدي سنة 1926 بالجديدة من أسرة تتحدر من قبيلة الغربية. كان في بداية عهده معلما للغة الفرنسية، قبل أن يترك التدريس، ويلتحق بالمكتب الشريف للفوسفاط بخريبكة، وهناك استطاع تنظيم صفوف شغيلة الفوسفاط، وقيادة عمل نقابي شرس في صفوف الاتحاد المغربي للشغل زمن المحجوب بن الصديق. وقفات الرجل الاحتجاجية وإضراباته أقلقت النظام، وجعلت الدولة تقرب منها ذلك المشاكس القادم من الجديدة، إذ عينه الحسن الثاني مندوبا ساميا للإنعاش الوطني ثم وزيرا للشبيبة والرياضة في حكومة كريم العمراني فوزيرا للشغل والتكوين المهني . استعملته الدولة في انتخابات 1976 لكسر شوكة عبدالكريم الخطيب، الذي برزت ميولاته الانتخابية، وأزاحه عن بلدية الجديدة، ثم فاز بمقعد برلماني في 1977. وفي 1984 ، ظفر بمقعد نيابي عن دائرة أولاد افرج. ومن طرائف الرجل أنه انضم إلى المعارضة التي قدمت ملتمس رقابة لحجب الثقة عن الحكومة. ولما أصبحت الأمور جدية، تراجع عن مساندة الاتحاديين وخاطبهم في قبة البرلمان "أنا ساندتكم في البداية لإسقاط الحكومة، واليوم أتراجع، لأنني لما درست ملتمسكم وجدته "ما يطيح حتى مقدم ديال حومة". انشق أرسلان في 1981 عن عصمان، وأسس الحزب الوطني الديمقراطي، وتوفي في 1999. يذكر له الجديديون أياديه البيضاء على مدينتهم، خاصة أنه كان وراء العديد من المكتسبات كالمدرسة الفندقية والتكوين المهني ومصحة الضمان الاجتماعي. العروي ... هرم الفكر العربي ولد عبدالله العروي في 1933 بأزمور، ولا أحد اعتقد أن هذا الفتى سيتخطى صيته ضفتي أم الربيع، إذ أصبح من أشهر المفكرين والمؤرخين والروائيين المغاربة. استطاع الرجل أن يؤسس للتاريخانية الجديدة من خلال تبني الحداثة الغربية والقطع مع التراث العربي الإسلامي. في أزمور، رأى النور ودرس في مدارسها الابتدائية، وواصل بمراكش وحصل على الباكلوريا بالرباط. نال دبلوم السلك الثالث في التاريخ في 1958 وفي 1963 شهادة التبريز في الإسلاميات. درس بالولايات المتحدة بين 1967 و1972 وحصل على الدكتوراه من السوربون في 1976 . كان العروي محاضرا في جامعات فرنسية وأمريكية وفي جامعة محمد الخامس. قام بعدة مهام كلفه بها الراحل الحسن الثاني، ومنها عضو أكاديمية المملكة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وتذويب جليد العلاقات بين المغرب واليسار الفرنسي عامي 1990 و1991، ورافق الملك محمد السادس لما كان وليا للعهد في رحلات إلى دول أجنبية، وتصدى العروي بقوة للتيار الداعي إلى استعمال الدارجة في التعليم، وله باع طويل في السياسة، خاصة أنه رافق المهدي بن بركة مدة غير قصيرة . ألف أكثر من 30 كتابا أشهرها الإيديولوجيا العربية المعاصرة والعرب والفكر التاريخي وأزمة المثقفين العرب، وترجمت أعماله إلى لغات متعددة.

شخصيات وشمت تاريخ الجديدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدفاع الحسني... حامل مشعل التنمية الرياضية

عكرود و"السردين المشوي"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات