شهادات

أعطاب وخروقات انتخابات ثامن شتنبر، مرت في ظروف استثنائية بكل المقاييس، في ظل انتشار فيروس "كورونا" وإجرائها في اليوم نفسه. وحسب قراءتي لأجواء الحملة الانتخابية والاقتراع وتشكيل المجالس، لا يمكن أن أجزم القول بنزاهتها من عدمه. وسأقف بين المنزلتين، كي أكون أكثر موضوعية. كثير من المغاربة ارتاحوا لهذه الاستحقاقات، وما أفرزته من نتائج كونت قوة سياسية جديدة غير أغلبية الولايتين السابقتين. وربما هذا الارتياح غطى على بعض أعطابها وخروقات مختلفة شابتها من بداية الحملة إلى إعلان النتائج ورسم التحالفات السياسية، لكنها غير مؤثرة إلى حد ما. استعمال المال لشراء ذمم الناخبين الصغار والكبار، حقيقة مرة غير قابلة للتعميم طبعا، لكنه صورة مشوهة تخدش نقاء وجه هذه الاستحقاقات كسابقات لها، خاصة أمام صعوبة ضبط ذلك طالما أن للناخب قابلية لذلك. ولعل في محدودية حالات شراء الذمم المضبوطة، دليل على استحالة فرملة عملية تجري سرا وتحت جنح الظلام، كما التأثير على إرادة الناخبين بالضغط والتهديد والترهيب، ولعب البعض على حبل القبلية والوعود لاستمالة أصوات ناخبين تنقصهم وسائل الاقتناع بالبرنامج الانتخابي قبل الأشخاص. هذه بعض من أعطاب الانتخابات، كما اختطاف الناخبين الكبار واحتجازهم وإغرائهم ولي أياديهم بشيكات على بياض أو اعترافات بدين وغيرها من وسائل دنيئة لا يلجأ إليها الجميع، بل تلجأ إليها بعض الكائنات الانتخابية، التي عششت طويلا، للأسف، ولا حيلة لها لكسب الثقة، غير الإغراء. ما سلف ذكره لا يمكن إسقاطه أو تعميمه، بل يبقى حالات معزولة لا تمحي صورا جميلة رسمها مرشحون وأحزاب تستحق كل الاحترام، لاحترامها إرادة الناخب ولجوئها لوسائل الإقناع بالبرنامج لا بالمال أو غيره. وتلك نقطة حسنة تشفع للقول بنزاهة انتخابات تبقى أحسن من سابقاتها. مريم عليلو )مربية( ممارسات لا أخلاقية تقييمي لانتخابات 8 شتنبر، سأبنيه اعتمادا على تجربتي الخاصة، انطلاقا مما شاهدته فاعلا جمعويا ومتتبعا للشأن السياسي بفاس، فالانتخابات بمدينتنا عرفت مجموعة من الخروقات المسيئة للعملية الانتخابية، التي للأسف قد تكون منطلق عزوف لاحق عن الممارسة السياسية. هذه الخروقات ظهرت مع انطلاق الحملة الانتخابية التي لم تحترم فيها الأحزاب التدابير الاحترازية للحد من انتشار فيروس "كورونا". ومع اقتراب الاقتراع ظهرت ممارسات لاأخلاقية وغير قانونية من بيع وشراء للذمم، ومحاولة التأثير على الناخبين، وانتشار البلطجة بمحيط مراكز للتصويت والحياد السلبي للسلطة في مجموعة من المناطق. الأحزاب السياسية هي السبب الأصلي في ما سجل من خروقات وتجاوزات، فهي وعبر منسقيها، عجزت عن استقطاب نخب جديدة وإقناع الشباب ببرامجها ومشاريعها السياسية، في ظل فشلها في تكوين وتأطير مناضليها لخوض العملية الانتخابية وتخليق العمل السياسي. نسبة من الأحزاب ومنسقيها، رشحوا الأعيان وأصحاب "الشكارة"، بل سيطروا على لوائح حزبية بنسبة تفوق 90 بالمائة، عوض إعطاء الفرصة للكفاءات. للأسف الأحزاب فشلت في تفعيل الخطابات الملكية الداعية لإتاحة الفرصة للشباب لضمان انخراطه في العمل السياسي والحزبي وتجديد النخب. هذه الممارسات البئيسة وغيرها كان لها أثر سلبي على نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، خاصة على مستوى عمالة فاس، إذ كانت من بين الأضعف على المستوى الوطني، ما فسح المجال لنتائج غير متوقعة قادت أحزابا لتسيير المدينة ومقاطعاتها، غير المألوفة منذ عقود. مهدي موفق )فاعل جمعوي( نزاهة معلقة لا يمكن أن نتصور استحقاقا انتخابيا نزيها في شموليته وخاليا من الخروقات والتجاوزات والعيوب، طالما أن البشر محوره وحلقته الأساسية، سواء كان مرشحا أو ناخبا. البشر يخطئ بسوء نية أو بدونها. باختصار، انتخابات 8 شتنبر، لم تكن نزيهة بالكامل، وشابتها خروقات فصلت وسائل الإعلام في فضحها، بما في ذلك إفساد العملية الانتخابية باستمالة أصوات الناخبين باستعمال المال والترهيب والترغيب والبلطجة وتأثيث المشهد بوعود عسلية تذوب بانتهاء الحملة لينطلق مسلسل النسيان. لقد تتبعنا ما أثير ونشر عبر وسائل الإعلام المختلفة، من تجاوزات يندى الجبين لذكرها وتسيء للمسلسل الديمقراطي الذي توخيناه نقيا خاليا من مثل تلك الشوائب الفاسدة العالقة من زمن مضى ونتمناه ألا يعود. ونتأسف لحرص بعض الوجوه الانتخابية، على تكرار أخطاء الماضي وتكريسها. سمعنا عن مرشح يشتري ذمم ناخبين صغار، وقرأنا عن ناخب يقبل بالمال ثمن صوته الانتخابي، وفضحت وسائل التواصل الاجتماعي، فساد مرشحين دون تعميم طبعا. ونتأسف لما تم تداوله من حديث عن اختطافات واحتجاز ناخبين كبار وإغرائهم والضغط عليهم للتصويت على طرف معين. والأغرب جهل البعض بالقوانين وترشيح شباب من الجنسين لتحمل المسؤولية في جماعات ترابية، رغم أن أعمارهم أقل من السن القانوني الموجب لذلك، وزد على ذلك عدم احترام تمثيلية النساء في المجالس، وتأثيثها بأسماء محل شبهات، بل انتخاب محكومين بعقوبات من طرف جرائم الأموال. هذه ملاحظات فقط حول الأجواء التي مرت فيها الانتخابات الأخيرة ولا يمكن أبدا أن نعممها أو نستند إليها للقول بغياب النزاهة، فهي صور مشوهة تعاملت معها السلطات بالحزم اللازم، خاصة في حالات ضبط فيها مرشحون أو مناصروهم، متلبسين بإفساد العملية الانتخابية. هدى لكحل )مستخدمة( مساومة وإكراه للحكم على نزاهة الانتخابات من عدمها، وجب إخضاع العملية برمتها إلى مقاييس ومعايير النزاهة، بدءا من التسجيل، مرورا بالإعلان عن النتائج، وصولا إلى التحالفات وما أفرزت من مجالس لتسيير الشأن محليا ووطنيا. من وجهة نظري، فالانتخابات الأخيرة لم تكن نزيهة كما سابقاتها، لاعتبارات عديدة، بينها السماح بالترشح لمن تحوم حولهم شبهة الفساد ونهب المال العام، بل منهم من صدرت في حقه متابعات وأحكام قضائية من طرف محاكم جرائم الأموال. للأسف كان هناك استعمال كثيف للمال واستغلال بعض الأحزاب لعامل الأمية والفقر المنتشرين داخل المجتمع، لاستمالة جزء من الشعب للتصويت على مرشح لا يرقى للتطلعات، فخلال الحملات الانتخابية كنا نسمع هنا وهناك عن أموال توزع مقابل التصويت لفلان أو علان، بل إن بعض الحالات تم توثيقها وتصويرها. ولا تفوتني الفرصة دون الإشارة لاستعمال البلطجة في الحملة ويوم الاقتراع وما بعدهما، فأصبحنا نرى الحملات الانتخابية مثل ساحات حرب، الرابح فيها هو الذي سيجبر الطرف الآخر على الانسحاب من إحدى المناطق المتنازع عليها. هذه التصرفات التي شابت العملية الانتخابية، بالإضافة إلى عزوف ومقاطعة فئة واسعة من المجتمع المغربي للانتخابات، أفرزت لنا برلمانيين لم تطأ أقدامهم المدرسة قط وآخرين لا يتوفرون إلا على مستوى ابتدائي، إضافة إلى 3 آلاف مستشار جماعي غير متمدرسين. كان الأحرى أن يتم اشتراط مستوى دراسي معين على الراغبين في الترشح للانتخابات، وإقرار على الأقل شهادة الباكلوريا بالنسبة للانتخابات الجماعية والمهنية والإجازة بالنسبة للبرلمانية. أعطاب هذه الانتخابات توالت بعد ظهور النتائج، فقد لاحظنا أن التحالفات في الانتخابات المهنية والجماعية، لم تخضع لمنطق المصلحة العامة، بل اكتست طابع تقسيم الغنائم والمساومة وأحيانا الإجبار والإكراه للتصويت على زيد أو عمرو. محمد الصحيح )حقوقي( إغراءات المنصب انتخابات هذه السنة اتسمت بطابع خاص وأجريت في ظل انتشار جائحة "كورونا"، وما رافقها من إجراءات احترازية لم يتم السماح بسببها بإقامة مهرجانات خطابية للأحزاب في حملاتها، وكذلك لأول مرة يتم الجمع بين الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية في يوم واحد. للأسف ثمة مواطنون لا ينتظرون أملا في تغير واقعهم المعيشي، أو ما يستجيب لانتظاراتهم في التعليم والصحة والتشغيل، وذلك راجع إلى اتساع الفجوة بين المواطن والأحزاب وفقدان الثقة في المؤسسات المنتخبة، لأن المواطن يجد نفسه أمام الكائنات الانتخابية نفسها التي لا تتغير. الغريب أن شعار حملاتهم الانتخابية هو التغير وهم على رؤوس المؤسسات منذ عقود ولا شيء تغير، لا وجود لبرنامج انتخابي وبشكل آخر برنامج موحد. المحدد الأساسي للفوز أو الخسارة بمقعد انتخابي بالنسبة إلى هؤلاء، هو المال، فعندما انتهت الحملة الانتخابية، والتي كانت بالغناء والرقص، مما يشعرك أنها ليست مهمة، بدأت الحملة الفعلية ليلة الاقتراع حيث وزع المال بشكل مفرط ليس لشراء الأصوات لصالح مرشح أو ذاك، بل حتى لتغيير معالم عملية التصويت تحت عبارة "يلا ما بغيتيش تصوت علينا، ما تصوتش على فلان". نعم، التصويت هنا لا يخضع إلى منطق الأحزاب، بل للأشخاص في كثير من الأحيان، للأسف وحسب ما تم تداوله فثمن الصوت الواحد، بلغ ألف درهم، وعملية شراء الأصوات استمرت حتى في يوم الاقتراع وأمام أعين الجميع في بعض الأماكن حسب تصريح بعض الأحزاب، إضافة إلى عملية الفرز التي شابتها العديد من الخروقات. وفي النهاية، النتيجة نفسها، الفوز لصالح الوجوه نفسها واحتلالها المشهد السياسي المحلي والتشريعي والجهوي. وطبعا سيتم استرداد الأموال الموزعة في الحملة طيلة خمس سنوات المقبلة، ويبقى حال التعليم والصحة والتشغيل والبنية التحتية على ما هو عليه، وأمام العالم مر العرس الديموقراطي في جو من الشفافية والنزاهة في انتظار المسرحية الانتخابية المقبلة. كريمة أتبير )جمعوية وحقوقية( سيناريوهات متوقعة بالنسبة إلي، الحديث عن انتخابات نزيهة أو شفافة يبقى أمرا صعبا، لأنه لنصفها بذلك، يجب أن يخضع كل إجراء منها للتدقيق والتحقق بكل استقلالية، وهذا أمر صعب المنال في الطبعة المغربية من الانتخابات، والتي تتحكم فيها عوامل متعددة. وأهم هذه العوامل، الوضع الاجتماعي للفئة الناخبة، والتي قد تجد نفسها مرغمة على التصويت لطرف معين بغية تحقيق مصالح ذاتية، والتي ليست بالضرورة تراعي المصلحة العامة، فأحيانا يمكن استمالة فئة عريضة من الناخبين ببرنامج انتخابي لا يدخل في اختصاصات البرلمان أو الجماعات المحلية. وإذا تحدثنا عن الانتخابات الأخيرة ل8 شتنبر، فقد كانت نتائجها متوقعة في دوائر معينة، لكن في دوائر أخرى حصلت سيناريوهات لم يكن يتوقعها الكثير من المتتبعين والمراقبين، وهنا يمكن للمهتمين بالشأن الانتخابي أن يبحثوا عن سبب ذلك، هل كانت هناك تدخلات مشبوهة وتمس بالعملية الديموقراطية في توجيه القاعدة الناخبة؟ على العموم، يمكن القول إن شراء الأصوات وتدخلات جهات يفترض فيها الحياد في العملية الانتخابية، برأيي، لم يغير بشكل كبير في النتائج العامة للانتخابات، وكان دورهما محدودا، خصوصا على مستوى الانتخابات التشريعية، لأن الدوائر كبيرة ويصعب التحكم فيها والسيطرة عليها بشكل كامل. عبد اللطيف الحافظي )رجل تعليم) استقاها: حميد الأبيض )فاس(

الانتخابات... "النزاهة فيها إن"

محاضر التصويت... حصان طروادة

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات