دور باهت للنيابة العامة

> كيف تعامل المشرع مع الجرائم التي تورط فيها مختلون عقليا؟ > بداية أود أن أشير إلى أن القانون الجنائي الفرنسي الصادر في 1810 أول من أسقط المسؤولية الجنائية عن المرضى نفسيا، على اعتبار أن القوانين الأخرى كانت ترى المرض النفسي عملا شيطانيا وخصصت للمريض عقوبات مشددة، هذا دون إغفال أن الشريعة الإسلامية كانت سباقة بدورها إلى إعفاء المجنون والمريض نفسيا من المسؤولية الجنائية. الملاحظ أن المشرع المغربي كان سباقا إلى سن قانون يخص هذه الفئة، يحمل رقم 30/04 الصادر بتاريخ 1951، يتعلق بضمان الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المرضى المصابين بها، إلا أن هذا القانون لم يتم تطويره وتحيينه مع التطور الذي عرفه المجتمع، إذ ظل دور النيابة العامة باهتا، وحصر الأمر بإيداع المريض المؤسسة الصحية والنفسية على المريض نفسه أو عائلته أو إلى السيد العامل في حال كانت الحالة النفسية للمريض تشكل خطرا وعجزت عائلته عن التحكم في تصرفاته وسلوكاته. > يلاحظ أن هناك تقزيما لدور النيابة العامة... > كما قلت، دور النيابة العامة في هذا المجال باهت وضعيف جدا، سيما إذا أجرينا مقارنة مع القانون المصري الصادر في 2009، والذي أعطى أدوارا مهمة للنيابة العامة المصرية، منها أنها يمكنها أن تأمر بإيداع المختل عقليا المؤسسات الصحية والنفسية، لمدة 45 يوما، مع إخضاعه للفحص والمراقبة، مع تكليف طبيب مختص بإعداد تقرير حول حالته الصحية، على ضوئه يحدد قرار الإبقاء بالمؤسسة الصحية وعلاجه أو متابعته قضائيا أو إعفائه من المتابعة، في حين أن قانون 1959، خصوصا المادة 23، حصرت دور الطبيب في تحرير شهادة معللة على وضعية المريض تحدد أسباب الحالة المرضية وسلوكاته وتشخيص الداء وغيرها من المهام. > يلاحظ عدم متابعة مرضى بسبب جرائمهم، في حين يدان آخرون بعقوبات مشددة، ما رأيك؟ > بالعودة إلى القانون الجنائي، خصوصا المادة 132، نجدها تنص على أن كل شخص سليم العقل يكون مسؤولا شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها، وهذا يحيلنا أيضا على المادة 134 من القانون نفسه، التي تنص على أنه لا يكون مسؤولا ويجب الحكم بإعفائه من كان وقت ارتكاب الجريمة في حالة يستحيل معها الإدراك والإرادة بسبب خلل في قواه العقلية، وإثبات غياب هذين العنصرين، مرتبط بإنجاز خبرة طبية، تأمر بها المحكمة، تكون فاصلة لإصدار حكم الإعفاء من العقوبة أو تأكيد الإدانة، وهنا أشير إلى أن المريض يبقى معتقلا إلى حين صدور قرار المحكمة، بناء على الخبرة المشار إليها، وهو ما اعتبره خرقا لمبادئ حقوق الإنسان والغاية من العقاب. إذن يبقى الحل لتجاوز هذه المعضلة الإسراع بمصادقة البرلمان على مشروع قانون تقدم به الحسين الوردي الوزير الأسبق للصحة، خاص بمكافحة الاضطرابات العقلية والنفسية وحماية الأشخاص المصابين بها، مع منح النيابة العامة دورا فعالا في هذا المجال، إسوة بالقانون المصري، وسحب الاختصاص من الجهات الإدارية، حماية للمواطنين من مخاطر المرضى نفسيا. أجرى الحوار : م.لـ * محامية بهيأة البيضاء

دور باهت للنيابة العامة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لمقتحم منزل امرأة ليلا

1400 درهم سعر "إنفنيكس" الجديد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات