المقاهي المتنقلة… مشروع من رحم الوباء

سيارات لبيع فناجين القهوة تنتشر مثل الفطر على قارعة الطريق عكس الفكرة السائدة حول توقف الكثير من المهن واندثار أخرى في زمن الجائحة، ظهرت مهن جديدة في عز الوباء، خاصة بعد توقف جل القطاعات الإنتاجية والخدماتية، ما فتح الباب أمام مهن أخرى، من قبيل المقاهي المتنقلة، التي أصبحت منتشرة مثل الفطر في عدد من المناطق بالعاصمة الاقتصادية، وكان سبب هذا الانتشار، إغلاق المقاهي والمطاعم في وقت سابق، ما سمح للمقاهي المتنقلة بالظهور، لكن بالمقابل يعيش ممتهنو هذه الحرفة، وضعا اجتماعيا هشا، لأنهم لا يملكون رخصا لمزاولة هذه المهن أو استغلال الملك العام واحتلاله. إنجاز: عصام الناصيري - تصوير: (أحمد جرفي) اندهش مستعملو السيارات في البيضاء، من فئة جديدة من الباحثين عن لقمة العيش، خارج أسوار الشركات والوظيفة العمومية، دفعوا بعد فقدان وظائفهم، إلى ابتكار حلول آنية من أجل مواجهة الأزمة، ويتعلق الأمر بأشخاص يستعملون سياراتهم مقاهي متنقلة، منهم من استقر بمكان معين، وآخرون يختارون التنقل بين المناطق والبحث عن الزبائن. انتشار كبير بدأ هذا النشاط غير المكلف، والذي يدر أموالا مهمة على ممارسيه، في الأشهر الأولى من ظهور جائحة كورونا، بعد اغلاق المقاهي والمطاعم، لكن لم تمر سوى أشهر، حتى أصبحت بعض الطرق والشوارع بالبيضاء مكدسة بهؤلاء الأشخاص، إذ على امتداد كورنيش عين الذئاب، يلاحظ الزائر عشرات العربات المركونة على جنب الطرق، تبيع أنواعا من القهوة، لزوار الشاطئ أو ممارسي الرياضة، أو بعض العمال في الشركات والمحلات المجاورة. ولم يقتصر الأمر على عين الذئاب فقط، بل تحولت الطريق الوطنية الساحلية الرابطة بين البيضاء والمحمدية، إلى معرض لباعة القهوة، خاصة على طول الخط الرابط بين عين السبع ومنطقة زناتة. الملفت أن هذا النشاط كان سائدا في بعض المناطق، أمام بعض الشركات، وقرب الثانويات والجامعات، غير أن جزءا كبيرا من الملتحقين الجدد، اكتشفوا أن هذا النشاط مربح وغير مكلف، ما دفعهم إلى المغامرة والاستثمار فيه. استثمار مربح يقول سعيد، وهو شاب في عقده الثالث، يمتهن بيع القهوة على شاطئ عين الذئاب، ويستعمل سيارة لنقل السلع متجرا متنقلا لبيع فناجين القهوة، وبعض المأكولات الخفيفة، يقدمها لزبائنه، خاصة في وجبة الفطور، "إن هذه المهنة مربحة مقارنة بالعمل أجيرا في إحدى الشركات، لكن بالمقابل هناك تحديات أخرى تجعل مستقبلها غامضا، خاصة أننا نشتغل في إطار غير قانوني". وأضاف سعيد، وهو يسارع في إعداد طلبات الزبائن، أن "كل من يمتهن هذه الحرفة مهدد بفقدانها في أي لحظة، خاصة من قبل رجال السلطة الذين يغضون عنا الطرف لكن إلى متى؟"، موضحا نريد أن نشتغل دون خوف من المستقبل والسلطة، ونطمح أن تلتفت إلينا السلطات، وتؤطرنا في مشروع معين، كما هو الحال بالنسبة إلى باعة الحلزون في عين الذئاب، الذين نظموا أنفسهم ويشتغلون بشكل قانوني". وكشف المتحدث ذاته، أن دخله اليومي من بيع القهوة غير مستقر، ويتأثر بظروف مختلفة، غير أنه يؤكد في الوقت نفسه أنه يصل أحيانا إلى 500 درهم في اليوم، وأحيانا يقل عن 200 درهم، مبرزا أنه في نهاية الأسبوع، يحل الكثير من الزوار على عين الذئاب، ما ينعش مشروعه. ضرورة التقنين يتضح من خلال باعة القهوة الذين تحدثت إليهم "الصباح"، أن هناك خوفا من زوال هذه المهنة، ومحاربتها من قبل رجال السلطة، خاصة في المناطق الحضرية، التي تجلب السياح، وهو ما فطن إليه الباعة ويطالبون في حديثهم بالتقنين، مبرزين أنه السبيل الوحيد، القادر على ضمان لقمة عيشهم في هذه الحرفة. وقال شاب آخر، قابلته "الصباح"، في مدخل أحد شواطئ عين السبع، إنه لجأ إلى هذه الحرفة، بعد أن كان سائقا تابعا لإحدى شركات النقل السياحي بالبيضاء، غير أنه بعد انتشار وباء كورونا توقف عن العمل، وقرر الاستثمار في هذا المشروع، إذ حصل على سيارة من أحد معارفه مقابل مبلغ شهري، ويعمل في بيع القهوة منذ سبعة أشهر. وأوضح المتحدث ذاته، أن مصاريف هذا المشروع غير مكلفة جدا، إذ أن الإشكال يبقى في السيارة فقط التي ستستعمل لتثبيت آلة القهوة، والتنقل بين المناطق، بينما باقي المعدات لا تتجاوز قيمة الاستثمار فيها 5 آلاف درهم، مشددا على أن العمل دون سند قانوني يؤرق الجميع، وأن مطلب ممتهني هذه الحرفة، يتمثل فقط في تقنين هذا النشاط، والسماح لهم ببيع معروضاتهم دون مشاكل. ويقول الشاب ذاته، إن سعر أكواب القهوة غير موحد، إذ يحدد حسب المنطقة التي يشتغل فيها الشخص، لكنه لا يقل عن أربعة دراهم، ويصل إلى ثمانية في بعض المناطق.

المقاهي المتنقلة… مشروع من رحم الوباء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"قافزين"

العلوي: مهرجان التبادل أصبح عالميا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات