البيروقراطية تكلف 470 مليارا

الوكالة القضائية للمملكة ترافعت في 9090 قضية بسبب الشطط وسوء التدبير كشفت الوكالة القضائية للمملكة في تقريرها الأخير، أن المنازعات الإدارية كلفت خزينة الدولة 4 ملايير و 700 مليون درهم (470 مليار سنتيم)، تمثل مختلف الأحكام التي قضت بها المحاكم لفائدة متعاملين مع الإدارة. وأشارت الوكالة إلى أن الكلفة كانت ستتجاوز 7 ملايير و 800 مليون درهم، لولا تدخلها. وتمثل المنازعات الإدارية مصدر استنزاف لخزينة الدولة، علما أن عددا من الملفات كان بالإمكان أن يسوى عبر الطرق الودية، وتجنيب الدولة أداء مبالغ مكلفة. لكن المسؤولين الإداريين يرفضون هذه المسطرة، ويفضلون إحالة الملف على القضاء، مادامت الدولة هي التي ستؤدي في نهاية الأمر. فما هو الدور الذي تقوم به الوكالة القضائية للمملكة؟ وماهي طبيعة القضايا المرفوعة ضد الدولة؟ «الصباح» تسلط الضوء على هذه المؤسسة والدور الذي تقوم به وأهم القضايا المرفوعة ضد الإدارة. إنجاز: عبد الواحد كنفاوي الوكالة ... محامي الدولة يعود تاريخ إنشاء هذه المؤسسة إلى عهد الحماية، إذ تم إنشاؤها بمقتضى ظهير 07/01/1928، الذي تم تعديله في 18 دجنبر 1938، وظهير 16 مارس 1938. وتقرر، خلال 1953، إعادة تنظيم وظيفة الوكيل القضائي للمملكة بمقتضى ظهير 2 مارس 1953، الذي لا يزال العمل به إلى الآن. وتعتبر الوكالة القضائية للمملكة مديرية تابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، تتوفر على فريق عمل مكون من 124 إطارا متخصصا في العلوم القانونية، لديهم تكوين عال في المجال القانوني بشقيه العام والخاص، كما يملكون تجربة علمية ومهنية تتراوح، حسب معطيات وزارة الاقتصاد والمالية، بين بضع سنوات و 30 سنة. وأفادت مصادر الوزارة أن أطر الوكالة تمكنت من تطوير تجربة عملية تشمل مختلف منازعات الدولة في المجالات المدنية والإدارية والتجارية والجنائية والعقارية. 9090 قضية أصدرت المحاكم قراراتها في 9090 ملف منازعات بين مختلف الإدارات التابعة للدولة والمتعاملين معها، خلصت إلى إلزام خزينة الدولة بأداء ما لا يقل عن 4 ملايير و700 مليون درهم (470 مليار سنتيم)، وهمت هذه الملفات قضايا منازعات إدارية بسبب الشطط في استعمال السلطة، وامتناع المسؤولين الإداريين عن سلك مساطر ودية كان بالإمكان تجنيب الدولة أداء جزء كبير من هذه المبالغ. ويشير تقرير الوكالة إلى أن المبلغ كان يمكن أن يصل إلى 7 ملايير و800 مليون درهم، لولا تدخل الوكالة، التي وفرت للدولة ما لا يقل عن 3.4 ملايير درهم (340 مليار سنتيم). وتضاف هذه المبالغ إلى الكلفة العالية المخصصة لسير الإدارة، إذ تشير معطيات وزارة الاقتصاد والمالية إلى أن كلفة تسيير الإدارات العمومية، ستصل خلال السنة الجارية، إلى 226 مليار درهم، ما يعني أن كل مواطن يتحمل ما لا يقل عن 3546 درهما في السنة لسير مختلف المصالح الإدارية، وتتحمل كل أسرة أزيد من 30 ألف درهم في السنة (30832 درهما) للغرض ذاته. وتعرف هذه التكاليف ارتفاعا متواصلا، منذ سنوات، ما يجعل الإدارة المغربية تعيش في مستوى يفوق إمكانيات البلد، ويطرح الأمر سؤال الفعالية، في ما يتعلق بالنفقات العمومية المخصصة لهذا الغرض. ورغم هذه الكلفة العالية، فإن الإدارة لا تقدم، بالمقابل، النتائج المرجوة، إذ أن اللامبالاة وغياب المبادرة والابتكار وضعف المردودية تعتبر من أبرز المميزات التي تطبع الأداء في القطاع العام. إضافة إلى ذلك، فإن تنطع بعض المسؤولين الإداريين ورغبتهم في تصفية حسابات مع مستثمرين وفاعلين خواص، يجعلانهم يضعون العراقيل ويرفضون معالجة الملفات بالطرق الودية، ما يضطر المتعاملين مع الإدارة إلى اللجوء إلى القضاء لتحصيل مستحقاتهم، فتكون الكلفة باهظة. وهكذا، لا يمكن للمقاولة، مهما بذلت من جهد، أن تكون تنافسية على الصعيد العالمي، إذا كانت الإدارة في المحيط الذي تنشط فيه متخلفة ولا تقوم بواجبها في توفير مناخ أعمال متميز. ويمثل الأداء الضعيف للإدارة أحد الأسباب الرئيسية في المشاكل التي يعانيها القطاع الخاص وتحد من تنافسيته، إذ أثبتت كل الدراسات أن الإدارة أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على المواطنين. 12 ألف ملف سنويا تضم الوكالة القضائية للمملكة 172 موظفا، 50 في المائة منهم نساء، وتغطي تدخلاتها أزيد من 120 محكمة على الصعيد الوطني، وتعالج ما يناهز 12 ألف ملف جديد كل سنة، وتتمكن من الحصول على أحكام لفائدة الإدارة في 56 في المائة من القضايا، وتتوصل، سنويا، بأربعة آلاف حكم في السنة. المساطر الودية تهم 2 % من الملفات لا تمثل الملفات التي تتم معالجتها بطرق ودية 2 في المائة من إجمالي عدد المنازعات بين الإدارة والمتعاملين معها، و1 في المائة منه يحل بطرق بديلة (التحكيم والصلح)، في حين أن المنازعات الإدارية تمثل 50 في المائة، تليها الملفات القضائية، التي تمثل 47 في المائة من العدد الإجمالي. ويعتبر خبراء القانون العام أن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يجب أن يشمل تجاوزات المسؤولين الإداريين، التي تدفع المتضررين منها إلى اللجوء للقضاء، وتسفر عن إلزام الدولة بأداء مبالغ هامة بسبب الشطط الذي يمارسه هؤلاء المسؤولون، إذ يتعين إلزامهم بأداء الغرامات المفروضة، إذا ثبتت تجاوزاتهم. 70 % من القضايا تهم القطاعات الوزارية يشير تقرير الوكالة إلى أن القضايا المتعلقة بالقطاعات الوزارية تمثل 70 في المائة من إجمالي الملفات، تليها تلك المرتبطة بالجماعات الترابية بنسبة 16 في المائة، والمؤسسات العمومية بحصة 13 في المائة، في حين لا تتجاوز قضايا المندوبيات السامية 1 في المائة. وعرفت القضايا المعالجة من قبل الوكالة ارتفاعا متواصلا، خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفعت منذ 2014، بنسبة 63 في المائة. وأرجعت الوكالة ذلك إلى مقتضيات ظهير 2 مارس 1953 والفصل 514 من قانون المسطرة المدنية، الذي يلزم إدخال الوكالة القضائية للمملكة في كافة القضايا التي تستهدف ميزانية الدولة، ما خلص إلى زيادة الاستعانة بخدماتها، من قبل الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، إذ ارتفعت القضايا التي تدخلت فيها الوكالة لمؤازرة الجماعات الترابية بنسبة 5 في المائة، والمؤسسات العمومية بنسبة 2 في المائة، من إجمالي القضايا المتوصل بها. وتتعلق 83 في المائة من المنازعات الخاصة بالقطاعات الوزارية بالبنيات التحتية والخدمات الأساسية، تليها القضايا المرتبطة بالاستثمارات والتنمية الاقتصادية بحصة 14 في المائة، في حين تمثل القضايا الأخرى 3 في المائة. ويتبين، من خلال معطيات الوكالة، أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية تمثل 77 في المائة من مجموع الأحكام، بأثر مالي في حدود 96 في المائة من مجموع المبالغ التي قضت بها المحاكم. وتأتي الأحكام الصادرة عن المحاكم العادية في الرتبة الثانية بحصة 19 في المائة وبأثر مالي لا يتجاوز 3 في المائة، وتمثل الملفات موضوع طعن بالنقض النسبة ذاتها، أما الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية فلا تتجاوز نسبتها 1 في المائة. التحكيم الدولي... الفاتورة الثقيلة يلجأ بعض المستثمرين الأجانب في نزاعاتهم مع الإدارة المغربية إلى التحكيم الدولي، ما يدفع الوكالة القضائية إلى الاستعانة بمحامين دوليين في بعض القضايا الخاصة، للدفاع عن الإدارات المعنية بهذه المنازعات، ويفرض أداء مبالغ هامة لهم. وأشار التقرير إلى أن الدولة أدت، خلال 2019، ما مجموعه 600 مليون سنتيم، عبارة عن أتعاب دون احتساب الغرامات التي يمكن أن تقررها هيآت التحكيم الدولي. وأشار التقرير إلى أن هناك أربع قضايا، لا تزال هيآت التحكيم الدولي تنظر فيها، يطالب المعنيون بها بتعويضات تصل إلى 20 مليار درهم، وتتعلق بملفات استثمار، ما يكلف أموالا باهظة وتكاليف محاماة عالية، يمكن أن تتجاوز 600 مليون سنتيم. جهتا البيضاء والرباط في الصدارة تمثل القضايا المرفوعة داخل نفوذ جهتي البيضاء سطات والرباط سلا القنيطرة 61 في المائة من إجمالي عدد القضايا المتوصل بها. وتتفاوت النسبة حسب باقي الجهات، إذ تصل حصة جهة فاس مكناس 12 في المائة، مقابل 10 في المائة في جهة مراكش آسفي، و8 في المائة في سوس ماسة، و6 في المائة بالجهة الشرقية، وأقل من 2 في المائة بباقي الجهات. وأرجعت الوكالة ذلك إلى تمركز أهم الإدارات بهاتين الجهتين، ما يفسر أن جهة الرباط، لوحدها، تمثل 40 في المائة من القضايا التي تتوصل بها الوكالة، إضافة إلى تمركز المصالح الإدارية في المحور الرابط بين أكادير وطنجة مرورا بالرباط والبيضاء، وارتفاع نسبة الاستثمار العمومي في هذا المحور، بفعل المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها المغرب خلال السنوات الأخيرة.

البيروقراطية تكلف 470 مليارا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مغربي ينتفض على العنصرية بفرنسا

نفوق قطيع أغنام في حادثة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات