ضريف : الحكومة تعاني أزمة تدبير الأزمة

ضريف أكد أن الحكومة لا تتوفر على إستراتيجية لمعالجة الأزمة والنهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية قال محمد ضريف إن الحكومة الحالية فشلت في رفع التحديات العديدة التي طرحت أمامها، وإنها لا تتوفر على إستراتيجية ولا رؤية للنهوض بالأوضاع، معتبرا أنها انشغلت كثيرا بمعارك جانبية، وعانت فقدان الانسجام مما أثر على مردوديتها. في ما يلي نص الحوار : واكبتم تشكيل الحكومة الحالية، والإكراهات التي واجهتها منذ البداية، والصعوبات التي اعترضتها، كيف تقيمون أداءها وحصيلتها؟ إن أداء الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية مرتبط بسياق غير عاد، بالنظر إلى أن الحكومة المنبثقة عن اقتراع 25 نونبر2011، مطالبة بالعمل على تنزيل مقتضيات دستور فاتح يوليوز 2011، وهذا مدخل للقول إن أي تقييم للحكومة الحالية ينبغي أن ينطلق من اعتبارين أساسيين، الأول يتعلق بطبيعة الفريق الحكومي الذي تشكل في إطار ائتلاف يضم أربعة أحزاب. وباعتبار أن الحكومة هي حكومة ائتلافية، فإن ذلك يقتضي أن ينعكس إيجابا على أدائها، بمعنى أن تضمن حدا أدنى من الانسجام، لذلك لا يمكن أن نتحدث عن الأداء بمعزل عن هذا الاعتبار لأنه هو الذي يتحكم فيه، فحينما نكون أمام فريق حكومي يتوفر على حد أدنى من الانسجام، فإن حظوظه كبيرة في أن يحقق حصيلة إيجابية عموما، رغم الصعوبات والإكراهات التي يمكن أن تعترضه. أما الاعتبار الثاني، فيهم تمثل الفريق الحكومي لطبيعة المرحلة. نحن أمام دستور جديد صادق عليه المغاربة في فاتح يوليوز 2011 ، وقيل الكثير عن رهاناته في إنجاح تجربة الانتقال الديمقراطي في المغرب والقطع مع تمثلات سابقة لكيفية اشتغال المؤسسات، وأُشير إلى هذا الاعتبار ، لأنه حينما يمتلك الفريق الحكومي تمثلا ديمقراطيا للدستور الجديد ويرغب في تنزيله ليس فقط على مستوى النصوص التشريعية و القوانين التنظيمية، بل كذلك من خلال الممارسة، فإنه من المؤكد أن ذلك سيجعلنا نتعامل مع الأداء الحكومي بشكل مغاير. إذا أردنا، في نظري، أن نقيم الأداء الحكومي، دون التوقف عند الأرقام والنتائج، والتساؤل حول الأزمة الاقتصادية ومن المسؤول عنها، ولماذا تعثر الحوار الاجتماعي، ولماذا لجأت الحكومة إلى تبني إجراءات وتدابير اعتبرت غير شعبية، مثل الزيادة في الضرائب، والزيادة في أسعار المحروقات، أقول بأن ما يجعلنا نتعامل بشكل موضوعي مع الأداء الحكومي هما الاعتباران الأساسيان اللذان أشرت إليهما.إذا انطلقنا من الاعتبار الأول، يظهر بشكل جلي أن التحدي الكبير الذي كان يواجه الحكومة هو تدبير الانسجام الحكومي، وخلال سنة ونصف التي مرت من عمر الحكومة، غاب هذا الانسجام. كان رئيس الحكومة دائما يؤكد ضرورة الحرص على الانسجام الحكومي، لكن لمن كان يوجه هذا الخطاب؟، فهو المسؤول على ضمان هذا الانسجام. الحقيقة التي بدت للجميع، بما فيهم المسؤولون في العدالة والتنمية، هي أن رئيس الحكومة لم ينجح في تدبير الانسجام الحكومي، وهو ما أدى في المحصلة النهائية، إلى القرار الذي تبناه المجلس الوطني لحزب الاستقلال القاضي بالانسحاب من الحكومة، لذلك كنا نلاحظ أنه طيلة سنة ونصف اشتعلت الحرب داخل الأغلبية نفسها، وعوض سيادة الصراع السياسي المعتاد بين الأغلبية والمعارضة، شهدنا خلافات وتناقضات عميقة داخل الأغلبية.الاعتبار الثاني في التحليل الموضوعي لتقييم أداء الحكومة، يتجلى في مدى تمثل رئيس الحكومة بالخصوص لوظيفته الجديدة في إطار دستور جديد الذي لم يعد يتحدث عن منصب الوزير الأول بل عن رئيس الحكومة، فما لاحظناه خلال سنة ونصف هو أنه عوض أن نقطع مع حكومة وسلطة الأشخاص، لنكرس سلطة المؤسسات وهو ما طالب به الشارع المغربي، بمعنى أن نعطي معنى مؤسسيا لرئاسة الحكومة، إلا أن عبد الإله بنكيران كرس البعد الشخصي لهذه المؤسسة، إذ ظل يتحدث عن نفسه وأفرغ رئاسة الحكومة من كل محتوى، بل كانت هناك تصريحات غريبة أحيانا لرئيس الحكومة، عندما صرح مثلا أن قرار الزيادة في أسعار المحروقات لم يستشر فيه أحد وأنه اتخذه بمفرده، وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة، يعني أن هناك غياب لرئاسة الحكومة باعتبارها مؤسسة، ومن هنا ينبع السؤال حول ما إذا كان المغاربة صوتوا لصالح الأغلبية لتنبثق عنها سلطة تنفيذية مؤسسية أم صوتوا لصالح فرد ليتخذ ما يشاء من القرارات، دون استشارة أحد، علما أن مسألة الاستفراد بالقرارات هي ما ظل حزب الاستقلال ينتقده باستمرار، وربما كان حاسما في اتخاذ مجلسه الوطني قرار الانسحاب من الحكومة. إن تقييم أداء الحكومة، في مرحلة غير عادية، لا يقاس بالنتائج التي لها انعكاس مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى أوضاعهم الاجتماعية، بل بمدى القدرة على تنزيل مقتضيات الدستور، وفق ما كان يتطلع إليه المغاربة ووفق ما شدد عليه الملك مرارا من أن أي تأويل غير ديمقراطي لمقتضيات الدستور الجديد يُعتبر مسا بهذه الوثيقة، نلاحظ مع الأسف أن هناك إصرارا على تقديم تأويل متجاوز لمقتضيات الدستور. لكن ماذا عن حصيلة سنة ونصف من التدبير على مستوى اوضاع المواطنين؟ بعيدا عن الحصيلة التي لها انعكاس على أوضاع المواطنين والأوضاع العامة للبلاد، وهي لاشك لا ترضي الكثير من المغاربة، إذ لا أحد يمكن أن يقول إن الأوضاع تحسنت في المغرب، بل هناك انتقادات عديدة للحكومة على مستوى السياسة الاقتصادية والمالية وكل ما له علاقة باحترام حقوق الإنسان التي أكد عليها الدستور، بعيدا عن هذه النتائج، فإن مداخل الأداء الحكومي الإيجابي كانت غائبة، ويمكن أن أقول باختصار إن هناك أزمة. وفي جميع الأحوال لا يجب أن نحمل الحكومة الحالية وحدها كل الأزمة ولكنها تتحمل المسؤولية في أنها لا تملك قدرات على تدبير الأزمة، بمعنى أن ما ننتقده اليوم هو أزمة تدبير الأزمة. يُفترض في كل حكومة تواجه الظرفية نفسها أن تمتلك إستراتيجيات لمواجهة الأزمة؟ نلاحظ أن الحكومة الحالية لا تتوفر على إستراتيجية ولا رؤية، بل هناك كما قلت أزمة تدبير الأزمة، وهذا هو العنوان الكبير إذا أردنا تقييم أداء الحكومة خلال سنة ونصف. هذه الحكومة تواجه العديد من التحديات ولم تنجح في رفع أي تحد. طبعا لا يمكن هنا أن نغيب تفاعل وتداخل الكثير من العوامل المرتبطة بما يجري في محيطنا عالميا، المغرب يؤثر ويتأثر، فهو مرتبط بمنظومة إقليمية ودوليا، ولكن الحكومة لا يمكن أن تُعفي نفسها من المسؤولية أنها تواجه جهات خفية تسعى إلى عرقلة أدائها. في الصراع السياسي، من حق أي جهة أن تبحث على تعقيد الأمور في وجه الخصوم السياسيين، ولكن الحكومة عندما تكون قوية بشرعيتها النابعة من صناديق الاقتراع ، عليها أن تُعزز هذه الشرعية بقوة إنجازاتها، ويبدو أن حصيلة الحكومة سلبية، فطيلة سنة و نصف أُفرغت العديد من المقتضيات الدستورية من مضامينها، فالجلسات الشهرية عوض أن تناقش السياسة العمومية كانت تناقش مسائل أخرى، مع الأسف تشكيل الحكومة وما كان يشاع حول الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية جعل الجميع ينخرط في حملة انتخابية سابقة لأوانها منحت الأولوية لقضايا أخرى على حساب القضايا الجوهرية المرتبطة بمصلحة البلاد والمؤسسات. خطاب الحكومة عبث سياسي كثر الحديث عن التعديل الحكومي، هل من شأن هذا الإجراء، برأيكم أن ينقذ الحكومة من وضعيتها الحالية المطبوعة بالأزمة؟ المسألة لا تتعلق بتغيير هذا الوزير أو ذاك أو مجموعة من الوزراء، وتعويضهم بوزراء جدد، المسألة أعمق، تتمثل في عدم امتلاك تصورات، وإستراتيجية للخروج من الأزمة. الحكومة الحالية تولت مهامها وهي تدرك أن هناك أزمة ، وكان من المفروض أن تتحمل مسؤوليتها في مواجهتها، لكن لا يمكن لحزب شارك في الحملة الانتخابية وكان يدرك حقيقة هذه الأزمة، وطرح تصورات واقتراحات في برنامجه الانتخابي للنهوض بالأوضاع، أن يحاول اليوم أن يتنصل من المسؤولية، إذ كيف يٌعقل أن يأتي رئيس الحكومة ويقول إنه غير مسؤول عن الأزمة، وأن الأخيرة مسألة موروثة، وأن هناك جهات تسعى إلى عرقلة عملها، أعتقد أن هذا الخطاب يندرج في إطار العبث السياسي. أي حزب معارض عندما يشارك في الحملات الانتخابية ويتطلع إلى تصدر نتائج الانتخابات التشريعية، يدرك في الأصل أن هناك أزمة، وأن بإمكانه الإسهام في حلها، لذلك أعتقد أن العنوان العريض، إذا أردنا الحديث حول حصيلة الحكومة الحالية، فهناك أزمة في تدبير الأزمة. أجرى الحوار: ج . ب

ضريف : الحكومة تعاني أزمة تدبير الأزمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مهرجان فاس... موسيقى عريقة وتلاقح ثقافات

مواطنون يحاكمون حكومة بنكيران

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات