ثقافة التشفي … السباعي: سيكولوجية الجماهير

3 أسئلة إلى *خلود السباعي < ما تفسيرك لثقافة التشفي لدى المغاربة ومطالبتهم بتشديد العقوبة الحبسية على بعض الجناة؟ < هذه الظاهرة لا تقتصر على المغاربة فقط، إنما تدخل في إطار سيكولوجية الجماهير، التي يضعف فيها المنطق والعقل، ويغلب عليها الانفعال، خاصة عندما يتعلق الأمر بنسق قضائي «متهم» نسبيا، لأنه ربما يوجد فيه قضاة مرتشون، بمعنى أنه لا يطمئن له المواطنون. إذن لدينا سيكولوجية جماهيرية، سمتها الانفعال، تستهدف نسقا قضائيا لا يحظى بالثقة الكاملة، فطبعا هذا فيتضاعف الغضب، ليصل إلى العنف وتبريره، لأنه يغيب فيه المنطق. وأحيانا تكون هناك أحكام، خفيفة مقارنة بالألم الذي يشعر به المواطنون، خاصة حينما يتعلق الأمر بالأطفال أو جرائم الاغتصاب، إضافة إلى الشعور بالإهانة والظلم وغياب العدالة، فحينما تجتمع هذه المؤشرات، فإن غضب المواطنين لا ينصب على الحكم القضائي بعينه، إنما هو تراكم لعدد من الأحاسيس الأخرى. لهذا ينصبون أنفسهم قضاة، لأن الأمر في نهاية المطاف يتعلق بالمجتمع. ويحصل الأمر في البلدان المتقدمة أيضا، لكن الانفعال يكون بدرجة أقل، أما في المغرب فيجتمع الانفعال مع الأمية والجهل وعدم الثقة، فنجد أنفسنا في الأخير، أمام كرة من الثلج. < هل يمكن أن تؤثر هذه الدعوات على الأشخاص المحايدين والمؤمنين باستقلالية القضاء؟ < كما سبقت الإشارة، حينما تكون هناك موجة غضب، يمكن أن تجرف معها الأشخاص الذين يفكرون بالمنطق، ويصبحون أعضاء ضمن الجماعة، وهذا الإطار يمكن أن يضعنا أمام جرائم وفضائح، وتمثلات عنيفة. لكن بالمقابل، لو كانت الثقة لدى المواطن في القضاء، فإنه بإمكانه أن يعيد الجمهور إلى الحكم السليم والمنطق، وبما أن القضاء لا يشفي الغليل، فإنه يكون سببا في تفجير هذه المشاعر. ولنأخذ مثلا ما يقوله المواطنون، حينما يعلقون على الحكم على الفنانة دنيا بطمة، يقولون إن لها علاقات ومعارف ومشهورة، لذلك فإن الحكم عليها لن يكون عادلا، وهذا تمثل واضح لغياب الثقة في القضاء. < هل يمكن اعتبار هذا الغضب نزعة لإحقاق العدالة وألا يمكن أن يؤثر على الحكم القضائي سلبا؟ < فعلا، هو ضغط من أجل إحقاق العدالة دون شك، لكن دون تصور منطقي حكيم، ويمكن أن يؤثر على الرأي العام والصحافة وحتى على بعض القضاة، بينما الوصول إلى العدالة يفرض إعمال العقل. لكن هذا الضغط، يمكن أن يجعلنا ننجرف مع الجماهير بطريقة لا شعورية، وأحيانا أخرى ننجرف أيضا لإطفاء هذا الغضب. لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الظاهرة غير صحية بالنسبة إلى الرأي العام، وتجعل نظرتنا للواقع والحادث مشحونة بالعاطفة. والخطير أنه يمكن لهذا الأمر أن يؤثر على الأحكام، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إذ يتجه القاضي أحيانا إلى تشديد الحكم، لإرضاء الجمهور وإشفاء غليله، وهذا الواقع غير منتج، لأنه يجب الحفاظ على استقلالية القضاء، واستعادة الثقة فيه. وإذا حدث أن تحمست الجماهير، فإن التبريرات التي يقدمها القضاء، تخفف من حماسها، فتقتنع وترضى بالحكم. * أستاذة باحثة في علم النفس الاجتماعي أجرى الحوار: عصام الناصيري

ثقافة التشفي … السباعي: سيكولوجية الجماهير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اشتوكة أيت باها... أزيد من 79 مليون درهم لقطاع التطهير والماء الصالح للشرب

إصابة أطفال بفضاء للألعاب بطنجة

مقالات ذات صلة