يوزعها موظفوه بقسم الإعلام على الصحافيين المقربين ويحرمون منها الرافضين لدخول "بيت الولاء" حوصر صحافيون ومصورون مهنيون ينتمون إلى مؤسسات إعلامية كبرى، الاثنين، خارج الوكالة المستقلة للتثليج بالبيضاء (مكان تخزين اللقاحات)، ووقف، دونهم، حراس شداد غلاظ منعوهم من تجاوز الحواجز الحديدية الموضوعة لهذا الغرض، تنفيذا للتعليمات الصادرة عن "السيد" رشيد الخداري، الذي ليس سوى "رئيس مصلحة العلاقة مع الصحافة" بوزارة الصحة. وحاول الصحافيون، الذين ينتمي أغلبهم إلى جرائد ومواقع إعلامية مقراتها بالبيضاء، الاتصال بـ"السيد" رشيد الخداري بشتى الوسائل والطرق والوسائط، دون أن يظفروا من "سيادته" بأي رد على مئات الاتصالات، إذ كان الجواب يأتيهم من حراس الأمن "كال ليكم، لي سميتو ممسجلاش في لاليست ممنوع عليه الدخول !!". وركب الصحافيون أرقام هواتف مسؤولين آخرين في الوزارة، بمن فيهم وزير الصحة نفسه، كي يفهموا فقط، كيف يمكن السماح لجرائد بالدخول إلى مكان عمومي ومنع آخرين؟ ومن وضع لائحة المسموح لهم؟ ومن أشرف عليها؟ وما هي المعايير التي اعتمدها قسم التواصل والإعلام في إقصاء مؤسسات صحافية معتمدة وتشتغل بشكل قانوني في البلد، واختيار أخرى، وعلى أي أساس، ومن المسؤول عن هذا الفرز؟ وفي الوقت الذي كان الصحافيون، المحاصرون أمام مقر الوكالة، يبحثون عن أجوبة مقنعة لأسئلتهم ويركبون أرقام هواتف جديدة للاتصال بالمسؤولين عن التواصل بالوزارة، كانت صور "السيلفيات" تغادر فضاءات الوكالة نفسها، التقطها، بعفوية، زملاء صحافيون، أغلبهم ينتمي إلى جرائد وقنوات مواقع مقرها في العاصمة الرباط، لتنكشف أسرار "اللائحة السرية". وبعد ذلك، لم يحتج المصورون والصحافيون "المحاصرون" إلى عناء كبير كيف يفهموا أن "السيد" رشيد الخداري، الذي عمر طويلا في هذه المصلحة وأشرف عليه أربعة وزراء للصحة، استعمل، كعادته، أسلوبه "الخاص"، الذي يسمح له بإعداد لائحة من أصدقائه وصديقاته المقربين في الرباط، وربط الاتصال سرا بهم وإخبارهم بزيارة إلى الوكالة المستقلة للتثليج يقوم بها فريق وزاري يترأسه وزير الصحة، للاطلاع على تدابير تخزين الدفعة الأولى من اللقاحات التي وصلت من الهند، وترتيبات استقبال الدفعة الثانية المقرر وصولها إلى الصين غدا (الأربعاء). فعلى هذا النحو، تسير الأمور بوزارة الصحة، حيث لا يعرف الوزير نفسه، "باش منفوخة بالضبط"، إذ في الوقت الذي يدلي فيه بتصريحات إلى صحافيين، أو يجلس خلف مكتبه لإعطاء حوار لجريدة، أو موقع، أو قناة، فهو لا يعلم الترتيبات السرية التي تمت قبل ذلك، والمعايير "الخاصة" التي ابتكرها المسؤولون عن الإعلام والتواصل لتقريب هذا الصحافي، أو إبعاد الآخر، بناء على منطق "خالتك في العرس" فقط، بل نجد أن مواقع مغمورة جدا، حظيت بتصريحات وحوارات، بينما التحقت مؤسسات إعلامية بطابور الانتظار. ففي وقت سابق، كان ممكنا أن نتغاضى عن هذه الأساليب "منتهية الصغر" التي تعكس ثقافة "مريضة" متأصلة في أقسام التواصل في القطاعات الحكومية، لكن أن يمتد ذلك إلى "التخلويض" في الحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد19، فهذا اسمه العبث و"اضصارة" التي لا تلزم الوزير بفتح تحقيق داخلي في "كوارث" التواصل بوزارته، فحسب، بل يتطلب إصدار قرارات إبعاد فوري لكل من حاول العبث بحق المواطنين في الوصول إلى المعلومة في مرحلة شديدة الحساسية، تكون فيها "الفالطة بالكبوط". يوسف الساكت