رمزية الاحتفال بعيد العرش

شكل في عهد الاستعمار تحديا للمستعمر ومحمد السادس سن نهجه الخاص يحتفل المغاربة بالذكرى الـ21 لعيد العرش، وهي مناسبة لتقييم التحديات والتعريف بما أنجزته المملكة المغربية من إصلاحات سياسية وتنموية واقتصادية، ساعدت على تعزيز الديمقراطية والحفاظ على الاستقرار والأمن. وحرص الملوك العلويون على الاحتفال بعيد العرش، ليس بوصفه طقسا معتادا، لكن لأنه محطة أساسية في الحديث عن الانجازات، وكشف صورة المغرب والمبادئ التي يدافع عنها، خاصة القضايا الأساسية في البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ولا تتشابه احتفالات عيد العرش بين الملوك، رغم أنها تحافظ على كنهها، ففي عهد الملك الراحل محمد الخامس، جسد عيد العرش اختلافا شكلا ومضمونا، وتضمن طقوسا وتقاليد خاصة بحمولتها الرمزية والسياسية والإنسانية، إذ كان مناسبة لتجديد الارتباط بين القصر والحركة الوطنية لدحر الاستعمار الفرنسي، وتباهى المقاومون بيوم العيد نكاية في الاستعمار، ودليلا على روابط البيعة التي تجمعهم بالأسرة العلوية. ويدل السياق الذي جرت فيه مأسسة عيد العرش٬ في ظل ظروف تاريخية كانت البلاد تواجه فيها محاولات السلطات الاستعمارية إضعاف مكونات هويتها٬ على القدرة التي ظلت ثابتة لدى الأمة على إفشال مناورات الأعداء٬ مثلما تشهد على ذلك الانتفاضة الوطنية لإسقاط الظهير البربري في 1930 أو ثورة الملك والشعب، التي اندلعت إثر نفي جلالة المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية، ففي خضم الغليان الوطني الذي أعقب الظهير البربري، شقت فكرة الاحتفال بالذكرى السنوية لاعتلاء جلالة المغفور له محمد الخامس العرش طريقها لتخليد حدث رمزي كبير، يعكس الالتحام ووحدة الوطن ومرجعية القيم الوطنية، التي يجد فيها المغاربة أنفسهم. وفي عهد الملك الراحل الحسن الثاني، اقترن عيد العرش بالحفلات الفنية والأغاني الوطنية في شاشة التلفزيون، فالملك الراحل كان حريصا على أن يتماشى أسلوب حكمه بالاحتفال بيوم جلوسه على العرش، فحشد الولاء والبيعة له في طقوس خاصة من الاحتفالات والمواسم، ما يعكس شخصية الجالس على العرش، إذ كانت مظاهر الاحتفالات والفرح أهم ملمح من مناسبة صبغها الملك الراحل بهالة من القدسية. وحرص الملك محمد السادس أن يضع بعض التغييرات الرمزية الجوهرية على العيد نفسه من الوهلة الأولى على تأسيس أسلوبه في الحكم، حتى أن بلاغا لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، في السنة الماضية، كشف أن الاحتفالات بالذكرى العشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش ستجري وفق العادات والتقاليد المعتمدة، لكنه دعا "مختلف المؤسسات والهيآت والفعاليات الوطنية إلى تخليد هذه المناسبة السعيدة بطريقة عادية، دون أي مظاهر إضافية أو خاصة"، ما أعاد احتفالات مبالغا فيها إلى واجهة النقاش، خاصة أن بعض المؤسسات كانت ترصد للاحتفالات ميزانية مهمة لا تناسب الوضعية الاجتماعية والاقتصادية، التي تمر بها البلاد". وسن الملك محمد السادس طقسا جديدا في عيد العرش بخطاب قوي ينتظره المغاربة بشغف كبير، وغالبا ما يفصح فيه عن قرارات وإجراءات إستراتيجية مهمة، لكن عيد العرش لم يفقد رمزيته التي تجعل منه عيدا فوق العادة، يثير اهتمام الباحثين والمؤرخين ويستهوي هواة التقاط الرسائل والشفرات المبثوثة بين ثنايا لحظات خاصة. خالد العطاوي

امتحان الباكالوريا ... 75 ألف كمامة بأكادير إداوتنان

إضراب واستقالة بالبطولة

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات