سيـدي بنـور…إقليـم يعانـي التهميـش

3 سنوات على ولادته غير كافية لتدارك 40 سنة من التبعية لإقليم الجديدة في إحدى دورات المجلس الإقليمي للجديدة في الفترة بين 2004 و2009 استشاط الطاهر شاكر غضبا من التهميش الذي تعانيه سيدي بنور، ولم يتمالك غضبه ففجر قنبلة مدوية لما طالب بالانفصال عن إقليم الجديدة، الأمر الذي لم يستسغه عامل الإقليم آنذاك، محمد اليزيد زلو، فأعد بشأنه تقريرا رفعه إلى الدوائر العليا بوزارة الداخلية. قبل أن تثبت الأيام الحاجة إلى الانفصال عن إقليم الجديدة. لم تمر إلا سنوات قليلة حتى تم الإعلان رسميا عن ميلاد إقليم سيدي بنور وبالضبط في 22 يناير 2009 من رحم إقليم الجديدة على مساحة تقارب 3000 هكتار وبساكنة تفوق 500 ألف نسمة، هذه المرة ليس استجابة لرغبة الطاهر، ولكن تحت ضغط هواجس وصفت بالأمنية بدأت تقض مضجع الإدارة الترابية، سيما لما أصبح اسم سيدي بنور يتردد ضمن خارطة السلفية الجهادية والتطرف الديني عقب تفكيك خلايا إرهابية.يضم إقليم سيدي بنور 25 جماعة ضمنها بلديتا سيدي بنور والزمامرة ومن 23 جماعة قروية هي العطاطرة وبوحمام والجابرية وامطل وتامدة وكدية بني دغوغ وكريديد وأولاد عمران والحكاكشة ومطران وخميس القصيبة والعونات وبني هلال مسقط رأس بوشعيب ارميل المدير العام للأمن الوطني ومسقط رأس بوشعيب عمار رئيس جهة دكالة عبدة، والعامرية وأولاد بوساكن وبني تسيريس والمشرك وأولاد سي بوحيا وسانية بركيك والغنادرة وأولاد اسبيطة والغربية والوالدية التي تشكل منفذ الإقليم الوحيد على البحر على سبعة كيلومترات.اكتشفت هذه الجماعات لحظة انضمامها إلى إقليم سيدي بنور، أنها كانت تشكل على مدى 40 سنة مصدر غنى وثروة لإقليم الجديدة وقاعدة ولاءات انتخابية لا يتم ربط الاتصال بها إلا عند كل استحقاقات انتخابية، منذ أن أعلن إقليم الجديدة منفصلا عن الدارالبيضاء سنة 1969 . وظلت هذه الجماعات المهمشة تنوء تحت ثقل فقر مدقع في البنيات التحتية الأساسية التي تعد أساسية في بلورة هوية إقليم يحتاج اليوم إلى إرادة سياسية وعملية دفع قوية من الحكومة لجعله يتدارك تأخر 40 سنة وينمو بسرعة مزدوجة، خاصة أنه يقع بين العملاقين الجديدة ومراكش ومحورا طرقيا هاما بين أقاليم الجديدة والحوز وسطات والسراغنة. حضور قوى في الاقتصاد الوطني يدرك كل من يدخل سيدي بنور اليوم أنه في إقليم له حضوره القوي في اقتصاد المملكة كأول منتج للحبوب والسكر واللحوم الحمراء والحليب، لكن يستدعي، حسب مسؤولين، تحويل مظاهر القوة هذه، إلى مصادر لإنتاج فرص الشغل، وذلك يتطلب، يضيف المسؤولون أنفسهم، انصراف النية إلى تنمية مستدامة مركزة على إحداث صناعات غذائية تحويلية وذلك بخلق حي صناعي فلاحي كفيل بجعل المقاربة الاقتصادية الحل الأنجع لمعضلات أمنية متجذرة في إقليم اشتهر منذ زمن طويل بأنه معبرا أساسيا لتجارة المخدرات والمواد المهربة والتطرف الديني والإجرامي في أحزمة فقر نمت خلال سنوات في غفلة من سلطات إقليم الجديدة، إلى درجة أن سكانا من الحكاكشة رموا في يوم من الأيام بالأحجار موكب العامل أحمد عرفة، للفت انتباهه إلى المعاناة والتهميش الذي يعيشونه.بلغة الأرقام، فالإقليم سجل تراجعا كبيرا في نسبة الإجرام، خاصة بدوار القرية الذي يضم أزيد من 2000 براكة كانت تابعة إلى الجماعة القروية بوحمام.ومن منطلق إكساب الإقليم شخصية مستقلة تساعد العاملين فيه على الاستقرار، بدل التنقل اليومي إلى الجديدة أو مراكش تقام بالإقليم أوراش متعددة، خاصة بمدينة سيدي بنور العاصمة، ومنها بناء مرافق إدارية وإحداث منتزهات حضرية وتهيئة شارع الجيش الملكي وحديقة الزرقطوني وصيانة الشبكة الطرقية بالإقليم وإحداث بنية تحتية شبابية ورياضية وفي مقدمتها المسبح الأولمبي، وإكمال مسلسل كهربة العالم القروي وبناء فضاء للمقاومة وإصلاح أضرحة الأولياء في إطار العناية بالزوايا التي يشتهر بها الإقليم ومنها ضريحي الولي سيدي أبي النور المشترائي دفين سيدي بنور وسيدي عبد العزيز بن يفو دفين الغربية الذي ينعقد فيه موسم سنوي يعد الثاني في دكالة بعد موسم الولي الصالح مولاي عبد الله أمغار. رهان سياحي للإقليم استطاع عامل الإقليم مصطفى اضريس جلب أكبر مركب ديني إلى سيدي بنور بكلفة 34 مليون درهم بشراكة مع وزارة الأوقاف يضم مسجدا كبيرا وقاعة اجتماعات ومقرا للمجلس العلمي المحلي ونظارة للأوقاف.وكان لهذه المشاريع صدى بالواليدية التي تم تأهيلها بمبادرة ملكية كرهان سياحي لإقليم سيدي بنور في إطار معاهدة «رامسار» وتشجيع المنتجات البيولوجية وتشجيع تربية الأحياء المائية وفي مقدمتها محار الواليدية الذي اكتسب شهرة عالمية. وبموازاة ذلك، تشهد بلدية الزمامرة عدة مشاريع مهيكلة تصل في مجملها إلى 8 مشاريع تهم تهيئة الساحة الكبرى الانبعاث والممر الرئيسي للبلدية والتطهير السائل بأحيائها والماء الشروب والملعب البلدي لكرة القدم الذي يستقبل فيه نادي نهضة الزمامرة القسم الأول هواة التي يوقع على مسار جيد، وإنشاء مركب رياضي للقرب وبناء قاعة رياضة مغطاة وتهيئة حي صناعي وصيانة وتجهيز القناة الرئيسة العابرة لمدينة الزمامرة بمعدات وقائية.إلا أن هذه المجهودات بحاجة إلى مؤازرة فعلية وسريعة، يقول مسؤولون، وذلك عبر ميزانيات دعم استثنائية تمكن من خلق النقلة الاقتصادية المنشودة في إقليم منتج للثروات، وبحاجة كذلك أن يثق الرأسمال البنوري في مستقبل إقليمه الواعد، يضيف المسؤولون أنفسهم، ويهب ليساهم بمشاريع اقتصادية خالقة للتشغيل وأيضا مشاركة في تغيير المشهد العام بالإقليم، إذ يظل «من غير المقبول ألا تتوفر عاصمة سيدي بنور على مساحات تجارية كبرى يتبضع فيها السكان وتعفيهم التنقل نحو الجديدة أو نحو مراكش» يسجل المتحدثون أنفسهم، مضيفين أن «الكثير من الأموال تستخرج من أرض سيدي بنور لتستثمر في أقاليم مجاورة وفي مقدمتها الجديدة». تبعية لإقليم الجديدة إن كان إقليم سيدي بنور يزخر بثروة، إلا أنه بعد مرور 3 سنوات على ميلاده، لم يتخلص بعد من تبعيته إلى الجديدة، وذلك يتطلب، يقول فاعل من المنطقة، «إلغاء العمل بسياسة التقسيمات والملحقات الإدارية، وإحداث مندوبيات وزارية قائمة الذات في إطار إدارة القرب، إذ «من غير المعقول أن يستمر إقليم سيدي بنور مسيرا عن بعد من طرف منادب بالجديدة، لأن من شأن ذلك خلق عراقيل للسكان». و يستحضر المتحدث نفسه مثالا لذلك بالقول «لابد مثلا لمؤسسة العمران اعتماد سياسية القرب لمواكبة خطوات إعادة إيواء سكان دواري الفاطمي والعبدي وما يطرحه دوار القرية من مشاكل مرتبطة بإعادة الهيكلة».حتى وإن كانت بعض أوراش البناء لعدة مرافق نظير محكمة الأسرة وعمالة الإقليم انطلقت، إلا أنها توقفت نتيجة تسييرها من مصالح مركزية بالرباط، و»هذا يعاكس في الواقع شعارات اللامركزية» يسجل المصدر نفسه.وليس ملف السكن وحده ما يقض مضجع سكان الإقليم، بل أيضا ملف الصحة العمومية، إذ يحول الخصاص الكبير في الموارد البشرية بالمستشفى الإقليمي بسيدي بنور والتجهيزات الطبية دون أداء مهمته الأساسية، ليعود المرضى إلى عادة التنقل إلى المدن الأخرى طلبا للعلاج. ويتطلب تحقيق اللامركزية كذلك من وزارة الفلاحة وضع إقليم سيدي بنور على رأس قائمة أولويات مخطط المغرب الأخضر، سيما أنه في وقت سابق وبدعم من دولة اليابان وبنوك عالمية، تم ضخ أكبر استثمار وصل 800 مليار سنتيم بالمنطقة السقوية العليا بسيدي بنور لمضاعفة المنطقة المسقية لتصل 120 ألف هكتار تهم كذلك إقليمي الجديدة وآسفي. لا يغادر زائر سيدي بنور إلا بعد أن تكون ملفات المطالب القديمة الجديدة قد أثقلت كاهله، خاصة أن السكان مازالوا يشعرون بتبعيتهم إلى إقليم الجديدة، رغم أنهم مكون أساسي في معادلة رهانات بلادنا المتعلقة بالأمن الغذائي. عبد الله غيتومي وأحمد جرفي (موفدا الصباح إلى سيدي بنور)

سيـدي بنـور…إقليـم يعانـي التهميـش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"تخسار الهضرة" في الشارع أعنف مما في أفلامي

الاتحاد الدولي للتنس يحول مركزيه إلى المغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات