مالكو الضيعات يحصون خسائر “التبروري”

وفاة 3 أشخاص وتضرر مزروعات وأشجار مثمرة في 9100 هكتار بجهة فاس لم تشهد جهة فاس مكناس عاصفة رعدية قوية ومصحوبة بالبرد، أخطر من تلك لنهاية الأسبوع الماضي، التي دمرت أشجار الورديات ومنتوجها ومحاصيل الحبوب والقطاني، وتسببت في عرقلة السير بطرق ووفيات وإصابات وخسائر مادية ونفسية، يحصي المتضررون قيمتها في نفوسهم المجروحة، قبل جيوبهم المثقوبة، في انتظار النظر إليهم ب"عيون الرحمة". حجم الضرر كبير في 27 جماعة قروية والمحاصيل أتلفها "تبروري" بنسب فاقت 80 بالمائة، وعيون الفلاحين متطلعة للعاصمة الرباط طمعا في دعم يساوي بينهم ويخفف من هول ما نزل، مطلبا يتقاسمونه مع فعاليات وحقوقيين وسياسيين تعاطفوا معهم بزيارات ميدانية أو إثارة معاناتهم بقبة البرلمان، في انتظار أن ترأف وزارة الفلاحة والحكومة لأحوالهم. إعداد: حميد الأبيض(فاس) – تصوير: أحمد العلوي المراني مشاهد مؤلمة تبكي من يعاينها بضيعات منكوبة باكية نكبتها وعلى خسائرها الفادحة المقدرة بملايين الدراهم، وتخوف وتوجس في أوساط متضررين محتاجين لتفعيل صندوق تدبير الكوارث وإطلاق مبادرات رسمية للدعم وتجهيز ضيعاتهم بالشباك الواقي وتعميم مولدات مكافحة البرد، أملا في تلافي كوارث طبيعية قد تتكرر فتتضاعف معها معاناتهم. مشاهد مؤلمة فواكه متناثرة تؤثث أرضا حزينة لدمار لا تخلفه حتى الحروب. تفاح لم تقضمه أنياب فئران، خوخ جريح وجرح منتجه أعمق وقد جلس القرفصاء ماسكا كمية منه، يتفقد ما حل بمحصول فلاحي دمرته العاصفة المطرية القوية المصحوبة بالبرد ذات سبت، لن تنمحي ندوبه من نفوسهم وأفئدتهم المتألمة لضياع منتوج فيه الزاد والعيش من دونه، مر يتجرعه على مضض. من يزور ضيعات الورديات بإيموزار كندر خاصة بمدخلها من جهة طريق فاس وفي اتجاه عين الشفا وإلى ضاية عوا، يصدم لهول المشهد المبكي لمعاينه قبل فاقده الباكي دما عوض الدموع، في انتظار من يرأف لحاله وحال عمال موسميين انقطعت أرزاقهم بتلف منتوج ينعش جيوبهم المثقوبة قبل المالكين. صور الفواكه المتلفة رسمت لوحات لم يرسمها فنان، لكنها تبكي أكثر مما ينشرح الفؤاد لما يؤثث أرضا باكية من صور دمار عم عروش الشجر والطير والحيوان، وحتى وسائل الري والأغطية البلاستيكية والشباك الواقي لثمار ضاعت ولمالكيها الدموع سلاحا لتخفيف غضب النفوس والأفئدة المكلومة، قبل الطبيعة المتمردة بغير سابق إشعار منذر بالخطر. حبات البرد الأضخم جنت على الفلاحين قبل المحاصيل، والجرح عميق لن يندمل ويتعافى إلا بعد سنين، طالما أن الخسائر "كارثية" تقدر بملايين الدراهم وتفرض إعلان أقاليم الجهة "منكوبة" ودعم فلاحيها المتضررين، كما عمال موسميين بضيعات الأشجار المثمرة، ومستهلكين سيؤدون ثمن ما وقع، من جيوبهم أمام احتمال ارتفاع أسعار تلك الفواكه المدمرة. خسائر فادحة تسببت هذه العواصف الرعدية غير المسبوقة بجهة فاس مكناس، في خسائر متنوعة بما في ذلك عرقلة السير بطرق في اتجاه سكورة وبين صفرو وبولمان ومحاور أخرى، وحتى في وفيات لطفل عمره 13 سنة بحي الرياض بفاس وآخر وقريبه بمنطقة أولاد عياد بتيسة، جرفتهما مياه السيول قرب دوار الغرابة بعدما باغتتهما الأمطار المصحوبة بالبرد (التبروري). طيور ومواش نفقت أو جرفتها السيول في أماكن متفرقة خاصة بتاونات وصفرو وإفران ومولاي يعقوب، وأخرى جرحت وسيارات تضررت لقوة اصطدام البرد بزجاجها، دون أن تسلم المحاصيل الزراعية بما في ذلك منتوج البصل والبطاطس بكيكو ببولمان المشهورة بإنتاجهما، والمتضرر خاصة بمنطقتي البرارك وتمجاجت بعدما جرفت السيول حقولهما. "رائحة البصل نفذت إلى المنازل بسائر تراب كيكو"، هكذا اختصر شاب منها الوضع، ما كبد مزارعيها خسائر مادية كبيرة كما هو حال منتجي مختلف أنواع الورديات والفواكه بمنطقة الأطلس المتوسط وبنسبة أكبر بصفرو وإفران، إذ وصلت نسبة الضرر لأكثر من 80 بالمائة من المنتوج ببعض المناطق، خاصة بالحزام الممتد من آيت السبع إلى ضايتي عوا وحشلاف. العاصفة الرعدية المصحوبة ب"التبروري" التي ضربت مدن الجهة السبت الماضي، أتلفت حتى المحاصيل الزراعية من الحبوب والقطاني، وكمية كبيرة من الأغراس والأشجار المثمرة في مختلف الضيعات، سيما أشجار حب الملوك والتفاح والخوخ والإجاص والبرقوق، ما كبد الفلاحين ملايين الدراهم، خسائر كبيرة قدرت وزارة الفلاحة مساحتها الإجمالية ب9100 هكتار. الوزارة سجلت أضرارا متفاوتة حسب نوعية الزراعة والمنطقة، متراوحة بين 20 بالمائة و80 ، مؤكدة أنها همت الأشجار المثمرة، خاصة الورديات والزيتون وزراعة الخضروات والحبوب، متحدثة عن مساحة شاسعة متضررة في 27 جماعة قروية بجهة فاس مكناس، خاصة في أقاليم صفرو والحاجب وإفران وفاس ومولاي يعقوب وبولمان وتازة ومكناس وبولمان. تعاطف سياسي حركت فداحة الخسائر، أحزابا تعاطفت مع فلاحين مكلومين لتلف منتوجهم. بعضها زارتهم ميدانيا وتحسست نبض قلوبهم الجريحة. وأخرى جهرت بتضامنها بمختلف الوسائل الممكنة، عبر بيانات أو أسئلة برلمانية آنية، آملة تدخلا حكوميا عاجلا لدعمهم وتعويضهم واتخاذ تدابير استعجالية لذلك وإجراءات للتخفيف من معاناتهم وتجاوز وضعيتهم الصعبة. ذاك مطمح الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في سؤال كتابي وجهه إلى رئيس مجلس النواب، وكشف فيه قلقه الشديد لوضعية الفلاحين المزرية، خاصة بأقاليم مكناس والحاجب وإفران وفاس وصفرو، ممن أتلفت العاصفة الرعدية المحملة بالبرد الكثيف والقوي، أكثر من 10 آلاف هكتار من أشجارهم المثمرة ومحصول الغلل بمختلف أنواعها. الوضع أثار أيضا تضامن الأصالة والمعاصرة بالجهة، مبديا استعداده لتقديم أشكال الدعم والمؤازرة لتمكين الفلاحين المتضررة فلاحتهم والمتلفة محاصيلهم وضيعاتهم، من كل وسائل تجاوز المحنة، عبر «الترافع لدى المؤسسات المنتخبة والبرلمان»، داعيا الحكومة لتخصيص ميزانية استثنائية للمتوسطين والصغار منهم، وتفعيل صندوق تدبير الكوارث. ودعا مجلس الجهة إلى تخصيص ميزانية خاصة لمواجهة هذه الكارثة، التي حركت أيضا برلمانيي العدالة والتنمية وأعضائه في مجلس الجهة، الذين قاموا بزيارة تفقدية للمناطق المتضررة، خاصة بناحية إقليم صفرو للوقوف على حجم الأضرار المادية، متمنين تدخلا عاجلا للحكومة للتخفيف من آثارها وتأثيرها على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وهمت الزيارة ضيعات بمناطق بجماعة آيت السبع والكعيدة وسهب عشار بإيموزار كندر، الأكثر تضررا بالأطلس المتوسط، إذ كشف الفلاحون استغرابهم لعدم زيارتهم من طرف أي مسؤول إداري عن القطاع أو الفدرالية البيمهنية، على الأقل للوقوف على حجم ضياع وتلف المحصول كليا أو جزئيا، خاصة من الورديات ومختلف أنواع الفواكه. تخوف الفلاحين «سنرى هل سيتم تفعيل صندوق تدبير الكوارث لتعويض الفلاحين عن خسائر لحقتهم جراء العاصفة الرعدية» يقول فلاح من إيموزار كندر بنبرة لا تخلو من حيرة، متمنيا ألا تمر «الزوبعة» دون نتائج مطمئنة وملموسة، مؤكدا أن الخسائر لن تنحصر في ما أتلفه البرد من محصول وبشكل كلي بمناطق مختلفة، بل يمتد أفقيا وعموديا إلى جوانب أخرى متنوعة ومتعددة. وأوضح أن شريحة واسعة من عمال تلك الضيعات الفلاحية أصبحوا في عطالة مفتوحة منذ نهاية الأسبوع الماضي، طالما أنه لم يعد بها ما يستدعي عملهم، اللهم من تنقية الأرض من بقايا المنتوج المتساقط، متحدثا عن نتائج وخيمة وعكسية خلفتها العاصفة على الأشجار، التي تقرحت «ولن تنتج بالشكل الطبيعي المعتاد على الأقل خلال السنتين المقبلتين». الحديث عن أزمة وشيكة ومتواصلة، شاركه فيه زميل له كشف عن معاناة حقيقية وليست مرحلية، بل ممتدة زمنيا، خاصة أن أغلب الفلاحين مدينون للبنوك والممونين بمختلف الأدوية وتجهيزات مستعملة في صيانة الضيعات وإعادة الروح إليها، وما يفرضه الوضع من مصاريف استثنائية وأخرى ذات صلة باليد العاملة والأسمدة والأدوية والطاقة المستعملة في الري. معالجة خسائر تلك العواصف القوية، أيضا من مسؤولية وزارة الفلاحة والحكومة المفروض «تخصيصهما ميزانية استثنائية لذلك»، و»إعادة النظر في إستراتيجيتها لتدبير الكوارث الطبيعية، سواء بإطلاق تدابير احترازية واستباقية، أو بالمعالجة الفعالة لتداعياتها وانعكاساتها، وتعميم النشرات الإنذارية بكل أشكال التواصل الممكنة»، يقول حزب الأصالة والمعاصرة بالجهة. وقبل ذلك على مجلس جهة فاس، حسب الحزب ذاته، مواجهة هذه الكوارث بميزانيات خاصة وإحداث استثمارات وتجهيزات لحماية الضيعات، التي تتعرض سنويا للتلف ومنذ عشرات السنين، وتعويض الفلاحين عن منتجاتهم بشكل استعجالي، مطلب تشاركه فيه فعاليات وجمعيات مهنية تشارك الفلاحين يأسهم وخوفا جاثما على نفوسها لن تطمئن إلا بمبادرات فعلية. مطالب ملحة قالت وزارة الفلاحة، إن الزراعات المتضررة تدخل ضمن برنامج التأمين المتعدد للمخاطر المناخية للمحاصيل الزراعية، الذي وضعته لدعم الفلاحين وتسهر عليه التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين (مامدا)، حقيقة سربت الشك والريبة إلى نفوس الفلاحين المتضررين، خوفا من عدم استفادتهم، خاصة الصغار منهم، ممن لم يكتتبوا سابقا لدى التعاضدية. الوزارة والغرفة الجهوية للفلاحة والفدراليتان البيمهنيتان للزيتون والأشجار المثمرة، كونت لجانا إقليمية للقيام بمهمة التدقيق والتتبع الميداني لآثار هذه الكارثة الطبيعية، بتنسيق مع أصحاب الضيعات لتحديد حجم الأضرار المادية. لكن البسطاء منهم متخوفون من اقتصار العملية على المحظوظين وكبار الفلاحين، متمنين تعاملا يساوي بين الجميع. ويتمنون تجهيز ضيعاتهم بالشباك الواقي وتعميم مولدات مكافحة البرد، ودعمهم لتوفيرها، خاصة من طرف صندوق التنمية الفلاحية الذي خصص 310 ملايوين درهم لتجهيز 6260 هكتارا بالشباك، موازاة مع إحداث 68 مولدا لمكافحة البرد بجهة فاس، تسيرها الفدرالية الوطنية لمستعملي مولدات مكافحة البرد، في ضيعات مختلفة بالجهة، كانت الأقل ضررا. هذا المطلب تبنته فعاليات مدنية بالجهة، خاصة الشبكة الوطنية لحقوق الإنسان بالجهة، الداعية للتفكير في تعميم الآلات الأوتوماتيكية المضادة للبرد وتقديم إعانات تغطية الضيعات بالشبكة بجودة عالية، تلافيا لتمزقها جراء العواصف الرعدية، مع مراجعة أسعار المبيدات، طالبة بدورها اتخاذ إجراءات عملية، كفيلة بالتخفيف عن الفلاح من مختلف الأضرار. الائتلاف المدني لأجل الجبل غضب بدوره لما أسماه «التنصل في مكافحة البرد وقلة الآليات المرصودة لذلك وغياب التوزيع العلمي لها»، مطالبا بتعويض كل الفلاحين، كبيرهم وصغيرهم، دون تمييز أو استحضار الفوارق الاجتماعية، خاصة في هذه الظرفية للتخفيف من العبء الثقيل الجاثم على نفسية وصحة الفلاحين وأسرهم، سيما ممن لا تأمين لهم عن الأضرار.

مالكو الضيعات يحصون خسائر “التبروري”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ماجدولين في ندوة بالكويت

نصف راتب للاعبي "الواف"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات