الأوبئة والمجاعات في المغرب 6 … طاعون الجنوب

1750 اعتبرت سنة عجفاء تأجج لهيب الطاعون وارتفع عدد الوفيات وتبع ذلك اشتعال الأسعار وعجز الضعفاء عن شراء القمح يحفل تاريخ المغرب بكثرة الأوبئة التي فتكت بآلاف المغاربة، وأثرت، خلال تلك الحقبة، بشكل كبير على البنية الديمغرافية للسكان، وشكلت رواسب نفسية في الذهنية الجماعية، مازالت حاضرة داخل المجتمع. في مقال صدر في 1974، من الباحثين برنار روزنبرجي وحميد التريكي، معنون بـ"المجاعات والأوبئة في مغرب القرنين 16 و17"، تتم الإشارة إلى أن وباء الطاعون الأكثر شيوعا في المغرب، حيث يتردد كثيرا على ألسنة المغاربة عبر مختلف الحقب، إضافة إلى حمى التيفوئيد والجدري والسل والحصبة، فكيف واجه المغاربة هذه الجوائح؟ خالد العطاوي واصل الطاعون زحفه، ضاربا الجهات التي أخطأها، وهكذا ضرب سبتة، مخلفا بها 10 إلى 12 ضحية في اليوم. وإلى غاية غشت، كان مايزال ينشر ويلاته في طنجة وتطوان، فارتفعت بهما الوفيات إلى 70 و80 ضحية في اليوم. أما بخصوص الحالة في 1744، فإن المعلومات المقتضبة والمتضاربة عنها، تخبرنا بها وثيقة بتاريخ 18 مارس بأن المرض انقطع أثره منذ ثلاثة أشهر، إلا أن مراسلة أخرى بتاريخ 13 يوليوز تخبر بأنه ضرب آسفي منذ شهر، وأنه يموت بهذه المدينة 20 ضحية في اليوم، وتضيف المراسلة نفسها أن الوباء انقطع في مراكش، وبعد ذلك تلوذ مصادر بصمت تام، إلى منتصف 1747، وهو التاريخ الذي عاود فيه الطاعون هجومه على البلاد. ويمكن اعتبار طاعون (1747 و1751) امتدادا أو ذيلا لسابقه الذي ترك جيوبا منعزلة بعد انحساره في 1744. ومن المفروض أن هذه الجيوب ظلت خامدة ثلاث سنوات لتشتعل من جديد في منتصف 1747، ما يدل على أن نقطة الانطلاق جاءت هذه المرة من الجنوب، عكس الطواعين السابقة، التي عادة ما كانت تبدأ من الشمال. وثمة إشارة في كتب تاريخية تدل على وفاة شخصية بالطاعون في سوس 1747، في حين لا نجد أي إشارة مماثلة في هذا التاريخ لدى مؤرخين آخرين، علما أن هناك إشارات أخرى في المراسلات الأجنبية يفهم منها أن الوباء ظل متوطنا في السنة المذكورة في أكادير وآسفي، قبل أن يمتد في السنة التالية إلى مركزين جديدين، هما مراكش وتافيلالت. تلك هي الجيوب التي انحصر فيها الوباء خلال السنتين عن عودة ظهوره، والظاهر أنه تميز خلال هذه المدة باللطف، مما يفسر شح المعلومات عنه، إلا أنه أخذ تدريجيا في الامتداد إلى أن عم جميع البلاد، وبقي بين مد وجزر إلى 1751. وفي ربيع 1749 امتد إلى سلا والرباط، وأطال مقامه بهما إلى بداية غشت، محدثا بهما أضرارا جسيمة، خاصة في سلا، ففيها ارتفعت الوفيات يوميا إلى 60 ضحية خلال بضعة أيام من مارس، غير أنه لم يبلغ ذروته، إلا في السنة التالية 1750، حيث تضافرت مجموعة من العوامل لتأجيج لهيبه. واعتبرت هذه السنة سنة عجفاء، ففي فاس أقيمت صلوات الاستسقاء 16 مرة، ورغم ذلك فإن السماء لم تجد بأمطارها إلا في أبريل، حيث نزلت أمطار طوفانية، فأغرقت الأرض وأودت بالبهائم، وتبع ذلك اشتعال الأسعار، وعجز الضعفاء عن شراء القمح.

الأوبئة والمجاعات في المغرب 6 … طاعون الجنوب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصحافة ... السكتة القلبية

مونديال "فوتصال" في شتنبر 2021

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات