الفوارق الاجتماعية ألغيت

شكري وصف الفيروس بالشيوعي وربط المشاكل الأسرية في فترة الحجر بعوامل سيكولوجية أكد الدكتور عبد الجبار شكري، المتخصص في علم النفس والاجتماع، أن العادات التي يكتسبها الأشخاص خارج المنزل قد تتسبب في ظهور مشاكل بين الزوجين خلال فترة الحجر الصحي، داعيا الزوجين إلى عدم التركيز على عيوب بعضهما البعض وخلق أنشطة أسرية بناءة للأطفال من أجل كسر الملل. مزيدا من التفاصيل في الحوار التالي : ما هي الأسباب الكامنة وراء المشاكل الأسرية خلال فترة الحجر الصحي؟ يعد الحجر الصحي ضرورة مؤقتة تستلزم المكوث في المنزل للحد من انتشار فيروس كورونا، ما يجعله مصاحبا أيضا بحجر اجتماعي، أي انفصال وانعزال الأشخاص عن العالم الخارجي وحركية المجتمع، ثم نفسي، بمعنى أن الوظائف السيكولوجية التي كانت تشتغل لدى الفرد بحكم المثيرات الخارجية (القلق، الضحك، الغضب وباقي ردود الأفعال نتيجة المثيرات التي يثيرها الآخر) تتعرقل وتتعطل، وتجعله منشغلا بالتفكير في الذكريات الماضية لا غير، كما أنه قد يعيش في استيهامات وأوهام خلال هذه الفترة، ما يخلق نوعا من الحساسية بين أفراد الأسرة. وبالنسبة إلى الزوجين، فالمرأة لم تعتد مكوث الرجل مدة طويلة في البيت، ولا العادات التي اكتسبها خارجه، ما قد يدفعه للقيام بتصرفات معينة تثير حساسيتها وتدفعها للتذمر والنقار، الأمر الذي لا يتحمله الزوج ويتحول الأمر بذلك إلى اتهامات متبادلة، ثم إلى توتر العلاقة وتأزم فضاء الأسرة. من جهة أخرى، فإن المكوث في البيت مدة طويلة يجعل كل طرف مجتهدا في التركيز على عيوب الطرف الآخر، بما فيها تلك التي يكون قد اكتسبها من العالم الخارجي، ناهيك عن الشغب الذي يقوم به الأطفال بفعل حركيتهم الزائدة، والذي قد يزعجهما ويسبب لهما نوعا من الضغط والقلق، كما قد يمنعهما من مشاهدة التلفاز في راحة أو أخذ القيلولة أو ممارسة أنشطتهما اليومية في المنزل. كيف يمكن تدبير هذه الظروف الحساسة وتفادي المشاكل المترتبة عنها؟ يجب أن يعي الزوجان أنهما في مرحلة جديدة ومؤقتة، مع تفادي توجيه الملاحظات بأسلوب الأمر واعتماد طريقة ديبلوماسية وفنية في إيصال الفكرة للآخر، بالإضافة إلى عدم التركيز على العيوب والنقد. أما بالنسبة إلى الأطفال، فلابد من محاولة تعويدهم على التأقلم بشكل لائق مع فترة المكوث في البيت، ومراقبتهم، وإلزامهم باتباع البرنامج الدراسي عن بعد، مع خلق أنشطة أسرية كالقراءة والمطالعة أو مشاهدة أفلام، بغرض الاستغراق السيكولوجي فيها والابتعاد عن التوتر والقلق والخوف والملل. ما الدوافع التي تجعل البعض يأبون الجلوس في المنزل ويقضون يومهم بين كر وفر مع السلطات؟ الأمر راجع بالأساس إلى الجهل وانتشار الإشاعات والتأويلات، فمع كل الأسف المغاربة ليس لديهم التفكير الواقعي المنطقي بأننا اليوم أمام حقيقتين لا مفر منهما، وهما ارتفاع الإصابات المسجلة بفيروس "كورونا" ونزول السلطات لتدبير هذه المرحلة، ثم الموت، ولذلك فكل إشاعة كيفما كان نوعها يجب أن تنهار أمام هاتين الحقيقتين. كما نجد أن عددا من الأفراد ليسوا متعودين على هذه الوضعية المستجدة وغير المسبوقة، ولا على برنامج يومي لا يشمل الجلوس في المقهى لساعات طويلة، دون فائدة، أو قضاء الوقت في التجمعات الفارغة، وهذه مسألة ثقافة بالدرجة الأولى، فلو كانت للمغاربة ثقافة معاكسة، يتعودون من خلالها على القراءة وعدم تضييع الوقت في التفاهات، لكان من السهل عليهم تحمل المكوث في المنزل فترة طويلة. من جهة أخرى، نجد أن الفئات التي تخرق قواعد الحجر الصحي تتحدر من الأوساط الفقيرة، وتعتمد على الأنشطة التي تقوم بها خارج المنزل من أجل جني قوت يومها، ونذكر على سبيل المثال الباعة المتجولين وأصحاب "الفراشات"، بالتالي وجب على الحكومة أن يكون لها صندوق طوارئ دائم لتوفير أساسيات الحياة لمثل هذه الفئات خلال الأزمات. ماذا عمن يستغلون فترة الحجر الصحي لإبداع النكت حول الفيروس، هل هو بدافع الترفيه أم الاستهتار أم صناعة الأمل؟ صناعة الأمل لا تأتي بالتفاهات والنكت. لا حرج في إبداع نكت للترفيه، بعيدة عما نعيشه اليوم، لكن من غير المقبول إصدار نكت أو إشاعات فارغة تستهين بالوضع الحالي وبالفيروس، بل يجب التحلي بالحس الوطني والمساهمة في إقناع الناس بخطورته، ليس لدرجة الهلع والتخويف التي قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه (الوساوس والقلق)، بل الاعتدال في ذلك والإبداع بشكل إيجابي، كما هو الأمر بالنسبة إلى بعد الدول الغربية، من قبيل التنشيط الموسيقي للأحياء السكنية وما إلى ذلك. كيف ستتغير أنماط العلاقات الاجتماعية بعد أزمة كورونا؟ يمكن أن نقول إن هذا فيروس شيوعي، إذ أنه تبنى النظام الشيوعي لمصدره الذي هو الصين، وساوى جميع طبقات المجتمع، سواء الغنية أو الفقيرة أو المتوسطة، كما ساهم في إظهار النزعات الإنسانية والتآزر بين المغاربة، وكذا بين الدول، فالأمر لا يتعلق بفيروس ضد دولة أو شخص أو مجتمع، بل ضد البشرية، لذلك تحتم على الجميع التكاثف لمواجهته. لقد ألغى فيروس "كورونا" الفوارق الاجتماعية، وأظهر روح الوطنية لدى المغاربة، وعلى الدولة استثمارها لمواجهة التحديات المقبلة. أجرت الحوار : يسرى عويفي

الفوارق الاجتماعية ألغيت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الطوارئ تنهي "السيبة" في الصفقات

وصفات طبية بـ "واتساب"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات