بانتهاء هذا اليوم، سندخل مرحلة ما بعد الألف إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد، إذ انطلق منحنى الإصابات اليومية، منذ أول أمس (السبت)، في تسجيل أرقام مفزعة، تتجاوز 120 إصابة. إن الوضع أضحى مخيفا بكل المقاييس، وعلى المغاربة (كل المغاربة) أن يأخذوا الأمر بجدية أكبر، فلا مجال للاستهتار والعبث مع كائنات فيروسية منتهية الصغر ستفتك بنا جميعا دون رحمة، إذا استمر البعض في خرق إجراءات الوقاية والحجر الصحي. فالوصول إلى سقف 1000 حالة في 34 يوما، يمكن نسبيا أن يطمئننا على التدابير الاستباقية التي اتخذتها الدولة، لكن هذا الارتفاع المضطرد في الأرقام اليومية، يبعث إشارات سلبية بأننا لسنا في حل من الكارثة، التي عمت بلدانا أكثر تماسكا اقتصاديا وصحيا وإمكانيات مالية هائلة، ورغم ذلك هزمها كورونا شر هزيمة. ولأننا نحب الحياة، سنظل نلح على ضرورة اتخاذ أقصى أشكال الحماية الاجتماعية والابتعاد السكاني ضد الفيروس، الذي ينتشر طبيعيا وعدديا في التجمعات وأماكن الاختلاط العمومية، وهنا يتغذى ويكبر ويتكاثر، ومتى منعنا عنه أوكسجين الاختلاط، انتهى ومات. إن الخروج للشارع يعطي للفيروس فرصة البقاء بيننا أطول مدة ممكنة، وهو ما نرفضه بكل تأكيد، أما الذين يبذلون ما في وسعهم لتجاوز هذه المحنة، عليهم بالصبر والإيمان بقضاء الله وقدره، وتدبير بلائه التدبير الحسن. إن الجميع يدرك اليوم دقة المرحلة وصعوبتها وغموضها، في الوقت نفسه، إذ لا يعرف أي أحد، على وجه التدقيق، ماذا سيحدث غدا أو بعد غد. فما تحقق اليوم، بفضل تضامن وتكتل مكونات الحكومة والشعب، على مستوى البنيات الصحية والدعم القوي للمؤسسة العسكرية المواطنة، لم يتحقق منذ سنوات في بلد فقير بإمكانياته وموارده واقتصاده ونموه. فبفضل هذه المجهودات المبذولة في تجهيز المستشفيات وبناء وحدات جديدة على مشارف المدن، واقتناء الأسرة والمعدات وأجهزة التنفس الاصطناعي ومعدات الكشف وأخذ العينات والتحليلات المخبرية، يمكن أن نتغلب على جزء كبير من تداعيات المرض القاتل، وسنتغلب عليه أكثر إذا التزم الجميع بمقتضيات حالة الطوارئ الصحية. إن توزيع الدعم على الأسر المتضررة بأشكال مختلفة، يعتبر أيضا بارقة أمل، ودليلا قاطعا على أن الدولة لا تنسى أبناءها في المحن الكبرى. انطلاقا من بداية الأسبوع، سيشرع في صرف الدفعات الأولى من الحوالات المالية للأسر المسجلة في "راميد"، وهو التوقيت نفسه، للأسف، الذي يتوقع أن يستمر فيه منحنى الإصابات اليومية في الارتفاع، ما يتطلب من المواطنين أخذ جميع الاحتياطات اللازمة عند الخروج والدخول إلى المنازل، وتفادي الاختلاط في وكالات الأداء، أو عند الشبابيك الاوتوماتيكية. إننا في حرب مفتوحة، تزداد شراستها يوما بعد يوم، وسلاحنا الوحيد فيها، البقاء في البيوت، حتى نحمي ظهور ضباط وجنود الخندق الأول. آلاف الأطباء والممرضين والتقنيين ورجال الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية ورجال السلطة ورجال المؤسسة العسكرية، من أبنائنا وأبنائكم، أرواحهم الآن أمانة في رقابنا. فإما أن نحميهم بالتزامنا بالحجر الصحي. أو نشيعهم في جنازات جماعية إلى المقابر. فلكم الخيار.