فنان الفبركة بالجديدة

كانت سيارة الإسعاف تتردد بين فترة وأخرى على محطات بنزين ومدارة فرنسا قرب مستوصف سيدي يحيى، لتقديم النجدة لشخص سنه لا يزيد عن 45 سنة، أضحى وجها مألوفا لدى الوقاية المدنية ومستعجلات المستشفى الإقليمي محمد الخامس ومصلحة حوادث السير ، عندما كان مقرها بالقرب من مسجد التازي. هو شخص قوي البنية دأب على اصطياد ضحاياه، خاصة من محطات توزيع الوقود، إذ وهم منهمكون بالتزود بحاجياتهم، يتظاهر بالسقوط أمام سياراتهم ويبدأ في إصدار أنين وصراخ كما لو أنه مصاب بالفعل. واستمر على هذا الحال لفترة طويلة، وكانت تلك وسيلته في الحصول على تعويضات مهمة من أحكام لصالحه، درت عليه مداخيل حوادث وهمية ، ساعدته على تحسين وضعه الاجتماعي. وأضحى يحفظ عن ظهر قلب مراحل التقاضي ومدد العجز البدني، وكل ما يرتبط بحوادث السير، بل بدأ البعض يستشيره في العديد من الأمور المتعلقة بحوادث السير. وظل ذاك حاله. وفي أحد أيام الصيف قبل أكثر من عشر سنوات، توقفت سيارة بمحطة وقود قرب مدارة فرنسا، وبعد أن تزود صاحبها بالبنزين، هم بتشغيل محرك سيارته قبل أن ينبهه شخص، ظهر فيما بعد أنه يلعب دور شاهد رئيسي في معظم الحوادث الوهمية التي "يفبركها" البطل، حيث نبه السائق أنه صدم شخصا مرميا بجانب العجلة، وبعدها بدأ مسلسل مفاوضات وصل إلى مبلغ 1000 درهم، لكنه لم يقنع بذلك وأصر على حضور الأمن والوقاية المدنية. وتم نقله إلى مستعجلات المستشفى واستصدر شهادة طبية وصلت مدة العجز فيها إلى ستين يوما قابلة للتمديد وأدلى بشهادة تفيد أنه لما كان طريح الفراش، تعرضت بضاعته وهي عبارة عن كميات من الموز كان يخبئها في مخزن للتلف، وقدر قيمتها بأربعة ملايين سنتيم، وبعد عدة جلسات حكمت المحكمة لصالحه ابتدائيا. استأنف السائق الحكم وقرر أن ينتصب مدافعا عن نفسه في المرحلة الاستئنافية، وحينما مُنحت له الكلمة كشف أمام هيأة الحكم زيف حادثة السير، التي يتابع من أجلها وأنها وهمية على غرار حوادث أخرى حكم فيها لصالح "المفبرك". وخاطب الهيأة "إن الضحية أضحى وجها مألوفا لديكم، هو وحده دون غيره المعرض لحوادث سير. إنه يتردد أمامكم باستمرار. لقد بحثت كثيرا في سجله الحافل مع حوادث سير وهمية، ومنها أنه لما أراد أن يقتني بقعة أرضية بدوار بالجديدة، تظاهر بصدمه من قبل سيارة أجرة ونال ما خطط له. ولما هم ببناء البقعة فبرك حادثة مع سيارة، ولما أراد تزويج ابنته سار على المنوال نفسه، واليوم عندما تعرض لي في محطة بنزين، فما عساه يكون قد خطط لتحقيقه؟، إن الضحية الماثل أمامكم تمرس بشكل رهيب على حوادث سير وهمية، يساعده فيها أطباء بمنحه شهادات عجز خيالية. أيعقل في الحادثة التي أتابع فيها أمامكم وسيارتي متوقفة بمحطة الوقود وسرعتها صفر، أن ينال شهادة طبية مدة العجز بها 60 يوما. أسند لسيادتكم النظر، عسى أن توقفوا هذا المسلسل الرهيب الذي له ما بعده". وبعد أن اختلت المحكمة للمداولة عادت لتنطق بحكم ألغى الحكم الابتدائي وقال ببراءة السائق. وخرج بطل حوادث السير الوهمية بخفي حنين، وسمع وهو يخاطب السائق "مالك أنت غادي تخلص من جيبك؟". عبد الله غيتومي (الجديدة)

فنان الفبركة بالجديدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اصطدامات لمراكمة الثروات

النيابة العامة تتعقب احتيال "حرب الطرق" بخريبكة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات