الوكالة الحضرية … بعبع المستثمرين

اختصاصات واسعة شكلت سيفا ذا حدين وقضية مراكش مؤشر فضح الفساد استهدفت وزارة الداخلية من خلال إنشائها للوكالات الحضرية، تأطير قطاع التعمير ورد الاعتبار للأنسجة القديمة، ومعالجة المشاكل الناجمة عن حركة التمدن. وبهذه القناعة بادرت إلى إحداث وكالات حضرية غطت كبريات مدن المملكة، البيضاء والرباط سلا وفاس وأكادير ومراكش، مرحلة أولى، تلتها بني ملال وطنجة ووجدة والحسيمة وتاونات ومكناس وتطوان والقنيطرة – سيدي قاسم والجديدة – آسفي والعيون وسطات، ثم جاءت بعد ذلك وكالات الرشيدية وورزازات-زاكورة والحسيمة والناظور وكلميم وغيرها من المدن. وتكمن أهمية الوكالات الحضرية في أنها ميدان التقاء مجموعة من المصالح المتضاربة والمتشعبة، فمن جهة هناك الملاكون العقاريون الذين يهدفون تحقيق أكبر ربح ممكن وهناك الطبقات الفقيرة التي تبحث عن إطار عيش ملائم، ومن جهة أخرى هناك السلطات العمومية التي تسعى إلى ضمان توازن معين، من أجل تحقيق الاستقرار الذي يعد ضروريا لكل تنمية. ومن هنا يظهر أن موقع الوكالة الحضرية يعد حساسا بالنسبة إلى الميكانيزمات المتحكمة في التعمير، وبالتالي فهي بنية لا يمكن التقليل من أهميتها خاصة في ميدان التخطيط العمراني للفضاء الجغرافي الذي تغطيه. ومن المهام الأخرى التي تضطلع بها الوكالات الحضرية، التخطيط العمراني الذي يشغل حيزا لا يستهان به ضمن اهتمامات الوكالة الحضرية، سواء تعلق الأمر بالقيام بالدراسات اللازمة لإعداد المخططات التوجيهية المتعلقة بالتهيئة الحضرية ومتابعة تنفيذ التوجهات المحددة لها، أو تحضير وثائق التعمير أو القيام بالدراسات. وطالما اشتكى المستثمرون من الصلاحيات الواسعة للوكالات الحضرية، باعتبارها سيفا ذا حدين، إذ أن تلك الاختصاصات القوية تجعل بعض مديريها يصبحون حجرة عثرة في طريق مشاريع الاستثمار، عن طريق فرض شروط يصعب تطبيقها في بعض الأحيان للاستجابة للمعايير التي تراها الوكالة الحضرية ضرورية إعمالا للقانون. وإضافة، إلى شكاوى وتوجسات المستثمرين من الأدوار المهمة التي تضطلع بها الوكالات الحضرية، يمكن أن تتحول تلك الاختصاصات الواسعة إلى علبة سوداء، يجد فيها منعدم الضمير مجالا خصبا للاغتناء السريع عن طريق الابتزاز والارتشاء، ولعل حالة (خ.و) مدير الوكالة الحضرية بمراكش الذي ضبط متلبسا في قضية ارتشاء، عبارة عن شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، و50 مليونا نقدا، بعد أن تحول إلى مبتز لأحد المستثمرين العقاريين والسياحيين. وتعود تفاصيل القضية التي هزت الرأي العام، إلى الشكاية المباشرة التي تقدم بها مستثمر مغربي، لدى رئيس النيابة العامة، يتهم فيها (خ.و) مدير الوكالة الحضرية بمراكش، بأنه طلب منه رشوة قدرها مليار سنتيم، مقابل الكف عن وضع العراقيل الإدارية، في طريق إتمام بناء المشتكي عمارة، وتسهيل حصوله على الوثائق الخاصة بمشروع سكني آخر بالمدينة نفسها. وسبق لمحمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام بالمغرب، أن أبدى ملاحظات حول اعتقال مدير الوكالة الحضرية بمراكش. وكشف، الناشط الحقوقي، أن الجمعية المغربية لحماية المال العام بجهة مراكش آسفي، سبق أن تقدمت بشكايات إلى الجهات القضائية وحتى الإدارية بخصوص «ما يعتري قطاع التعمير بالجهة عامة وبمراكش خاصة من اختلالات كبيرة وكيف حول البعض هذا القطاع إلى وسيلة للاغتناء بشكل فاحش وهو ما يتطلب إماطة اللثام عن نتائج البحث المتعلقة بهذه القضية». وأفاد المتحدث نفسه، أن جمعيته سجلت في أكثر من مناسبة، أن لوبي العقار يوظف لجنة الاستثناءات لإضفاء الشرعية على الفساد المستشري بالمدينة، تحت غطاء الاستثمار وتفويت العقار العمومي بأثمنة رمزية، ووقفت عند العديد من الحالات التي توثق للتلاعب بالقانون والمساطر، وكيف أن رخصا منحت في جنح الظلام. وشدد على دور الوكالة الحضرية بمراكش، في محاباة بعض الأشخاص الطبيعيين والمعنوييين، في ظل غياب الحكامة والشفافية في تدبير رخص ووثائق التعمير المتعلقة ببعض المشاريع. و سجل الناشط الحقوقي اغتناء بعض المنتخبين والمسؤولين، من خلال توظيف مواقعهم الوظيفية واستغلال مجال التعمير، حقلا خصبا للاغتناء السريع. محمد بها

الوكالة الحضرية … بعبع المستثمرين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فوزي: قاطرة لجلب الرساميل

الخوف... الهاجس الأكبر بفاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات