الموت يغيب شحرور

شيوخ يتشفون في وفاة المفكر السوري بسبب مواقفه التنويرية غيب الموت المفكر السوري محمد شحرور عن سن ناهز الحادية والثمانين، بأبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة، قبل أن ينقل جثمانه إلى دمشق بناء على وصيته. المفكر السوري الذي شغل الناس في الفترة الأخيرة بمؤلفاته التي تبنت مشروعا إصلاحيا خلخل مجموعة من الثوابت في الفكر الإسلامي، أعاد النظر في مجموعة من القضايا الدينية العالقة عبر سلسلة مؤلفات مثيرة للجدل منذ مطلع التسعينات. ورغم أن مواقف شحرور اتسمت بالاعتدال في محاولة منه التخفيف من التعارض بين الفكر الإسلامي والحقائق والمعارف العلمية، عبر تفسيرات تجعل النص الديني يواكب ويلائم روح العصر، إلا أنه لم يسلم من حملات التكفير التي طالته من قبل الأصوليين وشيوخ السلفية، الذين بلغ بهم الأمر إلى حد التشفي فيه بعد إعلان وفاته، منهم الشيخ المغربي حسن الكتاني والشيخ عدنان أمامة وغيرهما. شحرور الذي جاء من عالم الهندسة المدنية التي درسها بموسكو وامتهن تدريسها لسنوات بجامعات سوريا، انشغل بالموازاة مع ذلك بقضايا الفكر الإسلامي، بدءا بكتابه "الكتاب والقرآن، قراءة معاصرة" الذي صدر مطلع التسعينات، وهو محاولة لقراءة جديدة للقرآن من خلال مقاربة تحليلية للغة العربية المستخدمة في بداية القرن السابع والتي كتب بها النص القرآني. ثم قدم بعد ذلك العديد من المؤلفات والمقالات، التي تقدم نقداً لكل التفاسير التقليدية السابقة. وتواترت مؤلفات شحرور منذ هذه المرحلة إلى السنوات الأخيرة بعناوين مختلفة، يوحدها خيط ناظم هو التفكير في تناقضات الإسلام وتطورات العصر، منها كتاب "الدولة والمجتمع" و"الإسلام والإيمان" و"نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي" ثم "تجفيف منابع الإرهاب" و"القصص القرآني" و"الدين والسلطة.. قراءة معاصرة للحاكمية" و"فقه المرأة.. نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي" وغيرها. ومن المواقف التي جلبت على الراحل شحرور، سخط الأصوليين والتيارات المحافظة، دعوته، رفقة مجموعة من المثقفين إلى إعادة تفسير مختلف جذري للقرآن في ندوة علمية في القاهرة بعنوان "الإسلام والإصلاح" أقيمت سنة 2004. وتعرضت أفكار محمد شحرور للهجوم من قبل الأصوليين، لدرجة أن اثنين من مشايخ الأزهر أعلنا أنه مرتد، فضلا عن منع تداول مؤلفاته في العديد من الدول العربية، كما قدمت هذه الدول الأموال الكثيرة من أجل تأليف عشرات الكتب ضد شحرور وأفكاره. ويعتبر شحرور أن أزمة الإسلام الحقيقية بدأت "في القرن الثاني والثالث الهجري عندما استقر الحكم للعباسيين وأصبحت الدولة قوية جدا، مرجعية الدولة كانت هي شخصية النبي محمد، فلاحظ العرب أن "الإنجيل" بمثابة السيرة الذاتية للمسيح وبالتالي تمت كتابة السيرة البنيوية، فصار النبي محمد مركز الدين الإسلامي وليس المصحف". وفي كتابه "الدين والسلطة: قراءة معاصرة للحاكميّة"، كتب شحرور: "في عصر التدوين بالقرن الثاني الهجري، تم تأطير الإسلام ضمن أطر مازالت موجودة حتى يومنا هذا، وتم تعريف السنة، ووضع أصول الفقه، وحتى أصول اللغة العربية، ضمن أطر نبعت من المعارف السائدة، أي من قبل أناس محكومين بالنظم المعرفية السائدة في ذلك الوقت". وأضاف "ولما كان الله مطلقا، وما عداه نسبي، فكل ما تم وضعه كان من باب تفاعل الناس مع التنزيل منسوبا إلى القرن الثاني الهجري، وبعد وضع هذه الأطر التي لا خروج عنها، اقتصر البحث في الممكنات العقلية، التي يمكن استنباطها ضمن هذه الأطر والنظم، حتى يومنا هذا، إلى أن تم استنفادها". عزيز المجدوب

الموت يغيب شحرور

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مخطط خاص لنظافة أحياء القصدير

بنشهيدة و"الحرية"

مقالات ذات صلة