لكحل: الإسلاميـون خـارج التاريـخ

المفكر لكحل قال إن مشاكل الشعب يحصرونها في المرأة والاختلاط والحجاب أكد المفكر سعيد لكحل أن دعوات عدم الاختلاط بين الجنسين، تتعارض مع مقاصد الدين الإسلامي، ومحاولة من أصحابها لإخفاء حقيقة ضعفهم أمام غرائزهم، كلما رأوا المرأة أو وجدوا معها في مكان واحد، فكل ثقافتهم تدور حول الجنس، والدليل أن أمانيهم في الآخرة الظفر بحور العين. < كيف تعلق على خرجة سلفيين يدعون فيها إلى منع الاختلاط في المؤسسات التعليمية؟ < تيار الإسلام السياسي عموما بمختلف فصائله، وعلى رأسها التيار السلفي الوهابي، يركز اهتمامه وانشغاله بكل الأمور التي تدخل ضمن إستراتيجية الحجر على النساء وفرض الوصاية التامة عليهن وتقييد أنشطتهن. فهذا التيار ينطلق من عقائد وضعها شيوخه، تتناقض مع جوهر الدين الإسلامي ومقاصده، ومن تلك العقائد أن النساء مصدر الشرور ومثار الغواية والإغراء للرجال، ومن ثم تحميلهن مسؤولية كل الانحرافات الأخلاقية وحتى الجرائم التي يتعرضن لها، بل يعتبر أتباع هذا التيار أن المصائب التي تصيب المسلمين والكوارث الطبيعية هي عقاب من الله لهم بسبب الفساد الذي مصدره النساء. من هنا يشدد هذا التيار على الفصل التام بين الجنسين في الأماكن العامة وأماكن العمل والدراسة، وحتى داخل المنازل في ما بين الأبناء والبنات. لهذا كثرت فتاوى شيوخ هذا التيار تحذر من بقاء الأب مع ابنته في المنزل أو الأخ وأخته، كما تحرم الاختلاط في المؤسسات التعليمية ووسائل النقل. كما "تصايح" أتباع هذا التيار عند بداية الصيف بالفصل بين الجنسين في الشواطئ، والأمر نفسه، عند بداية الموسم الدراسي. لم تشغل هذا التيار قضايا نهب الثروة الوطنية وتبذيرها ولا ظواهر البطالة والإجرام وأطفال الشوارع ولا غلاء الأسعار والرشوة وضعف الخدمات الاجتماعية. كل مشاكل الشعب والوطن يحصرونها في المرأة والاختلاط والحجاب والنقاب. فأتباع هذا التيار يضعون أنفسهم خارج التاريخ ويسعون يائسين إلى تحنيط المجتمع وتجميد حركيته، ووقف تطوره حتى يوافق معتقداتهم، والمضحك/ المبكي، أن شيوخ السلفية الوهابية أصدروا فتوى تحرم دفن الموتى من الذكور والإناث مختلطين في المقبرة نفسها. < الملاحظ أنه في كل سنة يتم تبني هذا الخطاب العدمي، لماذا؟ < إن لم يهتم التيار الإسلامي بقضية الاختلاط والحجاب سيعيش الفراغ والبطالة، لأن المشاكل الحقيقية التي يعيشها المجتمع المغربي تظل خارج انشغال هذا التيار، وحتى لو حاول الاهتمام بها، فليست له الدراية والخبرة والمعرفة ليعالجها معالجة موضوعية ويقدم بشأنها حلولا عملية. فأصل المشاكل عنده هو عدم تطبيق شرع الله الذي يحرم الاختلاط ويحتجز النساء في البيوت، أي يحجب مصدر الفتنة والغواية عن الذكور. فافتقار هذا التيار لرؤية علمية للمجتمع ومشاكله، تجعله عاجزا عن تقديم الحلول العملية والفعالة التي تخرج الناس من مشاكلهم. بينما الخطاب الأخلاقوي يجد صداه عند العامة بسبب الأمية والجهل وتأثير الإيديولوجيا الإسلاموية على فئات من الشعب نتيجة إستراتيجية أسلمة المجتمع وأخونته/سلفنته، منذ سبعينات القرن العشرين. لهذا ينتعش خطاب هذا التيار وسط هذه الفئات التي هي ضحية فقه ذكوري أبا عن جد. < من وجهة نظرك هل الإسلام منع الاختلاط بين الجنسين أم أن الأمر مجرد اجتهادات تخص المتأسلمين فقط ؟ < بالعودة إلى نصوص القرآن الكريم والحديث الصحيح، لا نجد ما يدعو إلى الفصل بين الجنسية في الأماكن العامة. فالنصوص الواردة تحض على غض البصر وحفظ الفروج، وهذا لا يكون إلا باختلاط الجنسين. فحتى في الأماكن المقدسة وأثناء أداء شعائر الحج ظل الناس يؤدونها مختلطين ذكورا وإناثا منذ البعثة النبوية وإلى الآن. فالطواف حول الكعبة، وهي أقدس بقعة عند المسلمين وأطهرها، يكون بالاختلاط، ولم يحدث أن تم الفصل بين الجنسين حتى حين كانت أعدادهم قليلة زمن الرسول (ص) والخلفاء من بعده. والصورة نفسها (الاختلاط) يتم بها السعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمرات والوقوف بعرفة، وحتى الصلاة في المسجد الحرام كانت مختلطة في فترات طويلة. وصلاة الرجل بجانب المرأة أو خلفها لا تبطل صلاته. وهذا ما سبق وأفتى به ابن باز (الصلاة صحيحة والحمد لله وهذا يقع كثيرا في المسجد الحرام، والمسجد النبوي عند زحمة الناس وقت الحج، يختلط الرجال بالنساء، فالصلاة صحيحة، ولكن يجب على النساء أن يتأخرن عن الرجال، وليس لهن أن يتقدمن بين الرجال، أو أمام الرجال، لكن إذا وقع ذلك بسبب الزحام، فالصلاة صحيحة، ولا يضر ذلك، والحمد لله.) < البعض اعتبر أن هذه الخرجة تكشف أن السلفيين ما زالوا يعتبرون المرأة دمية للجنس، ما رأيك؟ < بالتأكيد، فعقائد تيار الإسلام السياسي عموما والسلفي الوهابي خصوصا، كلها تتمحور حول جسد المرأة باعتباره موضوعا للمتعة. لهذا يفتون بأشد الفتاوى شذوذا، منها تحريم سباحة المرأة في البحر أو المسبح حتى لا يتسرب الماء وهو مذكر إلى فرجها. فتاواهم تلك تجد مرجعها في التراث الفقهي الذي يضم سيلا من الفتاوى التي لا تلزم الزوج بالإنفاق على زوجته في حالة النشوز ومنعه من الاستمتاع بجسدها، وبالمناسبة ظلت مدونة الأحوال الشخصية في المغرب تعمل بهذه الفتوى. كما توجد فتاوى أخرى لا تلزم الزوج بمصاريف علاج زوجته ولا حتى بكفنها عند الوفاة لأنه لم يعد يستمتع بجسدها. ومن تلك الفتاوى نجد (أن النفقة وجبت مقابل تمكين الزوجة من نفسها، فإذا امتنعت من ذلك سقط حقها فيها، كالبائع إذا رفض تسليم المبيع، فإنه يسقط حقه في الثمن، ومعلوم أن العقد شريعة المتعاقدين، فإذا أخل أحد المتعاقدين بما عليه من واجب سقط ما له من حق يقابله.). والحقيقة أن الإسلاميين والسلفيين لا يؤمنون بقدرات المرأة الفكرية والتقنية ولا بمؤهلاتها المعرفية، ولا يعترفون لها بها مهما بلغت درجاتها العلمية، لهذا يحرمون عليها أن تكون ولية على نفسها في الزواج أو ولية على أبنائها، كما يرفضون سفرها دون محرم يرافقها خوفا عليها من إتيان الفاحشة. بينما الحقيقة التي يخشى الكشف عنها هي ضعف الذكور الإسلاميين والسلفيين أمام غرائزهم، كلما رأوا المرأة أو وجدوا معها في مكان واحد. فكل ثقافتهم تدور حول الجنس، حتى غدا هاجسهم الأساسي ومحركهم الرئيسي حتى في عباداتهم التي يبتغون بها الفوز بالحور العين. أجرى الحوار : مصطفى لطفي

لكحل: الإسلاميـون خـارج التاريـخ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أزمة النقل تشل البيضاء

هيكلة جديدة تزكي صلاحيات العثماني

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات