احتجاجات واحتياطات أمنية وقضايا المخدرات والسرقة طاغية على ملفات غرفة الجنح إعداد: حميد الأبيض (فاس) عاشت استئنافية فاس، الثلاثاء الماضي، يوما استثنائيا تزامنا مع محاكمة حامي الدين القيادي في العدالة والتنمية، التي فرضت إلغاء جلسات غرفة الجنايات الاستئنافية، وحتمت اتخاذ احتياطات أمنية مشددة بالمحكمة بمحيطها، تلافيا لأي اصطدام بين نشطاء حزبه وفعاليات حقوقية وطلبة غاضبين أوقفوا احتجاجهم سريعا لتزامن هذه المحاكمة مع فترة الامتحانات. حركة غير عادية خارج وداخل استئنافية فاس. حواجز حديدية تحاصر بابها وتؤثث ساحة مقابلة في شارع الحسن الثاني. تأهب واحتياط أمني ملحوظ بكل الممرات المؤدية إليها. دخولها مراقب، وأعين إعلاميين مترصدة باحثة عن صورة التميز لقيادي حزبي يلاحقه دم بنعيسى الشهيد. الإخوان تجمعوا صامتين يمين النافورة، والرفاق أثثوا يسارها بلافتات حبلى بصور الطالب القاعدي محمد آيت الجيد، ضحية فقهاء الظلام قبل 26 سنة.. عبد العالي حامي الدين برلماني ونائب رئيس المجلس الوطني للعدالة والتنمية ورئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، ضيف "فوق العادة" بردهات المحكمة صباح الثلاثاء الماضي، والمحتجون طلبة لم يمنعهم الامتحان من الحضور ولطخوا صوره بالدم، قبل الجهر بشعارات حماسية اتهمته بالقاتل. في نحو التاسعة والنصف حضر محفوفا بدفاعه وإخوانه بالحزب، فهرول المدججون بكاميراتهم وهواتفهم لالتقاط صور وفيديوهات البوز، وارتفع إيقاع الشعارات وغضب الحناجر. مسؤولون في جماعات ومقاطعات، أغلقوا مكاتبهم المكيفة وحضروا دعما لأخ أقسموا ألا "يسلموه" للقضاء. هدوء القاعة التأهب ذاته ملحوظ بفناء طابق المحكمة وبالقاعة 2 حيث تفرق الذكور عن الإناث فوق كراس خشبية. للراسين عليها شأن ومركز اجتماعي وسياسي، يجعلها آمنة من طيش شباب الفئات "المسحوقة" الذين ألفوا خط رسوم ضياعهم في كتابات عليها. يكثر العناق والتحية بالحضن وبدونه، بالقاعة وخارجها. وتتساءل قريبات متهمي غرفة الجنح بالقاعة المقابلة، عن دافع زحف أصحاب ربطات الأعناق. اعتقدن بافتتاح سنة قضائية أو نشاط، وصدمن بنبأ محاكمة شخص بوزن سياسي، لتسأل إحداهن ساخرة "حتى هم كيتحاكمو، حساب لي غير حنا". تحشر القاعة بمن خارجها، بدخول هيأة الحكم المطعمة بقاضيين في الرئاسة والنيابة العامة. ويقف الجميع احتراما للمحكمة، قبل أن يؤذن لهم بالجلوس وينادى على المتهم والطرف المدني والخمار الحديوي رفيق بنعيسى والشاهد على قتله قرب معمل للمشروبات الغازية بحي سيدي إبراهيم. ملفه جاهز لمناقشة طويلة دامت 7 ساعات، بدأت بدفوع شكلية ببطلان المتابعة وسقوط الدعوى العمومية، تقدم بها دفاعه أولهم نقيب رافع في ساعتين قبل تدخل إخوانه ورد ممثل الحق العام وطلب دفاع الطرف المدني، مهلة للرد حددها القاضي محمد لحية رئيس الجلسة، في 3 أسابيع. طول محاكمة طول هذه المحاكمة دفع الهيأة لرفع الجلسة لساعة استغلت بعدها الفرصة للبت في باقي الملفات الجنائية المدرجة وغير الجاهزة. لم يدم ذلك طويلا، ما استغله البعض للقيام بإطلالة على القاعة 1 حيث النظر جار في الملفات الجنحية المحالة من ابتدائيات صفرو وتاونات وبولمان وفاس. 96 ملفا جنحيا استئنافيا مدرجا، 39 منها صدرت فيها أحكام أغلبها بالتأييد وتخفيض العقوبة في حق 42 متهما، وثلثا باقي الملف، المتابع فيها 72 متهما ومتهمة، نوقشا في تلك الجلسة التي لم تطل بنفس ساعات محاكمة حامي الدين، وأدرجت في المداولة بعد أسبوع أو اثنين. 44 ملفا جاهزا نوقشت في زمن أقل من تقديم دفوع شكلية في ملف وحيد، جلها للضرب والجرح بالسلاح والسرقة ومسك المخدرات وتسهيل استعمالها على الغير وزراعة القنب الهندي والسكر العلني البين، وبينها أخرى لهتك عرض قاصر والنصب وخيانة الأمانة والعنف ضد الأصول. معظم المتابعين فيها معتقلون يقضون العقوبات المتفاوتة المحكومين بها ابتدائيا من قبل ابتدائيات الدائرة القضائية، بسجن بوركايز الذي أحضروا منه تباعا، وآخرون أنهوها وينتظرون قرارات استئنافية قد ترفعها أو تخفضها بعد استرجاعهم حرية فقدوها في الزنازين الباردة. تخفيض أحكام كل الملفات المحكومة صدر فيها تأييد بما فيها أمر صادر عن قاضي الأحداث بابتدائية ميسور ضد حدث متهم بالضرب والجرح بواسطة السلاح، دون مراجعة للحكم الابتدائي في كل حيثيات منطوقه في 13 ملفا أغلبها للضرب والجرح والسرقة وتعددها واستهلاك وترويج المخدرات. تعديل الحكم وتخفيض العقوبة الحبسية في حقهم بنسب متفاوتة من حالة إلى أخرى، استفاد منهما 59 متهما ومتهمة، منهم 3 متهمين خفضت عقوبتهم لسنتين حبسا نافذا، و5 خفضت عقوبتهم إلى سنة واحدة، والباقي إلى مدة أقل وصلت لشهرين في أدناها، مراعاة لظروفهم الاجتماعية. وتعكس طبيعة ونوعية الملفات الواردة على غرفة الجنح الاستئنافية من محاكم الدائرة الابتدائية، التي تطغى عليها تلك لزراعة المخدرات وإنتاجها واستهلاكها وتسهيل استعمالها على الغير، ميزة ملفات تاونات المعنية بهذه الزراعة التي اجتاحت مساحات كبيرة من أراضيها، خاصة بغفساي. وتحتل ملفات السرقة غير المشددة، رتبة متقدمة في لائحة هذه الملفات، كما الضرب والجرح بالسلاح الأبيض وخيانة الأمانة والنصب وانتحال اسم شخص آخر، من شأنه تقييد حكم بالإدانة في السجل العدلي، والسكر العلني البين وما يرتبط من جنح متفرعة مرتبطة بالعنف. جرائم الأموال فسح رفع جلسة محاكمة حامي الدين، الفرصة للنظر في 4 ملفات للجرائم المالية محالة على هذا القسم المختص بغرفة الجنايات الابتدائية، من طرف قاضي التحقيق، يتابع فيها 7 متهمين، اثنان في حالة اعتقال والباقي سرحوا مقابل كفالات مالية متفاوتة أثناء مرحلة التحقيق أو بعدها. عمالة مكناس طرف مدني في الملف يتابع فيه معتقلان، المؤجل النظر فيه إلى 9 يوليوز لمكاتبة نقابة المحامين لتعيين محام للدفاع عن أحدهما، بعد تعيينه في 2 يونيو، فيما أجلت هيأة الحكم الملفات الثلاثة الأخرى، إلى 16 من الشهر نفسه، لأسباب مختلفة، معظمها لإعداد الدفاع والاطلاع. وانتصبت مؤسسة للتمويل الأصغر، طرفا مدنيا في ملف جنائي يتابع فيه 3 من مستخدميها بتهم تبديد أموال عامة والمشاركة في ذلك والنصب والتزوير في محرر بنكي واستعماله والمس بنظام المعالجة الآلية للمعطيات، بعد اكتشاف اختلالات في ماليتها من طرف لجنة تفتيش مركزية. ملف من بين الملفات المالية الثلاثة، يعود إلى سنتين ويتابع فيه بنكي متهم بجناية "اختلاس وتبديد أموال عامة وخاصة التزوير في شهادات بنكية واستعمالها"، كما موظف للبريد بنك، يتابع في حالة سراح في ملف آخر، وتخلف عن حضور أولى جلسات محاكمته أمام الغرفة.