الاستقلال بين منطق الولاء للعائلة وتجديد النخب

الانتماء إلى لوبي الأسر التقليدية العتيقة مسلك طبيعي لتسلق المناصب بسرعة ترى فعاليات استقلالية أنه آن الأوان للدفع بجيل جديد من الاستقلاليين لقيادة الحزب، والقطع مع جيل عباس الفاسي وعبد الواحد الفاسي الذي أصبح متجاوزا بحكم طبيعة الأشياء والأحداث. وتشدد الفعاليات الشبابية داخل حزب علال الفاسي أن الاستقلال في حاجة ماسة اليوم إلى تجديد شرايينه بجيل جديد من الكفاءات بعيدا عن عوامل المحسوبية والزبونية والقرب من الدوائر العائلية الضيقة لتقلد مناصب المسؤولية، فالأكيد أن هيمنة آل الفاسي على تحمل المسؤوليات داخل الحزب والحكومة اعتمدت بشكل كبير، خلال السنوات الأخيرة، على معايير المصاهرة والقرب من الغيتو العائلي القوي، وهو ما أساء إلى صورة حزب وطني كبير دبرت شؤونه منذ زمن رموز تاريخية من العيار الثقيل. إشعاع حزب الاستقلال، وإن تراجع في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه لم يمنع من أن يظل حزبا تقليديا و"ماكينة انتخابية" قوية قادرة على إدماج نخب تنتمي إلى مشارب اجتماعية ومهنية شتى، إلا أن هيمنة الدائرة الضيقة للعائلة على مركز القرار جعلته عرضة لجمود تنظيمي ورهينة بين آيادي لوبي المصالح المالية والسياسية، بعيدا عن حس الانتماء إلى قناعات الحزب ومبادئه، كما تفضل العديد من الأصوات المهمشة داخل الحزب التأكيد عليه.في نظر هؤلاء، يجتاز الاستقلال مرحلة صعبة، تفرض عليه التماهي تنظيميا مع التغييرات التي حصلت في البلاد، و تبدو، في نظر أطره، الحاجة ماسة إلى "بروفايلات" جديدة لتقلد المسؤوليات داخل الحزب.بروفايل الأمين عام المقبل يظل الرهان الأساسي لمؤتمر الاستقلال، لأنه يتعلق ببروفايل رئيس حكومة في الوقت ذاته، فهل الحزب قادر على إنتاج شخصية تنتمي إلى الجيل الجديد داخل الحزب تؤمن بالعمل المؤسساتي بدلا من تيمات سياسية تقليدانية، تعتمد الطاعة والولاء معيارا للتدرج السريع داخل الحزب، بدلا من الكفاءة والعمل الجاد؟ لذا فـإن الإعداد للمؤتمر يتم في أجواء فاترة ودون رهانات كبرى، في ظل اعتبار العديد من الاستقلاليين أن المؤتمر القادم مجرد مؤتمر انتقالي لمرحلة ما بعد عباس الفاسي. و يبدو أن الاستقلاليين لا يعولون كثيرا على ضخ دماء جديدة في الحزب، ف"كثير من الأطر الاستقلالية تشعر بالإحباط نتيجة ممارسات القيــادة، وبعد أن تبين لها أن هناك قنوات أخرى لتحمل المسؤوليات أكثر فعالية من قنوات النضال". تعدد الترشيحات للأمانة العامة أمر وارد، لكنه يبقى صعبا، فالحزب يريد الدخول موحدا إلى المؤتمــر، ويفضل وضع حد لصراع الأجنحة، عن طريق التوافق على مرشح وحيد، والذي لن يكون سوى ، عبد الواحد الفاسي، يؤكــد مصدر من اللجنة التنفيذية، لكن مصادر موازية لا تستبعد، مع ذلك، تعــدد المرشحين، مع الانسحاب من سباق الأمانة العامة في آخر لحظة، في حال الاتـفــاق على شخص وحيد خلال أشغال المؤتمـر، وجــس نبض الجهات العليا.ويتذكر الجميع انسحاب امحمد الدويري من سباق الأمانة العامة لفائدة امحمد بوستة، لما طلب المؤتمر من أحد المرشحين التنازل.وهناك تفكير في إضافة منصب الرئيس مجلس الوطني ورفع عدد أعضاء مجلس الرئاسة، وانتخاب الأمين العام ونائبه في الوقــت ذاته من طرف المجلس الوطني، من أجل إضفاء المزيــد من الحيوية على الحزب وإخراجه من نفــق الجمــود الــذي اعتــراه في السنوات الأخيرة، لذا فالــرهـان الأساسي في المؤتمر المقبل ستحمله لجنة القوانين والأنظمة التي ينتظر منها الشيء الكثير.تفضيل المرشحين المفترضين عدم الإعلان الرسمي عن الترشح للأمانة العامة خلفا لعباس الفاسي، مرده إلى محاولة جس نبض الجهات النافذة داخل الحزب، وانتظار ما تستسفر عنه المفاوضات بين الأجنحة المتحكمة، خاصة الجناح النقــابي بقيادة حميد شباط الذي يراهن بقــوة على تمثلية واسعة لرجــالاته في اللجنة التنفيــذية، وقد يدفع بمرشح منــافس لعبد الواحد الفاسي، رغم أن الأخير يحظى بدعـم كبير من قبل عباس الفـاسي، ويظل مرشحا فوق العـادة لقيادة سفينة الحزب في السنوات المقبلة، رغم عــدم توفره، في نظر البعض على كاريزيما القيادة، إذ عرف عنه الخجل والتردد وتفادي المواجهة. وهو ما دفع البعض إلى الحديث عن شباب في الحزب يتمتعون بكفاءات وجمع بين التجربة والسن ويمكنهم الترشح، راكموا تجارب في مجالات التسيير ووضع البرامج، وبإمكانهم النجاح في هذه المهمة. رشيد باحة

الاستقلال بين منطق الولاء للعائلة وتجديد النخب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مؤتمر الاستقلال... محاكمة تجربة الحكومة

الاستقلال... شرعية العائلة والمشروعية الديمقراطية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات